شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأسد الإنجليزي والنمر الفرنسي
وبهذا الانتخاب قاد ولسون الحرب العالمية مشاركاً قادتها الأوروبيين الآخرين "النمر الإفرنسي" المشهور "جورج كلمنصو"، والأسد البريطاني "لويد جورج"، وقذف بثقل وبقوى أمريكا كلها في أتون الحرب، حتى ربح الحلفاء "أمريكا وبريطانية وفرنسا وإيطاليا" النصر، وهزم "الريخ الألماني" الجبار شرّ هزيمة، كبل بعدها بمعاهدة "فرساي" التي قضت على جبروته وعلى "بروسيته" وغطرسته وتعاليه. وفي أوائل عام 1918م، أعلن الرئيس ولسون على العالم مبادئه الأربعة عشر التي اشتهر بها وشدّ رحاله إلى أوروبا لحضور مؤتمر "السلام" بين المنتصرين في الحرب، وهم الحلفاء وبين المنكسرين فيها وهم ألمانيا القيصرية وأنصارها، فركب المحيط الأطلسي من أجل تلك الغاية على ظهر الباخرة الأمريكية التي تحمل اسم "جورج واشنطن"، والتي وصلت به إلى ميناء "برست" الإفرنسي في 14 ديسمبر "كانون الأول" من عام 1918م، ومعه زوجته وابنته، فاستقبل في فرنسا استقبال الفاتحين الظافرين المنتصرين، حتى إذا دخل باريس كان استقباله فيها منقطع النظير في تاريخها، وكان الرئيس الإفرنسي يومئذ المسيو "بونكارة" قد أدب له مأدبة عظيمة في قصر الأليزيه، حضرها جميع قادة الحرب المنتصرين والمتحالفين ممن كانوا في باريس في ذلك الاستقبال.
الرئيس روزفلت الذي كان يُؤْدب للأميرين السعوديين "الملكين" فيصل وخالد تلك المأدبة في البيت الأبيض، كان تاريخه مشابهاً لتاريخ سلفه الرئيس "ودرو ولسون" في أكثر مظاهره وظروفه، والملك فيصل كان على معرفة تامّة بوجه الشبه بينهما على بعد العهد بين عهديهما، وكان يعرف تطورّ خروج أمريكا من حيادها وعزلتها إلى العالم، وكان على يقين من رغبتها في إنشاء عهد من الصداقة المتبادلة بين بلاده وبينها، وكان منذ أوكل إليه والده العظيم النيابة عنه في زيارة روزفلت وتلبية دعوته للتعارف به ولتحقيق رغبته في التقارب والتعاون والصداقة، كان يعرف أن بلاده تعبر المحيط الأطلسي إلى العالم الجديد لإنشاء عهد جديد فيما بينهما، وكان روزفلت، وهو ينتظر وصول ذلك الوفد السعودي، يعلم بدوره أنه يتّجه إلى الشرق وإلى الجزيرة العربية نفسها ذات التاريخ الذي سمع به والإسلام الذي تجمّعت لديه معلومات شتّى عنه وعن المؤمنين به ممن اعتنقوه وانتشروا به في القارات السبع، وأنهم كلّهم يتّجهون في كل يوم وليلة خمس مرات إلى مكّة التي يتشرّف "ابن سعود" بخدمتها والنسبة إليها.
لهذا كادت الرؤى المتبادلة في قاعة استقبال الضيوف في البيت الأبيض تتطابق طيوفها في مخيلتي الرجلين: "روزفلت وفيصل"، وفي أجوائها التي كان اللّقاء فيها، وكان الالتفاف صادقاً حول مائدة الطعام العابقة بالزهور، ثم في جلسات الأحاديث التي تخطّت مجاملات الضيافة إلى الرغبة المشتركة في التعاون والصداقة، الملك عبد العزيز الذي عركته الأيام وعركها يعرف صديقه الجديد ويعرف مقدرات أمريكا وزخمها ومواردها وعظمتها، ومع كل ذلك يعرف الكثير من أخلاق أهلها ورئيسها ممن اجتمع بهم من الأمريكيين في زياراتهم له وصداقتهم نحوه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :452  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 119 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج