شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نظريات حول العالم الجديد
والآن وقد أصبحنا على أرض ولاية فلوريدا من هذه الولايات المتحدة والمتعدّدة والمترامية الأطراف على تلك القارّة المكتشفة حديثاً، بعد معرفة أخواتها القارّات الأخرى على صعيد هذه الكرة الأرضية، فإننا قد قرأنا وسمعنا ذلك الخلاف المتشعّب في نظريات المؤرخين عن اكتشاف هذا العالم الجديد، كما سموه ووصفوه. ومن هم المكتشفون؟! وعن أي تاريخ أوّل اكتشاف أو معرفة لجزء من هذا الجانب من جوانب الأرض؟! وإلى أي بلد ينتمي أوائل هؤلاء وروّادهم؟! والنظريات كثيرة ومتباينة، وكل يدعي شرف السبق إلى ما يتنازعه المتنازعون، سواء أقدم أولئك المغاوير من شمال أوروبا من اسكندنافيا، أم من شمال أمريكا الشمالية نفسها، أم من غرب أوروبا، فالادّعاء متنوع، حتى لقد جاء الدور إلى الفينيقيين العرب المتماوجين في هجراتهم الموغلة في القدم عبر القرون السحيقة، إلى وصولهم إلى جبل طارق قادمين من منابعهم السحيقة في الزمن من شواطىء جنوب الجزيرة العربية من اليمن وحضرموت والخليج العربي، التي بقيت آثارهم فيها ناطقة بما لا جدال فيه إلاّ لأصحاب الأهواء والأغراض، ثم وثبتهم من تلك المساحة من الجزيرة العربية إلى شواطىء فلسطين وسوريا بما فيها لبنان، ثم إلى الشواطىء المتوسطية على جانبي الشمال والجنوب من ضفتي البحر المتوسط، حتى انتهوا إلى شواطىء إسبانيا الغربية على المحيط الأطلسي (بحر الظلمات). والذي قد يُجمع عليه العلماء أنه في القرن العاشر الميلادي نزل على شاطىء أمريكا الشمالي الشرقي عدد من المغامرين، كانوا الطلائع المتفق على سبقهم إلى تلك البلاد. وهذا ما تُجمع عليه النظريات الأمريكية العصرية اليوم.
وأمريكا تتعصّب لنظرية أن "كريستوفر كولمبس" هو الأول، وأن ذلك كان في عام 1492م، ولم تكن أمريكا مقصد بعثته، وإنما جزر الهند الشرقية، إذ لم يمرّ له على بال أن هناك شيئاً سيسمّى أمريكا. وكتب التاريخ العربية تروي حكاية العرب المسلمين المغاوير الذين ركبوا من الأندلس ليعبروا بحر الظلمات، وهو المحيط الأطلسي فيما سمعوا أن قارّة مجهولة تقع على مشارف غربه، وأن أسطولاً عربياً قد قام بتلك المغامرة، ثم لم يُسمع له خبر. ويرجحون أن بعضه قد وصل إلى أمريكا، ويستشهدون بآثار كثيرة متناثرة في أقطار متباعدة من شواطىء أمريكا الشمالية الشرقية وأمريكا الجنوبية، قد وجدت وهي شاهدة على ذلك. ولقد كتب الكاتبون وروى المحدّثون عن هذا، وذلك مما هو معلوم ومتواتر اليوم في المصادر التاريخية في مكتبات العالم الغربي وفي كل مكان وهو شيء كثير.
ومضت الأعوام وعرف العالم القديم ما سموه بالعالم الجديد (أمريكا). وبدأت الهجرة إليها والمغامرات في عبور المحيط نحوها، وأصبحت الأرض معروفة ثم مغمورة بالمغامرين. وعلى مدى مائة عام من معرفة أوروبا لأمريكا نزل أوائل المغامرين الإنجليز في ولاية فرجينيا عام 1607م، وقد سبقهم الإسبان في عام 1565م بالنزول في ولاية (فلوريدا)، التي نزلناها نحن في أكتوبر من عام 1943م...
وما كادت أخبار المهاجرين المغامرين الأوروبيين الأوائل يتسامع بها مواطنوهم، حتى استمرّت الهجرة وبدأ الزحف إلى العالم الجديد، وكان في طلائعه الأوروبيون المضطهدون من الكنائس ومن الحكام المستبدين والمجرمون واللصوص والعاطلون عن العمل ثم التجار الأوائل. ولقد تكسّرت موجات هؤلاء وأولئك على مدن الشواطىء الشرقية، وكانت قرى ومستعمرات بدأها من سبقهم أو بدأها الهنود الحمر أصحاب الأرض السابقين بالحياة على أديمها وفي أوديتها وصحاريها ومناكبها، وكان السباق على احتلال الأرض وبناء القرى والمزارع والمدن فيها أشبه بحرب غارة شعواء من دول أوروبا كلها: إيطاليا وفرنسا وهولندا وإنجلترا والبرتغال ودول الشمال وألمانيا، ولم تمض على معرفة كولمبس لتلك البلاد مائتا عام، حتى قامت وتكوّنت المستعمرات الثلاث عشرة الأولى، التي تكوّنت منها الولايات الجمهورية الأمريكية الأولى، وهي: نيوهامبشير، ورود ايلند، ونيويورك، وماستشوستس، وكنتكتكت، ونيوجرسي، وبنسلفانيا، ودلواير، وماريلند، وفرجينيا، ونورث كارولينا، وجورجيا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :516  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 113 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.