شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
طائرة صغيرة
رأى الجنرال معالم القلق عليّ، فسألني فقلت له إنني بحاجة إلى الذهاب إلى بيتي لإصلاح شؤوني، فهل سأذهب في الليل أم تتأخر أنت عن القيام المبكر بالطائرة إلى جدّة؟! والطائرة كانت صغيرة لأرامكو، ولم يكن في الرياض مطار، إنما هي بقعة مختارة من أرض محدودة مستوية هبطت عليها الطائرة.
قال لي الجنرال "جايلز": ما عليك من سفرنا المبكر اذهب صباحاً، وأنْهِ أعمالك وسأنتظرك. حملنا في الطائرة الهدايا "الغزلان" وتوجهنا في أكثر من خمس ساعات إلى جدّة، وبعد أن سافر الجنرال منها توجهت إلى الطائف، فذهبت إلى الأمير فيصل مسلّماً، فوجدت أن كل شيء مجهز لابتداء الرحلة.
أخذت ثلاث عباءات مختلفة الألوان من إدارة المالية، سلّمني إياها الأستاذ ابن بطاح، ولم تكن عهدة إنما كانت هدية – والعهدة في عرف السعودية هي ما تعطى عارية مرجعة، بعد ذلك، أمّا هذه فهدية من الأمير فيصل، ومعها مجموعة من الثياب والكوافي والغتر، و "جزمتان" وجدناهما في أسواق الطائف بصعوبة لائقة بعبورهما المحيط إلى بلاد "كولمبس". وحان يوم السفر فتوجهت مع الأميرين فيصل وخالد إلى جدّة ومعهما الشيخ إبراهيم السليمان، ومرافقاهما الأخوان مرزوق بن ريحان، ومحمد الشريف. وجاء موعد يوم السفر، ووصلت إلى مطار جدّة في ضحى ذلك اليوم الذي كنّا قد وصلنا فيه إلى المطار طائرة من طراز "داكوتا"، ما لبثت أن هبطت في المكان المختار لها أمام سرادق الاستقبال الذي يتصدّره الأميران فيصل وخالد، وحيث تجمّع ممثلو الدول الأجنبية وأعيان البلاد وكبار القادة العسكريين ومشايخ القبائل لتوديع الأميرين الكريمين.
وأتذكر أن الطائرة عندما فتح بابها وخرج منها ضابط أمريكي طويل جذاب، ما لبث أن توجّه إلى الجماهير المجتمعة حول الطائرة، وعلى مسمع ممن في السرادق، رفع صوته قائلاً: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، فصفق المجتمعون، لتحيته، وتوجه حوله رفاقه إلى السلام على الأميرين فيصل وخالد وهما في السرادق، وقدّم نفسه بأنه الضابط المقدم خليل التميمي، وأنه لبناني الأصل مهاجر إلى فلوريداً بأمريكا وفرقته العسكرية في السودان، وأنه منتدب لمصاحبته الوفد من جدّة حتى واشنطن، وأن الطائرة جاهزة الآن للمغادرة إذا أمر الضيفان الكريمان.
وتوجّه الأميران إلى الطائرة مودّعين من الجماهير وكنت بالطبع معهما...
الشيخ حافظ وهبه لم يستطع المجيء إلى جدة من مقرّ عمله في المفوضية السعودية في لندن لظروف الحرب، فرتّب له ترتيب يركب به طائرة إنجليزية إلى الخرطوم، ليكون في استقبال الأميرين هناك ومصاحبتهما بعد ذلك في الرحلة كلها.
وقامت الطائرة بالأميرين ومن معهما. وأتذكّر جيداً وقد مضى على هذا الحادث ما يقرب من النصف قرن، كيف كانت بداية الطيران ووجهتها من جدة إلى الخرطوم، ثم بعد ذلك في مساء اليوم الذي ستصل فيه الخرطوم نذهب إلى ساحل الذهب على ساحل المحيط الأطلسي الشرقي إلى مدينة "أكرا" عاصمة ما يسمّى اليوم جمهورية "غانا" بعد الاستقلال من الاستعمار البريطاني لها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :493  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 109 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج