شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تواضعه الجم وبساطته العظيمة
يجيء بعد ذلك وقبل غيره من جوانب هذه الشخصية القائدة الرائدة، يجيء الخلق الإنساني العميق تزخر به أعماق الرجل وتشعّ به جوانحه، وتفيض في إحساسه المرهف وفي تواضعه الجم وفي بساطته العظيمة، وتتجلّى في صدق لهجته وفي معرفته التامة بقدر نفسه وبحولها وطولها، وضعفها وقوّتها.
ولا يداري في هذا ولا يتظاهر بغير ما جبله الله عليه، حتى لتكاد الجوانب الإنسانية العميقة المتدفِّقة أن تكون أبرز ما تنطوي عليه جوانح صدره وتتحرّك به نياط قلبه.
ومعالم هذه الجوانب عديدة، تظهر في سلوك الرجل وشخصيته وفي أعماق نفسه وحركاته وسكناتها.
ولعلّ ذروة هذه الخصال وأسمى هذه الجوانب الإنسانية في الملك عبد العزيز -رحمه الله- بعد الإيمان بالله والتوكّل عليه برّه النادر بوالديه.
فبرّه بوالده الإمام عبد الرحمن بن فيصل برّ منقطع النظير في برّ الأبناء بآبائهم، لا يذكر أحد أباه بالإجلال والإكبار وبالبر كما يذكر عبد العزيز والده الإمام، ولا تمرّ مناسبة في عمل من أعماله أو في قول من أقواله إلاّ ذكر والده وربط بين قوله وفعله وبين موقف والده منه.
يذكره في مجالسه في كل مناسبة تجيء بالخير. يذكره "بالوالد" أو بـ "الإمام" مترحّماً عليه، فيرفع قدره ويعلي ذكره كأنما يستمدّ منه كل شيء، والذين يحضرون مجالس الملك عبد العزيز –رحمه الله– ويعملون تحت قيادته ويصرّفون شؤون الأعمال بإرشاده وتوجيهه، يسمعون منه هذا، بحيث يقال إنه لا ينافسه منافس في ترديد اسم والده وذكره بكل خير في جميع المناسبات.
كنت أتحدّث مع الأمير مساعد بن عبد الرحمن، وهو أخو الملك عبد العزيز، عن عمق العلاقة بين الملك عبد العزيز ووالده الإمام، وعن البرّ الذي لا يجارى ولا يبارى منه لأبيه في هذه الأزمان، فقال لي: إن الملك عبد العزيز نادر المثال في برّه بأبيه ونحن كلّنا نعلم هذا ونعرفه ولم يستطع أحد أن يجاريه فيه، فقد ذكر لي -والكلام للأمير مساعد- الشيخ إبراهيم الشايقي من خواص موظّفي الإمام عبد الرحمن ثم الملك عبد العزيز بعد موت الإمام، ذكر لي أن الملك عبد العزيز – بعد فتح الرياض واستتباب الأمر له وعودة الحكم لآل سعود، ثم تخلّي الإمام عبد الرحمن عن الأمور كلّها صغيرها وكبيرها وجليلها وبسيطها للملك عبد العزيز – دعا أهل الحلّ والعقد من أمراء وعلماء ورؤساء وقبائل وأعيان الرياض إلى مؤتمر عام، قرّر أن يكون في نخل الشيخ العلامة عبد الله بن المطلب المسمّى "سلطانه" في ضواحي مدينة الرياض.
فحضر المدعوون كلهم وعلى رأسهم الإمام عبد الرحمن الاجتماع، فعرض عليهم الملك عبد العزيز الأحوال المضطربة التي كانت تجري بإثارة من الشريف حسين بن علي على حدود نجد، وذلك قبيل الموقعة الكبيرة التي جرت بعد ذلك في "تربة".
 
طباعة

تعليق

 القراءات :509  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 103 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.