شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من الجوانب الإنسانية لحياة الملك عبد العزيز آل سعود
الحديث عن الملك عبد العزيز وعن الجوانب الإنسانية والخلقية التي حباه الله بها يطول، ويكاد كل جانب من هذه الجوانب أن يسترعي انتباه جميع من عرفوه.
غير أن هذه الجوانب كلها تجيء في خَلقه وخُلقه ممتزجة ومترابطة ومتداخلة، تختلط ألوانها وطيوفها ورُواها بعضها في بعض، فتتشخّص بها معالم شخصيته الباهرة، في جليل الأمور ودقيقها وظاهرها وباطنها، فتتراءى بعد ذلك كاملة المعالم جليّة الأبعاد محدّدة الصفات.
وكل جانب من هذه الجوانب يكاد أن يتميّز ويتّضح ظاهراً جلياً لا يحتاج إلى معاناة في سبر أغواره، فهو مشرق متكامل يكفي أن تستجليه لتقف في الحال عليه.
ولقد كان من حسن حظي في مطلع سير حياتي أن يسوقني القدر على غير سعي مني ولا تفكير إلى ديوان جلالته، لأعمل فيه راصداً ومسجّلاً ومراقباً ومتابعاً أخبار الحرب العالمية الثانية في الدنيا بأسرها، من أجهزة الالتقاط اللاسلكية عبر أجهزة "الراديو"، لأنقل في كل لحظة أنباء كبار الحوادث العالمية وصغارها، ودقيقها وجليلها إلى أسماع الملك عبد العزيز شخصياً، إما بالهاتف وإما إلى سمعه وبصره لتسجيلها مكتوبة باليد، إذ لم تظهر يومئذ آلات التسجيل، لأقرأها بعد ذلك عليه في مجالسه اليومية الثلاثة، صباحاً وعصراً وبعد العشاء.
يحدث ذلك في الحضر والسفر وفي البحر وفي البر وحيثما يكون جلالته ونكون في معيّته وبين يديه. وأنا في كل ذلك واحد من أربعة إخوان ورفاق نقتسم هذه المهمة ونتولاّها ونضطلع بها لنؤدّيها مباشرة للملك خلال سنوات الحرب العالمية الثانية من أوّلها لنهايتها، ثم استمررنا بعد ذلك في القيام بأعباء هذه المهمة.
واستمررت أنا أيضاً في القيام بأعمال أخرى في الشعبة السياسية بديوان جلالته أعرضها كل يوم على أنظاره، ولا يزال أحد أولئك الرفاق الأربعة وهو صديقي وزميلي الشيخ علي بن عبد العزيز النفيسي مستمراً حتى الآن في أداء هذه المهمة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، قام بها للملك عبد العزيز ثم للملك سعود ثم للملك فيصل ثم للملك خالد.
وهكذا عرفت الملك عبد العزيز وعملت في خدمته واتصلت به اتّصالاً مباشراً، عرفت بحكم هذا العمل تلك الشخصية النادرة المثال في تاريخ جزيرتنا العربية منذ أكثر من عشرة قرون... عرفتها معرفة تامة واستمعت إليها وخدمتها في الأسفار والرحلات... وفي الحلِّ وفي الترحال، وعرفتها في بساطتها المتناهية، وعظمتها الزاخرة الباهرة، وفي هدوئها العجيب، وفي طموحها الخلاّق وفي توثّبها للأمور كلها.
كما عرفتها في حبّها وفي غضبها، وفي سكينتها وفي اضطرابها، فظهر لي من كل ما رأيت وسمعت أن شخصية الملك عبد العزيز شخصية متعدّدة الجوانب والصفات، تجمع جوانبها وصفاتها خصالاً نادرة المثال بين الزعماء والرجال في التاريخ.
أبرزها وأجلها الإيمان الواثق بالله ثم بقضائه وقدره، والتوكّل عليه، والإيمان به والخشية منه والتسليم المطلق لما يشاء الله ويختار، كل ذلك في غير تواكل أو اتّكال على أحد، يعمل ليلاً ونهاراً في غير كلل أو ملل أو راحة، لا يضارعه في العمل المستمر أحد من زعماء هذا العصر كلّه بدون مبالغة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :620  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 102 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج