شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يتشدقون بالدعوة لحقوق الإنسان
ولا يغرنّك تشدّقهم بالإيمان بالله أو بالدعوة إلى حقوق الإنسان، أو إلى الأخلاق، فهم لا يؤمنون بشيء من هذا ولا يحبون الانتماء إليه أو العمل به، فهم بريئون مما يدعون. وحقوق الإنسان هذه التي ينادون بها ويضحكون بها على الشعوب الساذجة، هذا الإنسان من هو؟ أهو الإنسان الأوروبي أم الأمريكي أم الروسي أم الصيني؟ كل واحد من هؤلاء لا يعترف بالإنسانية إلاّ لأهله ولشعبه وتابعيه، ويتسلّح هذا التسلّح المخيف للقضاء على الإنسان المقابل له من غير بلاده ومن غير ملّته ومن غير جنسه، بينما دعوة القرآن ونداؤه للبشرية كلّها الأسود والأبيض، وهو شامل تلك الشعوب الطاغية الباغية بأسرها، لا يفرّق بين أحد منها لا في العرق ولا في الدم ولا في اللّون ولا في الأصول أو الجذور، فكلّهم من آدم وآدم من تراب.
وبعد ذلك كلّه، فإن ما تلاقيه الشعوب المسحوقة بقوى الطغيان والبطش والبغي في جميع أنحاء العالم شرقه وغربه وشماله وجنوبه، ثمّ ما تلقاه الأقليات المضطهدة والمستعمرة سواء أكانت من المسلمين أم المسيحيين أم البوذيين أم من غيرهم.. كل هذا لا يليق بالحضارة التي نتغنى بها ونتعالى بما وصلت إليه، فإن هذه الحضارة التي لا تحترم الإنسان، والتي تجعل من قهره وسحقه وسيلة لمآربها المادية، سوف لن تستمر طويلاً على ما هي عليه اليوم بين سمع الدنيا وبصرها، والنذر والإرهاصات والشواهد التي تشير إلى هذه النهاية التي ستأتي على هذا الازدهار الحضاري، الذي أصبحت الدنيا عليه لا تحتاج اليوم إلاّ إلى تعمق مركّز خال عن الأهواء والعصيان، ليظهر للعلماء والمتتبّعين لرقي البشر وتمدنّهم، أن ما نحن فيه اليوم يحمل بين طيّاته جراثيم نهايته وانهياره وتداعيه، وعلماء الغرب المنصفون والمخلصون لعلمهم ولثقافتهم ولأخلاقهم يؤمنون بهذا، ويكتبون عنه وينشرون آراءهم في الصحافة وفي كتب مستقلّة، وهم لا يخرجون في هذا الباب عن الآية الكريمة التي سبقت الإشارة إلى ذكرها، وهي: حَتَّى إِذَآ أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخَرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :462  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 96 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.