شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
البعثات التبشيرية
وكل هذا جرى ويجري أمس واليوم وما بعد اليوم على سمع الدنيا وبصرها، حتى الشعوب الأوروبية المصبوغة في أذهان المسلمين بالمسالمة والعلمانية والحياد وعدم التعصّب للأديان والمذاهب كالسويد والدانمارك وأمثالهما، فلها البعثات التبشيرية بألوانها ومبادئها وأهدافها في السودان، وحتى في أطراف الجزيرة العربية الساحلية باسم البحث عن الآثار وإقامة المتاحف وإنشاء المستشفيات، ومثل ذلك في الصومال وفي الحبشة والأقطار الإفريقية التي كانت تحت نفوذ واستعمار أوروبا كلّها حتى هولندا وبلجيكا.
هذا هو الغزو بأنواعه المشار إليها من فكري وسياسي واقتصادي، ثم خاتمة الخواتم الاستعماري والاحتلالي لا ينكره اليوم منكر إلاّ من أراد التظاهر بالتقدمية والارتقاء الاجتماعي، ليظهر تمدّنه وتسامحه عسى أن يرتفع في عيون الغرب والشرق، وما علم أنه لو انسلخ من جلده وقوميّته ولونه وتخلّى عن دينه ومذهبه وجميع تراثه لما زاد في عيون هؤلاء وأولئك إلاّ ضعة وخسّة وضياعاً، لأن العنصرية العرقية والتفوّق (اللّوني) والتعالي الثقافي الإغريقي والروماني واللاتيني، وهي كلها عند الآخرين قوام الحضارة العصرية العنصرية المتحجّرة على عقدها وتعاليها، وهي مع كل هذا غير منفسحة ولا متفتّحة على الإنسانية السمحة المتآخية على مقوّمات وحقوق الإنسان المترفّعة عن الكره والبغض والحقد، ولا توجد هذه الصفات صافية طاهرة إلاّ في الإسلام، فيما يروى عنه من أن الناس كلهم عيال الله وأحبّهم إليه أنفعهم لعياله، أو في يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُم شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقَاكُم، وفي لا فضل لعربي على عجمي إلاّ بالتقوى، لأن الله لا ينظر إلى صور البشر ولكن إلى قلوبهم وإلى أعمالهم. وكل هذا هو معيار الرقي في الإسلام، ومقياس الحضارة الإنسانية في تعاليمه. ولمثل هذا فليتنافس المتنافسون، ولو تنافسوا في مثل هذه المُثُل وعلى مثل هذه الميادين والشعارات قولاً وعملاً، بل لو أن العمل كان قبل القول لما احتجنا إلى مؤتمرات الشرق والغرب، لنزع السلاح والحدّ منه والتخلّص من قيامة قيامته وهي آتية لا شكّ فيها ولا ريب، حَتَّى إِذَآ أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهَلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغنَ بِالأَمْسِ.
في آخر هذا الإنذار هو واقع الحياة اليوم وغداً، ما دام زمام الحياة بأسرها في أيدٍ جبّارة لا يحكمها عقل ولا خلق ولا وازع إنساني ولا شعور أخوي نحو بني البشر وهم سكان العالم بأسره، بل إن الصراع كلّه عبر الدهور وتوالي العصور هو على إنشاء وبناء إمبراطوريّات استعمارية، يسحق القائمون عليها كل من يخالفهم ولا يدين بدينهم ولا يستحسن مذاهبهم ومللهم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :546  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 95 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج