شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
دي جاما قائد الحملة
إن قائد الحملة التي يدور هذا الإسهاب عنها هو القائد البرتغالي (فاسكو دي جاما)، الذي انتصر في التغلّب على المصاعب والمصائب منذ إبحاره من العاصمة (لشبونة) على ساحل المحيط الأطلسي الشرقي، ملتفّاً حول القارة الإفريقية بأسرها، من أعلى نقطة فيها وهي بحر الزقاق في (جبل طارق)، إلى ما سمّاه البرتغاليون فيما بعد برأس الرجاء الصالح في أقسى الجنوب الغربي من أفريقيا، حتى وصل بأسطوله ورجاله إلى الحبشة والسودان، ونازل الإمام أحمد في عام 1543، حتى لقي مصرعه على يده وعلى يد رجاله المجاهدين.
وهكذا انتقل مدُّ الحروب الصليبية من إسبانيا والبرتغال ومشارف نهر الوار حول مدينة (تور) الإفرنسية وغرب سويسرا وشواطىء (البروفنسري) الإفرنسية والإيطالية، إلى مشارف المحيط الهندي وإلى مداخل الخلجان الشمالية المتفرّعة منه، وهي: الخليج العربي والبحر الأحمر، حتى وصل إلى الهند وامتدّ من الهند إلى شرقها إلى جوانب ماليزيا وأندونيسيا، وتعدّى الفلبين ذات الاسم البرتغالي الذي أطلق عليها بعد استيلاء الملك البرتغالي (فيليب) عليها، وبهذا محوا الإمارات الإسلامية فيها، وتمّ لهم تنصير أهلها، حتى بلغ المدّ البرتغالي بعد كل هذا إلى الصين حتى لا تزال رأس الحربة منه موجودة إلى اليوم هناك، وهي مستعمرة (مكاو)، ولقد زرتها عام 1959 وأقمت فيها دارساً متتبّعاً لتاريخ وصول البرتغال إليها وإلى جارتها (هونج كونج). ولقد أسهبت الحديث عن هذا المدّ الاستعماري إلى مشارق الأرض ومغاربها في أخبار رحلتي تلك في ذلك العام الذي قمت به فيه بدورة كاملة حول الكرة الأرضية لم أركب فيها طائرة مطلقاً، وإنّما تمت الرحلة على البواخر المتعدّدة وعلى الخطوط الحديدية والسيارات، بدأتها من ميناء جدّة إلى عدن على باخرة سياحية إفرنسية، ثم على كراتشي فبومباي فسيلان فبلاد (فلفلان) في شمال ماليزيا، فإلى جزيرة سنغافورة فأرخبيل (ملقا) كلّه، ثم إلى هونج كونج ففرموزا فاليابان، وقد أقمت في ماليزيا واليابان شهراً كاملاً في كل واحدة منهما، وشهراً فيما حولهما، ثم على جزر هاواي فسان فرنسيسكو، ومن ثم تجوّلت في الولايات المتحدة نحو 3 شهور، ومنها بحراً إلى أوروبا حيث تجوّلت فيها ثلاثة شهور أخرى. ثم إلى مصر وعدت إلى جدّة بعد مضيّ عام كامل من بداية الرحلة.
ثم قدّر لي في عام 1977 أن أزور المستعمرات البرتغالية والإسبانية السابقة بعد استقلالها من المكسيك، وفنزويلا وجزائر البهاما وما بين القارّتين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية حتى البرازيل والأرجنتين، تمّ كل هذا التجوّل بالبواخر تقريباً حتى عدت إلى أوروبا ثم إلى مصر فإلى جدّة.
وبالعودة إلى الحملات البرتغالية في آسيا والبحر الأحمر نعود إلى الحبشة، وإلى الصراع فيها وعليها وعلى ما حولها مما يسمّى بالصومال الغربي، الذي شمله الحكم المصري مدّة لا تتجاوز العشرة أعوام في (هرر) حتى الربع الأخير من القرن التاسع عشر، حيث نذر قرن الغزو الأوروبي من جديد على هذه البلدان، تلبية لاستغاثة ملك الحبشة (منليك) في كتابه إلى الميجر (هنتر) الإنجليزي في عدن بعد احتلاله الأوّل لمقاطعة وسلطنة (هرر)، ثم بعقده عدداً من المعاهدات والاتفاقات مع بعض رؤساء الصومال الغربي وبعض الخوارج من (الجبرت)، ثم بما سمّي بمعاهدات الحماية مع الأمراء الصوماليين والمشايخ، والتي شملها الصراع الإفرنسي والإنجليزي والإيطالي والحبشي على تلك البلاد، فأخذت تدور في حلقات مفرغة من الحروب الأهلية والخيانات والرشوات التي لم يترفّع عنها إلاّ عدد قليل من المخلصين المجاهدين من أهل تلك البلاد، وكانت تلك الأعاصير تدور في أعوام 1884 – 1886 -1889 -1896 تقريباً، ولقد ضاع في أمواج هذا الصراع ما ضاع وتبدّل في مدّ وجزر توالت أعاصيره وزوابعه بتدخّل القوى الأوروبية المشار إليها وعبثها في هذه المناطق كلّها، بينما كانت الأقطار العربية والإفريقية المجاورة تدور في خضمّ تلك الزوابع والأعاصير لا تملك من أمره شيئاً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :575  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 91 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.