شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ما حدث بعد وفاة الإمبراطور منليك
وشبّ الغلام وترعرع في بيت والده الرأس ميخائيل (محمد علي) في ولايته (والو)، حتى إذا بلغ نحو الرابعة عشرة من عمره توفي جدّه الكبير منليك بعد شيخوخة متعبة مزعجة أخفيت أخبارها عن الشعب، ولم يكد يعلن موت الإمبراطور ويدفن بمراسم الدفن الإمبراطورية المتّبعة للكنيسة، حتى أخذ بعض كبار رجال الكنيسة ورؤوس الأحباش يتساءلون كيف يمكن أن يحل الشاب ليج الياسو ابن (محمد علي) على أريكة حبشية مسيحية عريقة، بهذه اللعبة التي لعبها جدّه منليك مع والده محمد علي، وكل واحد منهما لم يكن يفكّر إلاّ في مصلحته وحده؟ ولما كان احترام الأحباش للإمبراطور منليك شيئاً منقطع النظير، حتى أنهم ليحلفون باسمه في حياته وبعد موته ويرونه في رتبه القديسين والمصلحين، لهذا أصرّت الكثرة الزاخرة من رجال الكنيسة وكبار رجال البلاط على تنفيذ وصية الإمبراطور لحفيده بالملك، سامعين مطيعين له في حياته ومماته، وخصوصاً أن أمّه هي ابنة منليك كانت أحبّ الناس إلى قلبه وإلى قلوب الجماهير بأسرها، ومن أجله صدع الشعب بالوقوف بجانب الشرعية وعلى رأسه أقوى رجل يومئذ في البلاد بعد منليك ألا وهو الرأس (افتراري افتا قرقص)، وزير الحربية يومئذ وأكبر شخصية في الحبشة نفوذاً ومكانة ووجاهة وقدراً، ولقد وقف هذا الوزير أمام الشرعية وألزم الشعب بها، وفي الحال توجّه بنفسه على رأس قوّة عسكرية إلى ولاية الرأس (ميخائيل) (محمد علي) في (والو)، وأخذ وليّ العهد إلى العاصمة أديس أبابا حيث توّج في الكنيسة وبويع بها ملكاً مكان جدّه، وأصبح يسمّى ويلقب (الملك ليج الياسو ملك الملوك بمشيئة الله)، وأصبح والده الرأس ميخائل نفسه (محمد علي) بهذا الوضع تابعاً وموالياً لابنه، ووالياً من ولاته على ولايتهم المتوارثة (والو) على ما كان عليه أجداده، وانتهى الخلاف بعد هذه الخطوة وخضعت الحبشة كلّها لملكها الجديد ابن الحاكم المسلم وحفيد منليك المسيحي حامي الكنيسة، وكان هذا الملك شاباً مغامراً شجاعاً جميل الصورة مقداماً إلى درجة التهوّر، وبكل هذه الصفات مجتمعة مع الملك المقدس يومئذ تعب من كانوا حوله من رجال الكنيسة وزعماء البلاد، ولم تعجبهم فتوّته ولا تصرفاته ولا مغامراته ولا من أصطفى لصحبته، ومن يكون حوله وكانوا مجموعة أصدقاء أكثرهم من المسلمين، وكان في الحبشة يومئذ ممثل للسلطان الخليفة عبد الحميد الثاني وهو السفير (مظفر بك)، وكان شخصية من كبار شخصيات تركيا قد أصبح صديقاً حميماً لذلك الملك الشاب، كما كان بعض كبار العرب من يمانيين وحضارم من جلساء ليج الياسو هذا وأصفيائه، وعرف الخاص والعام في أديس أبابا الملك وحاشيته وسمّاره والملتفّين عليه، ولم يعجب زعماء الكنيسة ولا رجال الحكم في البلاد التفاف أولئك حول ملكهم، فقد عرفوا أنه يميل إليهم بدمه الموروث من والده ومن جدّه لأبيه، وبكل هذا وفي تلك الظروف بدأت إرهاصات الحرب العالمية الأولى تملأ آفاق أوروبا، وتحقّق لأوروبا أن الحرب مع الألمان وأصدقائهم الأتراك العثمانيين واقعة لا محالة، فهبّت حكوماتها حينئذ للعمل في عواصم العالم بما فيها الحبشة لوضع حدّ حازم لهذا الملك المسيحي الحامي للمسلمين والمسيرّ بمشورتهم، فهو أمر لا تقبله أوروبا ولا تقبله الحبشة نفسها، فإن هذا الموقف من أباطرة الحبشة من المسلمين وعداوتهم لهم ظلم تاريخي تقليدي لا يجهله أحد في خارج وداخل الحبشة، وكان منليك أكثرهم بطشاً بالحكام المسلمين والقضاء على ولاياتهم وضمّها لعرشه مثل منطقة وولاية (هرر) وبلاد الدناكل وغيرهم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :549  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 86 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج