شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وكان جزاء هيلاسيلاسي من جنس عمله
وكان حدّثني صديقي المرحوم السيد علوي بن ياسين الصافي بعد أن حلّ جدّة، وكان سكرتيراً للجالية الإسلامية في أديس أبابا سنوات هجرته إليها، بجهود الأمير شكيب ومراسلته له وأخذه المعلومات الموثوق بها منه ومن وجهاء العرب في أديس أبابا، ثم نشره لها في صحف البلاغ والأهرام والجهاد والشورى والفتح بمصر عن أحوال مسلمي الأحباش. وعندما تعرّفت على الصديق المرحوم تيسير ظبيان منذ نحو نصف قرن، وكان يصدر في أوائل الثلاثينيات الميلادية بدمشق جريدته (الجزيرة)، وكنت أزوره في مكتبه بها في شارع رامي المتفرّع من شارع النصر وميدان (المرجة)، قام هذا الرجل برحلة إلى الحبشة وأريتريا بمشورة وإشارة من الأمير شكيب وأسلافه لهم، وخرج من رحلته تلك بكتاب مطبوع فيه الكثير مما يجهله المسلمون. ولقد استمرّت صداقتي معه عشرات السنين حتى زارني مؤخراً في أوائل الستينيات في داري ببيروت، وزرته أنا في داره في عمان بعد أن ترك دمشق وهاجر إليها، وكان لا يزال على مدى تلك المدة الطويلة يتذكّر الحبشة وما سمع ورأى فيها، وكانت أحاديثنا في كل جلسة لا تدور إلاّ على أحوالها وحاضرها، وكتابه عنها مع كتابات الأمير شكيب أرسلان خير مرجع في تاريخ تلك البلاد.
وإذا كان الجزاء من جنس العمل كما يقولون، فقد لاقى هيلاسلاسي جزاء قضائه على سلفه الإمبراطور (ليج ياسو)، فقد حاربه وألّب عليه وزجّ به في غيابات السجن، لما ذكرت من ميل هذا الرجل للمسلمين، لأنهم أصله وأهله كما بيّنت ذلك، ثم أطلق عليه الرصاص وهو في غياهب الجبّ، فدار الزمان دورته وثار الشعب الحبشي على هيلاسيلاسي وزجّ به في السجون مكبّلاً في أغلاله، وفعل به ما فعله هو بسلفه، وتلك الأيام نداولها بين الناس. ولي قصيدة قلتها في القبض على هيلاسلاسي، ثم في إزهاق روحه منذ بضع عشرة سنة لم أنشرها بعد واللّهمّ لا شماتة...
ولا يزال الحديث عن بلاد الحبشة ذلك القطر الإفريقي العزيز على قلوب العرب والمسلمين، جار الجزيرة العربية وأقرب البلدان بعد مصر والسودان والصومال إليها...
والحديث عنه متشعّب ومتداخل ومعقّد، أكثر ما أذكره عنه وعن غيره هو من رواسب القراءات والمطالعات وأحاديث الحياة، يترسّخ في الذهن منذ عشرات الأعوام ثم يعود أو يعود أكثره أو أقلّه إلى الذاكرة، فيجيء على هذا النسق الذي لا يكتب بحثاً أكاديمياً ولا على التسلسل التاريخي، ولكنّه حديث عفو الخاطر فيه معلومات عامّة لا يستغنى عنها محبّو ذلك الشعب مسلميه ومسيحيّيه، فالشكوى الصارخة الموقدة إنما تجيء من حكامه في العصور القريبة الماضية، الذين كانوا يحكمون عصبياتهم وعنصرياتهم وقبليّاتهم ضد مواطنيهم وأكرّر بما فيهم بعض القبائل، فكل إمبراطور حبشي يعتبر قبيلته هي محل رعايته وحفظه وأمنه وحمايته، أمّا غيرها ففي الدرجة الثانية وحتى الثالثة في المواطنة والولاء والانتماء والعدالة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :500  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 83 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج