شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الإمبراطور منليك يحقّق أمانيه
ولقد حقّق (منليك) أكثر أحلامه وأمانيه في حياته، وآخر ما استولى عليه ونصّره سلطنة (جمة)، وكانت قد أسلمت على يد دعاة المسلمين واستقلّت وكبرت وأصبح لها نفوذ وهيبة وجلال بين من جاورها، ومن سلاطينها الأشاوس السلطان محمود بن داوود المشهور بلقب (باجفار)، الذي كان ملجأ المسلمين من الأحباش والمسلمين العرب الوافدين إلى سلطنته والمهاجرين إليها والمقيمين بها، مّمن نعموا بحمايته وسعدوا في أرضه واغتنوا من خيراتها، وكانت فردوساً من فراديس أفريقية المنقطعة النظير، وكانت مستقلة استقلالاً تامًّا في عهودها الأولى، فتسلّط عليها ملوك الحبشة وأكثرهم تسلّطاً هو (منليك)، فأحاط بها من أطرافها وأثار عليها القبائل المحيطة بها والسلاطين الأمهرين المنافسين لها ولحكّامها المسلمين منذ عام 1881م، حتى أجهز عليها بأن خيَّر السلطان محمد علي باجفر بين إزالته من سلطنته والقضاء عليه وبين قبول الحماية عليه مع التنصير والخروج من الإسلام.
وكانت الحرب بينهما يومئذ مستعرّة أعواماً متوالية ومتقطّعة، ولم يجد هذا السلطان الباسل عندما غلب على أمره إلاّ التظاهر اسمياً باعتناق المسيحية والصلاة في الكنيسة، فهو ممن أُكره على الكفر وقلبه عامر بالإسلام، وكانت المفاوضات بينه وبين (منليك) التي تمّت على ذلك تقضي بأن يزوّجه الإمبراطور ابنته، وأن يكون المولود له منها خليفة وإمبراطوراً على الحبشة كلّها إذا مات (منليك)، وأن يبقى السلطان محمد علي على سلطنته المصبوغة بالمسيحية، ولقد بقي على ذلك العهد حتى توفي في عام 1934 في حياة (هيلاسلاسي)، وكان قد جاء من ابنة (منليك) بمولود سمّاه (ليج ياسو)، وهو ابن السلطان باجفار محمد علي المشار إليه وحفيد (منليك)، فنادت الكنيسة به حينئذ إمبراطوراً وبايعه (الرؤوس) الأحباش والقادة، واعترفت به الكنيسة وسمّي بالإمبراطور، وكانت نذر الصراع العالمي في أوائل الثلاثينيات قد ذرت نُذُرها وتجلّت شاراتها، فهرعت دول أوروبا المعادية لمحور روما وبرلين فيما بعد تحيك للإمبراطور الجديد (ليج ياسو) وتثير عليه زعماء الكنيسة وزعماء القبائل، فقد ظهرت على ذلك الشاب المبايع بالإمبراطور ميوله الإسلامية الجارية في دمه من والده الذي تسمّى يوم تنصّر بالرأس (ميخائيل)، ونفّذ الشروط المفروضة عليه من (منليك) بذلك وبالبقاء على سلطنته على مضض، وكان (ليج ياسو) هذا لا يخفي شعوره نحو المسلمين وتقريبهم إليه والإصغاء إلى كبارهم وزيارة وجهاء العرب المقيمين في بلاده وفي بلاد أبيه قبله، فيظهر المودّة والاحترام لهم، فضاقت الكنيسة بما تسمع عنه وترى، وأثارها على ذلك قناصل الدولة الأوروبية في أديس أبابا وكلّهم غير راضٍ باختيار (ليج ياسو) إمبراطوراً للحبشة العريقة في مسيحيّتها، وتثبيت العقيدة عبر القرون الكثيرة المتوالية في ذلك الجزء المهم من أفريقيا المحاط بالمسلمين حوله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1492  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 77 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.