شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المجاهد الحاج أمين الحسيني
من رجالات العرب وزعماء المسلمين الذين كانوا يحرصون على أداء الحج كل عام في تلك الأيام إذا واتتهم الفرصة للقيام بذلك، سماحة الزعيم المجاهد الحاج محمد أمين الحسيني المشهور بمفتي القدس، وهو زعيم الكفاح والصراع في سبيل تحرير فلسطين منذ أكثر من سبعين عاماً حتى توفاه الله منذ بضعة عشرة سنة في بيروت، حيث دفن بها في مقابر الشهداء. وكنت واحداً من جماهير غفيرة شيعوا جنازته ووقفوا على قبره وتألموا لفقد العالم الإسلامي لرجل مثله، كان يواظب على أداء فريضة الحج منذ أواخر أيام الشريف حسين في الحجاز، ثم على مدى ثلثي القرن الحاضر من عهد الملك عبد العزيز وخلفائه، وكان زينة مواسم الحج بقامته وهامته وعمامته، كانت عمامته آخر عمائم قادة المجاهدين، وكان الزعيم الفولاذي الصلب الذي لم ينحن لعاصفة. وفي مطلع الستينيات يوم كنت مقيماً في بيروت بعد تقاعدي من العمل في الدولة، تسنى لي بعد اجتماعي به وأنا في الحكومة من أن أجدد اجتماعاتي بهذا الرجل الذي ذاع صيته وعرفه العالم بأسره مصارعاً للاستعمار والصهيونية، شريداً مضطهداً لا يستقر له قرار، فقد كنت أزوره في محلة المنصورية التي لجأ في السنوات الأخيرة إليها، له فيها دار ومكتب على كتف الوادي في الطريق من بيروت إلى "بيت مري"، وكان قد استقر به التجوال في ذلك المكان بعد عمر طويل متطاول شرَّق فيه وغرَّب، وتنقل من عاصمة إلى عاصمة، ومن قطر إلى قطر، ومن ملجأ إلى ملجأ يدافع ويكافح وينافح عما يؤمن به، وما وضعه الله أمانة في يده، وعلى أعناق سواه.
كان يجيء للحج ويحضر حفلات الشباب في منى، بل يكون صدرها، ومع أنه كان مقلاً في الخطب والكلام مكثراً في الأفعال والأعمال، فقد كان يتخير أماكن التجمعات الإسلامية الظاهرة منها والمستورة، ويجتمع بمن لقيهم ينذرهم عما تتمخض به الأيام مما حصل وكان، ومما هو حاصل وكائن، ويكاد لا يفتر وهو يتنقل من جهة إلى أخرى يبشر وينذر ويرغب ويرهب، فكنا نراه في مجالس الملوك وفي زيارات الوزراء وفي أندية الشباب وفي الطواف حول الكعبة المشرفة، ونكاد نجده في كل مكان لا يكل ولا يفتر ولا يمل، فهو منذر قوم، ومَصَبِّح قبيل، وكأنما هو المعني بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحد أصحابه الأشاوس الذي أقلق المشركين من قريش بكفاحه وصرامته وجهاده.. (وَيْل امِّهِ مِسْعر حرب لو كان معه رجال)، ومع الأسف الشديد إن الرجال قد تخلوا عن سيد الرجال محمد أمين الحسيني، فمات مقهوراً مضطهداً، إلا أنه لم تُطأطأْ عمامته ولم تنحن قامته منذ رفعهما إلى أن ضمهما ذلك القبر المجهول اليوم في "حوش الشهداء" في جنوب بيروت.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :699  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 55 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج