شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مسألة الوصاية على العرش
ونعود إلى حوادث صباح ذلك اليوم الذي قتل فيه الملك غازي رحمه الله، فقد رجعت إلى زملائي في دار الضيافة، فوجدتهم يتساءلون عني لأنهم لم يعلموا أين تغيبت عن مائدة الغداء، وكانت المظاهرات في شوارع بغداد صاخبة، وقال لي الدكتور زريق: أين كنت خلال الساعات الماضية؟ فقلت له: في زيارة للمفوضية السعودية والسلام على الوزير المفوض فيها، فسر بما سمع وكانت الجرائد البغدادية قد خرجت بعد ظهر ذلك اليوم بأنباء الحدث وصوره، وبصور الملك غازي في شتى مراحل حياته، وبصورة الملك فيصل الثاني الذي نودي به بعد ذلك ملكاً على العراق، ونودي بخاله الأمير عبد الإله وصياً على العرش، وكان هذا الحدث – وهو الوصاية على العرش – قد سرت حوله مجادلات كثيرة في الصباح وحوار شديد بين الناس، وحوار آخر في مجلس الوزراء وفي البلاط الملكي، حسمته والدة الملك فيصل الثاني وزوجة الملك غازي، بأن أعلنت على المجلس الذي اجتمع حولها، بأن الملك غازي كان يوصي دائماً بأن يكون الأمير عبد الإله، فيما لو قدر الله عليه شيئاً الوصي على ابنه الملك فيصل وعلى عرش العراق، وأيد نوري السعيد وأعضاء وزارته ما سمعوا، وأصدروا به بلاغاً رسمياً، وبهذا انقطع الجدل بين من يرى أن يكون الوصي الأمير عبد الإله، أو الأمير زيد بن الملك حسين، وهو عم الملك غازي الذي كان يومئذ كبير العائلة الهاشمية في بغداد.
وأقيم في البلاط الملكي مساء ذلك اليوم ما يسمونه في العراق بـ "الفاتحة"، وهو مجلس العزاء، وشيعت الجنازة في حفل كبير رأت بعثة العروة الوثقى أن يمشي إلى مجلس العزاء باسمها، أساتذتها، وطالب من كل قطر عربي من لبنان وسوريا والأردن وفلسطين ومن السعودية واختاروني لأكون الطالب السعودي الذي انضم إلى رفاقه وذهبنا إلى البلاط معزين، وأتذكر أنني رأيت هناك جموع المعزين من الوفود العربية ومن رجالات العراق ووزاراتهم، فرأيت الأمير عبد الإله والأمير نايف بن عبد الله بن الحسين أمير الأردن يومئذ وملكها بعد ذلك، ورأيت الوزراء والزعماء العراقيين الذين كنت أسمع بهم ولم أرهم، ورأيت نوري السعيد الذي كنت أسمع به، ولكني قد رأيته وزرته في إحدى زياراته للبنان يوم كان ينزل إذا جاءه في بيت صديقه الدكتور يوسف روضه، "لزيارتي هذه ومعي عدد من أعضاء العروة الوثقى حديث آخر"، وحضرنا موكب الجنازة أيضاً التي سارت من البلاط الملكي إلى المقابر الملكية التي أشرت أنها كانت في الكاظمية وملاصقة للمدرسة التي نزلنا فيها، وكانت قد أنشئت ليدفن فيها من يتوفى من العائلة الملكية. وقد دفن فيها الملك فيصل بن الحسين كما دفن فيها يومئذ الملك غازي، وأتذكر أننا سمعنا جلبة حول المقبرة الملكية، فخرجنا من دار الضيافة نشاهد ما الذي حدث، فإذا بالأمير "الملك" عبد الله بن الحسين قد وصل إلى بغداد قادماً من عمان معزياً مع أبنائه، وتوجه في سيارة حولها بعض الدراجات النارية ودخل إلى الضريح وزار من فيه، فوقفنا خارجه مع من وقف لنشاهد الأمير عبد الله لأول مرة، فلما خرج من الضريح وركب السيارة وبدأت تسير به مر أمامنا على بضع خطوات منا، وهو ينظر إلى من حول السيارة، فرفعنا أكفنا مشيرين إليه بالتحية، فرد علينا برفع يده مشيراً إلينا بمثل تحيتنا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :594  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج