شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
اللقاء التاريخي بين الملك عبد العزيز وتشرشل
صورة حية لأداء الملك عبد العزيز العمرة عام 1945م
في العام 1345هـ الموافق 1926م تقريباً، رأيت فيه -وأنا صبي صغير أفقه وأعي- الملكَ عبد العزيز داخلاً إلى الحرم، عند مقدمه من الرياض لإمامة الحجيج وقيادته في ذلك العام.
رأيته بعد أن سمعت ضوضاء الموكب من سيارات وغيرها في طرف المسعى على مدخل باب الحرم المكي المواجه لبيت آل "باناجه"، فانطلقت من أحد أركان المسجد متجهاً إلى ذلك الباب لرؤية ما سمعنا من هذه الجلبة خارج المسجد، فقد علمنا أنه الملك عبد العزيز قد وصل صباح ذلك اليوم من الرياض، وأنه قادم إلى المسجد الحرام لأداء مناسك العمرة.
لن أنسى طول حياتي كيف وقع نظري من بعيد على شخصية الملك عبد العزيز، وهو في موكبه منحدراً من ذلك الباب، متجهاً إلى الكعبة المشرفة، وكان في ملابسه البيضاء، لا أنسى طول قامته، ولا أنسى إشراق وسامته، ولا أنسى هامته العظيمة المرفوعة المطلة على الجموع المتماوجة الهامات حوله، وهو حاسر الرأس، أشعث الشعر، عريض المنكبين، تحف به حاشيته من الأمراء ومن الحرس ومن المرافقين، وكلهم محرمون بالعمرة في مثل زيه لا يفرق عنهم، إلا بطول هامته وقامته، وبأنه لا يحمل سلاحاً.. بينما جميع من حفوا به مسلحون..
كان موكب الملك حينئذ متجهاً إلى الكعبة، وكان أكثر من كان في المسجد الحرام حينئذ، قد تركوا أماكنهم واتجهوا لمشاهدة الملك في موكبه مقبلاً على الطواف بالكعبة، مبتدئاً بتقبيل الحجر الأسود، ثم منطلقاً بعد ذلك في دوراته السبع تحت أستار الكعبة، وقد أصبحت الجموع التي تحف به صفوفاً متراصة خلفه، وهو يتقدمهم في وقار وطمأنية وهدوء وتواضع.
كانت صحته يومئذ ممتازة، ولا أزال أتذكر كيف كنت أراه يرفع يمناه عند الإشارة إلى الركن اليماني، ثم يمسح بها عليه، ثم يتجه بعد ذلك، إلى الحجر الأسود فيقبله في كل دورة من دورات الطواف السبع، حتى إذا انتهى من الطواف بالبيت الحرام توجه إلى المصلى خلف مقام إبراهيم، فأحرم بركعتي سنة الطواف، حتى إذا انتهى منهما رفع يديه داعياً، وقبل أن يقوم أقبل عليه كالعادة الزمزمي الذي يحمل ماء زمزم فصب له في "طاسة" من ذلك الماء فيملأها ثلاث مرات، والملك يتناولها من يده ويشربها، حتى إذا ما انتهى من التشبع من ماء زمرم في مجلسه ذلك، قام متوجهاً إلى أمام مقام إبراهيم، حيث وضعت له سجادة جلس عليها ينتظر أذان المغرب ليؤدي الفريضة مع جماهير المصلين خلف إمام المسجد الحرام.
وصلينا كما صلى الناس حوله، حتى إذا ما انتهى من صلاة المغرب وأدى ركعتي سنة المغرب، قام الملك متوجهاً إلى باب الصفا، ليبدأ أداء السعي بين الصفا والمروة، وقد اكتظ المسعى بمن وقفوا على أطرافه يشاهدون الملك عبد العزيز وهو يؤدي هذه الشعيرة من مناسك العمرة.
حتى إذا تم له ذلك ركب سيارته إلى القصر الملكي المعروف في طرف مكة يومئذ المسمى بقصر السقاف.
كانت هذه النظرة الأولى التي ألقيتها على شخصية الملك عبد العزيز في حياتي، سبقها طبعاً سماعي بصيته واسمه ومكانته، وبأنه ملك هذه البلاد، إذ كنت في ذلك العام لم أدخل المدرسة الابتدائية بعد، ففد كان دخولي لأول مرة للمدرسة في العام الآخر وهو عام 1346هـ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :665  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 26 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.