شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شكيب أرسلان
أتذكر ممن كان يغشى مجلس الأمير في مكتب حسين العويني ويزوره سماحة مفتي لبنان يومئذ الشيخ محمد خالد، والكاتب العربي الشهير أمين الريحاني، والمحامي والسياسي اللبناني حبيب أبو شهلا، ودولة الرئيس رياض الصلح، وتقي الدين الصلح، وكاظم الصلح، والزعيم علي ناصر الدين من مؤسسي عصبة العمل القومي في لبنان وسوريا، ومن يفد على بيروت من رجالات سوريا، وأخصهم رجال الكتلة الوطنية يومئذ، أو ممن يجيئون إليها من طرابلس، فيكون مجلس الأمير شكيب حيث ما يوجد غاصاً برجالات العرب والصحافة والأدب، وممن يفد إليها من الأردن أو من فلسطين.
لقد كنت أتحين الفرص كلما ساعدتني ظروف دراستي في الجامعة الأمريكية وأجيء إلى مجلس الأمير شكيب، وأجلس بين من يجلسون وأستمع فيما يدور فيه من أحاديث مع من يستمعون، وقد شجعني على كل ذلك ما كنت ألقاه من عطف ومودة الأمير شكيب بالذات، وأغبط نفسي على هذه النقلة التي خرجت بها من المحيط الاجتماعي الضيق في مكة إلى مثل هذا المحيط الزاخر والصاخب برجالات ذلك الرعيل المجاهد من البلدان العربية أتذكر الزعيم السوري المشهور يومئذ فخري البارودي، الذي كان يزور بيروت مرات وكرات ويجيء إلى مجلس ومنزل الأمير شكيب، فيكون فيه نجماً ساطعاً بين نجوم تلك المجرة من الأعلام العرب، وكانت قد سبقت لي معرفة بالزعيم البارودي في مكة يوم جاءها عضواً في وفد سوري يتألف منه، ومن دولة الرئيس جميل بك مردم، والشاعر السوري الشهير "شفيق جبري" شاعر الشام، وكانت زيارته لمكة يومئذ في موسم الحج من العام الذي حج فيه وفد كشافة العراق الذي جرت له في الحجاز احتفالات أدبية مشهورة شهدها الوفد السوري، بين من شهدها من الوفود العربية الأخرى التي جاءت لأداء فريضة الحج لذلك العام.
وكنت بين من حيّى وفد الكشافة العراقية يومئذ في المهرجان الذي أقامه شباب مكة لتحيتهم والترحيب بهم، والذي حضرته شخصيات كبيرة من العالم العربي والإسلامي ممن وفد إلى موسم حج ذلك العام، وكان بينهم الكاتب المصري الشهير السيد محمد الغنيمي التفتازاني. وكانت تحيتي الشعرية هي قصيدة كان مطلعها:
شبه الجزيرة موطني وبلادي
من حضرموت إلى حمى بغداد
أشجو بذكراها وأهتف باسمها
في كل جمع حافل أو نادي
منها خلقت وفي سبيل حياتها
سعيي وفي إسعادها إسعادي
كلٌّ له فيمن أحب صبابة
وصبابتي في أمتي وبلادي
وهي كاملة في ديوان شعري المخطوط تحت الطبع.
وفي هذا الحفل تعرفت على السيد محمد الغنيمي، وعلى فخري البارودي، وسرّ كل منهما بالنفس الشعري الذي تجلّى في تلك القصيدة، على صغر سني وأنا طالب في مدرسة الفلاح بمكة، وتعلَّق في ذهن الاثنين ما علق من معاني هذه القصيدة، وبقي فخري البارودي منذ تلك السنة عندما يزور بيروت ويجيء إلى حرم الجامعة الأمريكية فيزور ويتفقد بعض أصدقائه فيها، وبينهم الأستاذ الكبير قسطنطين زريق، والأستاذ العربي القومي فوائد مفرج، والطالب يومئذ بالجامعة محمد شقير.. ويكون اسمي بين الأسماء التي يبحث عنها فخري البارودي بين الطلاب في الجامعة الأمريكية ليلتقي بي، وقد يأخذني معه فيمن يأخذ من الطلاب إلى مقهى "فيصل" المعروف على بوابة الجامعة، أو إلى مقهى "أبو عفيف" الواقع في ساحة الشهداء في قلب بيروت. فإذا التقيت به في مجلس الأمير شكيب المشار إليه آنفاً في مكتب حسين العويني، يتذكر قصيدتي في مكة ويروي أبياتها الأربعة الأولى لمن يحضر، فيكون سرور الأمير شكيب أرسلان بسماعها باعثاً على ذكره البيت الذي تعلق بذهنه في القصيدة التي حييته بها في مكة أيضاً.
وهكذا كانت أيامي في بيروت تتخلل الدراسة فيها جولات أدبية كنت أنتهزها لأجدد بها صلات ودية مع الرعيل الأدبي الذي كانت بيروت تزخر به في تلك الأيام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :672  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 22 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج