شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في التعازي
يقولون إن الإخوان يعرفون بالشدائد، والموت أشدّ الشدائد. يهرع عنده الخليل الوفي إلى مواساة صاحبه وشدّ أزره والتهوين عليه وتذكيره بحكمة الباري وسنّة الحياة. يسارع أكثرنا إلى عمل هذا البرّ بالحضور والتشييع وبإرسال الرسائل والبطاقات والبرقيات لمن نأى. أما الشعراء فبيدهم قريحة الشعر يطوعونها ويسخّرونها في تعزية الصديق، ولا أشكّ في أن القصيدة التي يتسلّمها المنكوب تحدث أطيب الأثر في نفسه في التخفيف عن مشاعره. هذا ما دأب عليه معظم الشعراء؛ المشاركة في الحزن والمشاطرة في البلوى أسلوب من أساليب التعزية، كما نلمسه في قصيدة للشريف الرضي في تعزية صديق له، حيث يقول:
أخي جبراً لك من عثرة
لا بدّ للعاثر أن يوهنا
إن التي آذتك مـن ثقلهـا
هلمّها نحملها بيننا
ساقيتك الحلـو فلا بدعـة
إن أنا طاعمتك مـرّ الجنى
سلبت مـا أعجزنـا ردّه
في قوّة السالب عـذر لنا
قضاء الله عزّ وجلّ، ركن آخر وموضوع مألوف في التعازي حيث يذكر المعزّي صاحب المصاب بما قدّره الخالق وحقّ على المخلوق أن يخضع له. وهذه كلها أفكار تتردّد باستمرار في التعزيات الإخوانية. ورد مثل ذلك في أشعار بعث بها عبد الله بن أبي عيينة إلى صاحب طاهر بن الحسين الذي ألمّ به مصاب هال عليه واشتدّ في وقعه، فقال له صاحبه الشاعر:
لما رأيتك قاعداً مستقبلاً
أيقنت أنك للهموم قرين
فارفض بها وتعرّ من أثوابها
إن كان عندك للقضاء يقين
ما لا يكون فلا يكون بحيلة
أبداً وما هو كائن سيكون
يسعى الذكي فلا ينال بسعيه
حظاً ويحظى عاجز ومعين
سيكون ما هو كائن في وقته
وأخو الجهالة متعب محزون
ومن أظرف ما ورد في التعازي قول أبي فراس الحمداني في تعزيته للقاضي أبي الحصين في فقد أحد أبنائه، إذ قال:
تقاسم الأيام أحبابنا
وقسمها الأفضل والأجمل
وليتها إذ أخذت قسمها
عن قسمنا تغمض أو تغفل
 
طباعة

تعليق

 القراءات :616  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 50 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.