شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ويل للشاخر من الساخر
من أظرف شعراء العهد العثماني الشيخ محمد نجيب مروّة، الذي ولد ونشأ في قرية سلعا من جبل عامل في لبنان وسط بيئة مسرفة في الفقر والجهل ومن عائلة محرومة من رعاية الأب وموارد العيش وصف ذلك المحيط في شعره قائلاً:
لقد ترعرعت في (سلعا) ولا كتب
عندي ولا فضة كلا ولا ذهب
ولا فتى ذو علوم زانه أدب
من أهلهـا يتولّـى أمـر تأديبي
نشأت بين أنـاس كلهـم همج
جوارهم شـدة للمـرء لا فرج
بعداً لهم كم مضت بينهم حجج
وقد صبرت عليهـا صـبر أيوب
لكن الشيخ رحمه الله كان عصاميا تغلّب على ظروفه السيئة وأبى إلاّ أن يجلو للآخرين شرف معدنه وحسن فطنته، فأصبح من أعلام الواعظين والمتأدبين. وكالكثيرين ممن عانوا من الحياة، انصرف الشيخ الى قتل همومه بالسخرية والفكاهة وسار في ذلك سيرة العديدين من فقهاء الإسلام الذين جمعوا بين علوم الدين وخفّة الظرفاء، وأصبح مجلسه عامراً بالنكات والطرائف والمقالب.
حدث له أن قضى ليلة مع صديقه موسى الزين شرارة، أقضّ فيها مضاجع صاحبه المضيف بالشخير طوال الليل، ولم يتمالك هذا غير أن يقطع أوصال أرقه بنحت قصيدة يهجو فيها ضيفه على شخيره. من المؤسف أن علي مروّة مدوّن سيرته وشعره، ولم يأت على ذكر هذه القصيدة في كتابه القيم "روائع الأدب الفكاهي العاملي"، بيد أن المؤلف الفاضل أورد جواب الشيخ محمد عليها في أبيات ظريفة قال فيها معاتبـاً :
أموسى الزين أنت أعزّ صحبي
وأنت فتى على الأعدا نصيري
وعهدي أن شخصك لي محب
يسر برؤيتي كل السرور
وإنك مخلص تهوي لقائى
وقربي في العشـيّ وفي البكـور
فكيف كرهتـني وزعمـت أنّي
ظلمتك بالشخير وبالنخير
وإنك عفتني وأنفت مني
وكنت عليـك أثقـل من ثبير
ألم تعلم بأن النوم فيه
يصير المـرء معـدوم الشعور
وأن الناس كلهم إذا ما
غفوا امسـوا كسكان القبور
فكيف هجوتني ونسيت أنّي
إذا أوذيت اهجى من جرير
وان قريضي المشهور قمح
وشعرك كله مثل الشعير
وأن جميع أقوالي لباب
تسرّ به الإنـاث مـع الذكور
وأنت إذا نظمت الشعـر تأتي
بأقوال أقلّ من القشور
وها أنا قـد تركتـك عن إخاء
قديم عهده لا عن قصور
ولم أك خائفاً من بعد هذا
فقد يعفو الكبـير عـن الصغير
 
طباعة

تعليق

 القراءات :637  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 41 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل