شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هارون الرشيد شاعراً!
لا أدري إن كان لرؤساء الدول أصدقاء، بحيث أجوّز لنفسي أن أروي شيئاً عن هارون الرشيد والعباس بن الأحنف تحت عنوان "الشعراء في إخوانياتهم"، ولكن حكاية طريفة عثرت عليها أخيراً في كتاب "أحلى طرائف ونوادر الشعراء"، من سلسلة "أحلى الطرائف والنوادر" الممتعة والمغنية حقاً.
يقول صاحب الرواية أن هارون الرشيد نظم في إحدى الليالي بيتاً من الشعر، ولم يستطع أن يشفعه بآخر. وهذه مثلبة غير متوقّعه من الخليفة العالم، أن يقضي ليلته في نظم بيت واحد من الشعر، ولكن هذا ما يقوله صاحب الرواية. نعم لقد امتنع عليه القول، فقال: "عليّّ بن العباس بن الأحنف". الذي وصفه البحتري بأنه كان أغزل الناس، ولولا أن سمع الخليفة بذلك لما بعث عليه. ربما لبعث على نزار قباني، فهو أقدر على الغزل، وأقدر على الغزل منه على السياسة.
تراكض رسول الخليفة الى بيت العباس بن الأحنف، وكأي رسول يرد من السلطان لا بد أن يثير وصوله قلق الحاضرين وذعرهم، فهذه الحكاية جرت في بغداد. ما أن طرق باب الشاعر حتى عمّ الهلع جوانب البيت، ولكن الرسول طمأنهم في الأمر، وأكد لهم أن الموضوع لا يتعلق بالمخابرات قطّ.
وصل الشاعر إلى قصر الخليفة، فقال له الرشيد: "وجهت إليك بسبب بيت قلته، ورمت أن أشفعه بمثله فامتنع القول عليّ".
تنفس الشاعر الصعداء، وقال له: "يا أمير المؤمنين، دعني حتى ترجع اليّ نفسي، فإني تركت عيالي على حال من القلق عظيمة، ونالني من الخوف ما يتجاوز الحد والوصف". فأمهله الخليفة هنيهة يسترجع فيها أنفاسه، ثم أنشده ذلك البيت الذي قضى الليلة في نظمه، فقال:
جنان قد رأيناها
ولم نرَ مثلها بشرا
فأشفع العباس بن الأحنف بيت الخليفة ببيت من عنده قائلاً:
يزيدك وجهها حسناً
إذا ما زدته نظرا
طرب الرشيد لذلك وأعجب به، فقال للشاعر: "زدني من عندك". فقال العباس بن الأحنف:
إذا ما الليل سال عليـ
ـك بالإظلام واعتكرا
ودجّ فلم تر قمراً
فأبرزها تر القمرا
ازداد الخليفة طرباً لما سمع من شاعره، فقال له: "قد ذعرناك وأفزعنا عيالك، وأقلّ واجب أن نعطيك ديّتك". وأمر له بعشرة الآف درهم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1553  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.