أمكرِّمَ العلماءِ والأدباءِ |
ومُكلِّلَ الإبداع بالأشذاءِ |
ومُبجلَ الفكرِ الرفيع؛ تضيئه |
قمراً بهذ الدَّوحةِ القَمراءِ! |
باركتَ أصحابَ اليراعـةِ والـرؤى |
وجَلوتهمْ في بهجةِ الأضواء! |
فحففتَ بالقِنديلِ كُلَّ مهذبٍ |
صافَى نَدَيَّك زَهرةً الأبهاء |
وشرعتَ نافدةَ الوفاءِ لنُخبة |
ٍحملتْ لواءَ الخير للعلياء |
ونقشتَ مـن لفتـات حسَّكَ لمسـةً |
أضفيتَ لُؤلؤَها على الأَكفاء |
* * * |
مـن أنت؟ تَحفِـلُ بالثقافـةِ آنسـاً |
بالوقـتِ، في زمـن، مـن الأعباء؟ |
زمنٍ بعـبءِ الآسِ مشتعـلٍ، علـى |
سفرٍ، يَضيقُ بساعةِ استيحاء! |
القارئون به بقايا صَفوةٍ |
منحتْ فضاءَ العقلِ نهرَ بهاء |
والكاتبون مَشاربٌ حشـدتْ علـى |
ورق الصِّحافةِ غمغماتِ خَواء |
أنصاف قرَّاءٍ، على أرْباعِهمْ |
من مترَفي السمَّار والخُلطاء |
وتصدرتْ زَهوَ المنابر جَوقةٌ |
مَمهورةُ الأقلامِ بالخُيلاء! |
هَمٌّ (الظُّهـورِ) مُدغـدغ أصواتهـم |
في (زَفَّةٍ) مَطلولةٍ بِرياء! |
أغراهـمُ الوَلَـعُ الملمَّـعُ بالفَريـ |
ـدِ، فأمعنوا في لُعبةِ الإغراء! |
وتشغَّفتهمْ رؤيةٌ منحولةٌ |
ذبَلتْ، وعفَّرها فُصول ضِياء! |
أهو الجديـدُ؟ وما الجديـدُ؟ المستعـا |
رُ الصوتِ والإيقاعِ والإيماء؟ |
وَهْمٌ تلبَّسه الفضولُ مُهوِّماً |
فيهـم.. أتلكَ حداثـةُ الصحـراء؟ |
(ما غـادرَ الشعـراءُ مـن مترنَّـمٍ) |
بَل غادروا "سِقطَ اللـوى".. بِعـراء! |
إن الجديدَ لمَن يُطارحُ فكرَه |
لا مَـن يُديمُ صـدىً من الأصـداء! |
وتجاسـرتْ لغـةُ السديم؛ فكلُّ مَـن |
سَلَّ اليراعَ أراقَ حِبرَ هُراء! |
فمضى الأديـبُ مطأطئـاً مِصباحَـه |
في بَونِه المصفودِ بالدَّهماء! |
لم يُلفِ مَن يَرتادُ وَرْدَ كلامه |
أو مَن يُشاطِرُه المدى بجلاء! |
الفكرُ صـارَ مُدمِّـراً.. بـين المحنْـ |
ـنَـطِ والمُبهـرَجِ في شَفيفِ طِـلاء! |
ليتَ الفتى قمـرٌ تَشِـفُّ بنـوره الـ |
أَنْواءُ للساري على إدجاء! |
* * * |
يا سيدي، ماذا تَرومُ من الفتى |
مَرماهُ هذا الشعرُ؛ بعض عَطاء؟ |
لم يُصفِه إلا الشجونَ، وربمَّا |
عاناهُ هَمّاً مُشعَلاً بِرُواء! |
لكنه عاشَ الشعورَ مُوطِّناً |
للحبِّ رُؤيا شاعرٍ غَنَّاء! |
الشعـرُ نبراسُ الكـلامِ، شُعاعُ نَبْـ |
ـرَتهِ رؤىً لمَّاحَةُ الإيحاء! |
لملمتُ أطرافي بريشِ جناحِه |
وزففتُ في آفاقِه الزَّهراء! |
ورضبتُ وَرْدَ فُراتهِ، فأنالني |
شفقـاً تَسلسلَ فـي رَفيـفِ نجِائي! |
سميتُـه قَمـَري؛ فأشعـلَ ليلـيَ الـ |
مبثوثَ في تَرنيمةِ الغُرباء! |
فضممتُ أسحاري إلى القلبِ الـذي |
عَشِـقَ السَّنـا في المَوطـنِ المِعطاء! |
غنيتُ للوطنِ المقدَّسِ للطفو |
لةِ، للقلوبِ حَفِيَّةً بالماء! |
وقرأتُ نَبـضَ الأرضِ والإنسـانِ في |
مِرآةِ هذي الغُربةِ الرَّعناء! |
فإذا الحقيقةُ فكرةٌ مخبوءةٌ |
لم تَرتسمْ في جَوهرِ الأشياء! |
وإذا السلامُ مُسَوَّمٌ بدمٍ يَمو |
جُ بناره الإنسانُ في بَيداء! |
وإذا الكلامُ مُطـوَّقٌ بالسَّيـفِ.. أو |
بالزَّيفِ، أو بالصَّمـتِ.. والإغضـاء! |
وإذا الدَّهاءُ ذريعةٌ في عالمٍ |
مُتَسَرْبِلٍ بثَعالبِ الأحياء! |
لا يَسلمُ الصوتُ الشريف مـن الأذى |
حتى يُواطئَ سائدَ الأهواء! |
* * * |
عفواً صديق الشعر والشعراء |
إن جشتُ بالأشجـان من بُرَحائـي |
فحرارة الماء المعلَّق في فمي |
كبراءة الطفل الغريب النائي |
لم نعطه أمْنَ الضِّفاف ولم نضئ |
عينيـهِ.. كيف يَـرى ظِلال صَفَـاء |
عَبثاً نُوشوِشُ ظِلَّنا، ويُريبُنا |
صَمتٌ يُحـدِّثُ عَن جِـراح إِبـاء! |
فهُنا مَدارٌ للحوارِ، ومنتدىً |
للساطِعينَ أحقُّ بالإفضاء! |
آلفتَ فيه: مُعلماً ومفكراً |
في عِقدِ كوكبةٍ مِنَ النُّبهاء! |
وعَطفْتني؛ فأقمتني في مَوقعٍ |
أُدني به صَوتي على استحياء! |
في مَحفِلٍ أضفى وَقارُ سَراتِه |
سَبباً لناشِدِ حِكمةٍ.. وسَناء! |
أُصفي وَقارَ القوم وُدّاً صغْتُهُ |
مِـن لُطفِ وَقـتٍ عاطِرِ الإصغـاء! |
وأُجِلُّ نفسـي والكرامـةَ أن نُـرى |
في شاعرٍ مُتزلِّفٍ.. ومُرائي! |
وأرَى بَهاءَ الشعرِ أنقى طلعةً |
مِن أنْ يُشـابَ بِوَصْمَـةِ استخـزاء! |
أتُراكَ -في هـذا النّـدِيِّ- مُكرِّمـاً |
وقتَاً لنَبضِ الحاذِقِ البنَّاء؟! |
أنتَ المكرَّمُ في الرجالِ؛ فإنهم |
لهِجوا بلُطفِـكَ في حَميـمِ جِـواء!! |
* * * |