كزهوِ اليمامِ تدانى بياضُ هواهُ على كلِّ غصنْ! |
- أأنَتَ الذي طوقتكَ سنينُ السوادِ |
ونالتْكَ نارُ المقامِع.. |
لمْ تحْنِ صوتك للريحِ، |
أو تُمتهنْ؟ |
- أنتَ.. مَنْ؟ |
لمْ تزلْ شامخاً في الرياحِ |
ومحتدماً بالرماحِ |
ومنتصِباً كالزمَنْ! |
* * * |
يا حفيَّا، تفتَّقُ زهر المدائن رؤيا |
وتبعثها مِنْ وهَنْ! |
لمُ تئنْ! |
أيُّها الأسمرُ المتلبِّسُ بالهمِّ مثلَ اليمامْ |
لمْ تئنّ! |
أيُّها الأسمرُ المتزيِّي بياضَ الكلامِ |
على الجمرِ.. تستلُّ سيفَ السلاَمْ |
لم تئنّ، |
وأنتَ تخوضُ بُروقَ المواقيتِ مكتسياً بالشجنْ! |
- قلتَ: "لا أنثني، أو أموتَ.. |
ولا أتملَّى الشموسَ، وقوميَ في الظلموتِ |
على كفِّ جِنّ!" |
صرتَ تطوي الدياجيَ في المُرتهنْ! |
لمْ تهُنْ! |
لمنفاكَ أوسمةٌ مِنْ دماءِ القَنَاديلِ.. |
أنتَ اختصرتَ بها ورقاتِ الأهلَّةِ |
فوقَ نجيعِ المحنْ! |
* * * |
زهرتانِ تفتحتا في يديكَ: |
رؤاكَ، |
وليلُ المنافي المطلُّ بصُبْحٍ أغَنْ! |
كنتَ تبلو سوادَ السنين المليئةِ بالرقِّ، |
كنتَ.. وطوَّفتَ بين القيود |
فلم تستكنْ! |
وها أنت تفتضُّ ليلَ السنين المشفَّةِ بالرقِّ.. |
تطلع في النور.. لا واهياً |
أو مُدِلاًّ بطالعِكَ المحتضنْ! |
* * * |
أيُّها الأسمرُ المتوشحُ بالأرجوانِ، |
تبيَّنْ وجوه بنيكَ المحاذينَ ظلكَ في المهرجانْ! |
أيها الأسمرُ المتزنْ! |
كيف أنت وهذي الوجوه تحاذيكَ.. |
تقبس من روح رؤياكَ، |
من صوتكَ الحرِّ أبهى فننْ؟ |
أنت لم تستكنْ! |
واستكانَ سواكَ.. ولم تستكنْ! |
استكانَ المفكر، والشاعر المتفرنس، والسائس المؤتمنْ! |
وها أنت تحمل راياتِ أفقكَ -بين المدائنِ- |
يا ناصعاً بين كلِّ الوجوهِ، |
تلوِّحُ للمولعين بآفاقِ صوتكَ: |
أنَّ "الجنوبيَّ" أحرى بماء السلامِ الغريبِ |
وأخلقُ أن يطمئنْ! |
فهذا زمانكَ يا ناصعاً كالصباحِ |
اطمئنْ! |
* * * |
كزهو اليمام تدانى بياضُ صداكَ على كل غصْنْ! |
آه.. لو يتدانى على فنن "الشرقِ"؛ |
يخرج من جايلوكَ وراءَ المتاريسِ |
بين الأذى.. والردى! |
أيها الأسمرُ المتوهج في بهو هذا المدى، |
أنت.. مَنْ؟ |
* * * |