| وقفتُ ببـابِ اللهِ، والقلـبُ باسـطٌ |
| مداهُ، وأقباسُ المآذِنِ تخفُقُ! |
| وآفاقُ ألطـافِ الملائـكِ تصطَفـي |
| شفيفَ رؤىً حولَ "المطـافِ" تُحلِّقُ! |
| هَفَفْتُ لها! يا للشَّـذا الغَضِّ ناشِـراً |
| جناحَيْـه؛ يُذكيـه الفَضـاءُ المزَنْبَقُ! |
| نَجاوى تِلاواتِ؛ يُرجِّعُهـا الصَّـدى |
| على أنفسٍ في شُرفـةِ البَـدرِ تُطلَقُ! |
| تَشَوَّفْتُها رُوحاً ألوفاً.. كأنَّما |
| تـأوَّبَ أغصانـي مِنَ العُمْـرِ رَيِّقُ! |
| ورِعْشَـةُ أنـسٍ جاذبتـني ولامست |
| رفيف سناً في سـوسنِ الـرُّوح يبرُقُ |
| سماويَّـةُ الإشـراق، قُدسيَّـةُ الهدى |
| يفيـضُ بها القنديلُ؛ يَدنو.. ويَسْمُقُ! |
| فأرهفْتُ للنجوى حنينَ مُؤمِّلٍ |
| تشغَّفَـه صـوتٌ مِنَ الغَـيبِ أعمَقُ! |
| وأشرقتِ النفسُ الرقيقـةُ، وانحنـتْ |
| تُطيفُ بإيماءِ السَّنا.. وتُحدِّقُ! |
| ولامَحْتُها تخضلُّ في ضِفَّةِ المنى |
| وتَلطُفُ في غُصْنِ البيـاضِ.. وتُورِقُ! |
| فأومأْتُ –ظمـآنَ الجوانـحِ- للرُّؤى |
| يُعاطِرُها، في الرَّفرفِ الخُضـرِ، رَوْنَقُ! |
| تَنوسُ بعينيَّ التفافاً؛ فأجتلي |
| صَباحيَ في أفوافِها.. يتفتَّقُ! |
| * * * |
| ولملمتُ أشواقَ اللهيفِ إلى ذُراً |
| يُجلِّلُها في سِدرةِ النُّورِ مَرفِقُ! |
| وناديـتُ: يـا ربَّـاهُ، مَوقِفُ آيـبٍ |
| إليـكَ، وميقـاتُ الحمائـمِ مُطلَقُ! |
| أعِذني برؤياكَ البهيَّةِ؛ إنني |
| لمحتُك في قلبي المؤرَّجِ تَأْلَقُ! |
| وأنتَ على عـرشِ الجلالـةِ بـاذِخٌ |
| -لدى القُدسِ– تحنو بالمنـارِ وتُغْدِقُ! |
| سَمـوتَ؛ وآنستُ الحقيقـةِ هالـةً |
| تحـفُّ بأنفـاسِ الشَّغـافِ، وتنطِقُ! |
| حَنانَيكَ؛ هذا مَوقفٌ مُتبتلٌ |
| تشِفُّ به فيـكَ القلـوبُ، وتَصدُقُ! |
| وأنتَ الـذي نمنمتَ في القلبِ لمسـةً |
| تضيء بهـا نَبـضَ اليقـينِ؛ فتُشرِقُ! |
| نَهِلْتُ شذا نجواكَ في بهجـةِ الرِّضـا |
| ولُطفُكَ أحـنى بالقلـوبِ.. وارفَقُ! |
| ويَاليَ في هذا الجِواءِ تحفُّني |
| لطائِـفُ مِنْ رَوْحِ الجِنـانِ تُشَقْشِقُ! |
| * * * |
| هُنا مَهبِط الوَحي المشِعِّ على الـوَرى |
| رسـالاتِ تنويـرٍ حَباهـا المصَّدقُ! |
| نَبيٌّ بنبراسِ السماءِ توشمَّتْ |
| يداهُ؛ فأزهى في المدائنِ بَيرَقُ! |
| هنا "الحرمُ" القُدسيُّ و"الكعبـةُ" التي |
| يفِيءُ إليهـا مُؤمِـنُ القلبِ.. مُشرِقُ! |
| هُنا "زَمزمُ" المَبرورُ بالـريِّ والشِّفَـا |
| يُسَلسِلُه النبعُ الجليلُ؛ فيَدفُقُ! |
| هُنا "رمضانُ" المُزدهي بجلاله |
| تسابيـحَ في نُـورِ الرِّحـابِ تُرقرِقُ! |
| هُنا الراكعـونَ - الساجدونَ أهِلَّـةٌ |
| يُحاذي هُداهـا: الطائفـونَ تدفَّقوا! |
| وآياتُ آلاءِ العشِيَّاتِ طاقةٌ |
| مِـنَ البِـرِّ حيَّاهـا الكـريمُ الموفَّقُ! |
| وترتيلةُ "القـرآنِ" في حَـرمِ التُّقـى |
| مَباهـجُ إيحـاءٍ بـه النَّفـسُ تَعلَقُ! |
| وقلبي، بمـا أصفَيْتَـه مِـن نَقـاوةٍ، |
| يُسانحُ ريحانَ السماءِ؛ فيَأْنَقُ! |
| حَفَفْـتَ ضِفافي بالنَّـدى؛ فأظلَّـني |
| بهـاؤكَ -في طهـرِ المـدى- يتدفَّقُ! |
| وأهديتني أنتَ السلامَ؛ فردَّني |
| إليـك صَفـاءُ مُسبَلُ الوَردِ.. مُؤْنِقُ! |
| فناضَلْتُ أهوائي، وأسلمـني الحجـى |
| إلى سَـروةٍ في جِلْـوَةِ الصبحِ تَطْلُقُ! |
| عرفتُ بها دَربي إلى الحـقِّ، مـا أرى |
| لغَيركَ وِرداً أحتذيه.. وأطرُقُ! |
| ألستُ فتىً مِن قُدسِ "مكـةَ" أرتـوي |
| بعِطـرِ يَديـكَ الحُلوتـينِ، وأعبَقُ؟! |
| فَهَبْ لبلادي ما يُؤثِّلُ أهلها |
| بواديـكَ! ما زِلنـا ببَهـوِكَ نَبْسُقُ! |
| وكَلِّلْ تخومَ المؤمنينَ بكوكبٍ |
| يُؤلِّفُهم فيه الإخاءُ الموثَّقُ! |
| ها.. إنني عند "الحطيـم" مطأطـئٌ |
| جَناحيَ؛ لكنَّ الضميرَ محلِّقُ!! |