شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قصيدة المدى
لقد جاذبتنـا نجمـة الدرب، والرؤى
خيـالات أقـواس تخـب على الدرب!
عطفت! تـرى، مـاذا أرى من مطالعي؟
أتلك خطـاي الخضر ينـدى بها ركبي؟
أرى زمناً في لؤلؤ الأفق بازغاً
فأهتـف: يـا الله، هـذا المـدى قلبي!
*
قَصِيدَةُ المَدَى
إلى أَيْنَ؟ مَا زِلْنا نَخِـفُّ مَـع السِّرْبِ
كِـلانا يُحـاذي شاطِئَيْـهِ إلى قطبِ!
نَقولُ: علـى رِسْلِ الفَضـاءِ، فإنـه
من الأملِ المضْفورِ في بـازغِ الحُجْبِ!
مُهَفْهَفُ رَيْحـانِ القُلـوبِ، يَفُضُّـه
صباحُ النَّـدى والتَّمْتَماتِ على اللُّبِّ!
يَرُودُ بِنا خَضْـرَ الضِّفـافِ هُنَيْهَـةً
لِوَقْعِ خُطـى الأيَّامِ في نُهْـزَةِ الحُقْبِ!
يَجيشُ بـه بَـوْح العَناقيـدِ مَوْعِـداً
تَواءَمَ فيـه البـدءُ يَهْفُـو إلى الغِبِّ!
أحَقّـاً تَوَالَيْنا على الـرَّأيِ، لم نُجِـلْ
إلى التُّرْبِ إيمـاءً، ونَحنُ بَنـو التُّرْبِ؟
تُرانا، تَقَارَأْنَا المَواقِيتَ: جَدْوَلاً
يَمُوجُ، وقَطْـراً يَكْتَسي دِيمَةَ السُّحْبِ؟
وَعَيْتَ؛ فَنَاهَزْتَ الفُصـولَ؛ فمَسْرَبٌ
رَخيصٌ، ودَرْبٌ يَسْتَريـحُ إلى صَوْبِ!
وَنَادَيْتَ في المِضْمارِ: إنَّ دُروبَنا
كِبارٌ، وجَالَدْتَ الضنى.. لم تَقُلْ: حَسْبي!
مَضَيْنا مَعاً.. لم نَبْتَـدِرْ غَيْـرَ مَـوْردٍ
نُجاري سَنـا غادِيهِ؛ جَنْبـاً إلى جَنْبِ!
وَأنتَ مُـدِلٌّ؛ مـا تَبـوحُ، ولا تَني
تُجاذِبُنـا في جَمْـرةِ العِبْءِ بالقَلْبِ!
تَجاسَرْتَ! هَلْ شَارَفْتَ في الوَرْدِ هاجِساً
تُديمُ به نَبْـعَ اليَقـينِ بِـلا شَوْبِ؟
وَطَوَّفْتَ تَسْتَدني الرَّحيبَ، وتَصْطَفـي
مَنـارَكَ مِن أقصى مَطالعِكَ الشُّهْبِ!
أَتَذكُرُ؟ أَمْ مَـا زلتَ تَنْتَهِـزُ المَـدَى
على وَتَـرِ الأيَّامِ، في شَغَـفِ الغَيْبِ؟
وَتِلكَ هُنيْهاتُ الزمانِ يَبُثُّها
حَفِـيٌّ؛ لِذِكْرانا مـن الزَّمَنِ العَذْبِ!
* * *
بَلَوْتَ بَني الإنسانِ، آلَفْتَ وَجْدَهُمْ
وعُدْت بما يُغني الكريمَ عن العُجْبِ!
وَأَلْفَيْتَ ما ألفيْتَ! إنَّ رِفاقَنا
-على الشَّطْءِ- يَسْتَهْدُونَ بالعاطِلِ الصَّعْبِ!
وَكُلُّ له إرْبٌ، سِوانا؛ تُضِيئُنا
إلى "الله" أقْبَـاسٌ تَجِـلُّ عَلى الإرْبِ!
وَكُلٌّ لـه عـن سَوْسَنِ المـاءِ عَطْفَةٌ
إلى سَوْسَـنِ الرُّكْـنِ المُوشَّحِ بالرَّيْبِ!
فَيا مَاءُ، طَـرِّزْ باخْضِرارِكَ صَخْرَنـا
ورَقْـرِقْ على مِرآتِه نَضْـرَةَ العُشْبِ!
تَناثَـرْ بأَصفـى قَطـرةٍ تُفْعِمُ الثـرى
وهَفهِفْ علينا في سَنا غُصْنِكَ الرَّطْبِ!
ومَوِّجْ لنـا يَنبـوعَ زَهْـرِكَ؛ فالصِّبا
يُخالِسُنـا الأوقاتَ في لَذْعَـةِ الذَّنْبِ!
ونَمْنِمْ رُؤى الطِّفْـلِ الغَريبِ بلَمْسَـةٍ
تُؤرِّجُ في أعْطَافِه لَهْفَةَ الوَثْبِ!
لَعَلَّ يَداً تَحْبُو البلادَ قلادةً
تُظَللُ أبْراجَ الطُّفولةِ بالهُدْبِ!
وَقُـلْ أيُّها الطفـلُ الجديـدُ، تجاوبتْ
لميقاتِكَ الآفـاقُ، فَابْدَأُ خُطَى الرَّأْبِ!
وَخُضْ، في تَلافيفِ الحِيـاةِ: جَديدَهـا
لرُؤْيا غَـدٍ لَدْنٍ من الطالِـعِ الخَضْبِ!
وَنَحْنُ اكْتَهَلنـا، في مَشارِبِ خطْوِنا،
على مَدْرَجِ الأيامِ، عن سانحِ الجَذْبِ!
وَلكنَّنا في غَيْبَةِ الرَّأيِ نَفْثَةٌ
تَشِفُّ بمِـرآةِ النَّصاعَـةِ في الصَّحْبِ!
نَظَلُّ على الميثاقِ في المَوْكِبِ
الذي تَدانَتْ لَدَيهِ الصَّافِناتُ على سَهْبِ!
* * *
لَقَدْ جَاذَبَتْنات نَجْمَةُ الدَّرْبِ، والرُّؤى
خَيَالاتُ أقـواسٍ تخُبُّ علـى الدَّرْبِ!
عَطَفْتُ! تُرى، ماذا أرى من مَطالعي؟
أتِلكَ خُطايَ الخُضْرُ، يَنْدَى بِها رَكْبي؟
وَقَلبي؟! لقَدْ مَـدَّ الحَنـانُ خُيوطَـهُ
عَليهِ.. وأَقْصَتْهُ الشواطـئُ في الحُبِّ!
يَشِـفُّ ليَ الكونَ البَهيـجَ؛ فأقتفـي
مَرافئَ أصباحِ الرُّؤى في الغَدِ الرَّحْبِ!
أمُرْتَحِلٌ؟ مَا الماءُ؟ مَا الأفْقُ؟ مَا المُنى؟
ومَا لَـذَّةُ العِـبءِ المُكَـلل بالحَدْبِ؟
ومَا الشِّعْرُ؟ مَا الفَنُّ المُرَصَّعُ بالصَّدى؟
وما الصِّدْقُ، إنْ أوْحَتْ به نَأْمَةُ الكَسْبِ؟
وما الـرَّأْيُ، في حَالَيْهِ: إنْ لَجَّ مُغْرِبٌ
أو انْسَلَّ مَوهُـومٌ بما صَاغَ من ثَلْبِ؟
هَيا قَلْبُ، هَلْ تُجْدِي الحَقيقَةُ بَعْدَمَـا
نُطارِحُهـا الوَهْـمَ المُسَـوَّمَ بالجَدْبِ؟
كِلانَا علـى بَـابِ الزمـانِ مُعَلَّـقٌ
يَنُـوءُ بأوْطَارِ الشَّقائِـقِ في الخَطْبِ!
يَجُوسُ على مَرْمـى المَدائِنِ، مَا يَـرى
ظِلالاً، سِـوى الغُلِّ المجَـلَّلِ بالحَرْبِ!
دِماءٌ على نَصْـلِ المَسـارِحِ، لا يَـدٌ
تَواسـي، ولا رُؤيا تُضـيءُ بما تُنْبي!!
وأَزْمِنَةٌ مَنْسُوجَـةُ السِّـتْرِ بالأسَـى
يُدِلُّ بِهَا تِـرْبٌ يُغِـيرُ علـى تِرْبِ!
بَكى الطِّفْلُ في حِضْنِ الأمُومَةِ شَمْسَـه
وَأَوْطَأهُ المَجْـذوبُ نـاراً على النَّقْبِ!
مَضَتْ رَأْفَةُ الإنسانِ في نـارِ يَأْسِهَـا
فَلا قَلبَ! أينَ القلبُ بَينَ دَمِ السَّلْبِ؟
ونَسْأَلُ: ما بـالُ المَيامـينِ أجْفَلـوا
عن الجُثثِ المُلْقـاةِ في مَوْطئ الرُّعْبِ؟!
عَلى كُلِّ رُكْـنٍ في المَجـالِ مُعفَّـرٌ
بِجَمْـرِ أَخِيهِ الخِبِّ في عَدْوَةِ الكَرْبِ؟
وَذَلَّتْ لأَعْـراسِ الصليبِ حَمائـمٌ،
وَهَانَتْ وُجُوهُ المُؤمنِينَ لَـدَى الصِّرْبِ!
ومُنكفئٌ هـذا المَـدارُ على صَـدىً
يَجيءُ بأطـواقِ الرِّهـانِ من الغَرْبِ!
جَوائبُ أَنْضاءِ الشِعـاراتِ، تنطَـوي
علـى رَهَجٍ كابي القَرارةِ في الشَّغْبِ!
يُطيحُ بِها الواهُونَ أَطْنـافَ صَرْحِهِـمْ
من المَجْـدِ مَوْسُومـاً بآصِرَةِ الهَيْبِ!
أَلِلرُّومِ بينَ اليَعْرُبيّينَ حُفْنَةٌ
تَخُطُّ مَطَايَاهَا الخِفافَ لَـدَى الرُّحْبِ؟
* * *
لَقَدْ كانَ للعُـرْبِ الوِضـاءِ لِواؤُهُـمْ
فمَا بالُنـا نَرثيكَ يـا كوكب العُرْبِ؟
بِلادٌ مُوَشَّاةٌ بِلَيْلِ تُخُومِهَا
ونَاسُوتُها من نَغْمَـةِ الغَالِـبِ المُسْبي!
أصَمَّ بِنَـا الناعـي؛ فمَا ثَـمَّ مُنْصِتٌ
وَقَدْ أَوْغَلَ التأريخُ بينَ القَصْفِ والنُّخْبِ!
وَيَخلُبُنا الصَّمْتُ المُزَجَّـجُ بالشـذا،
وتَجْـأرُ أصواتٌ بما جـالَ في الجُبِّ!!
عَلى خَيْطِ أشـواطِ المحيـط مَبـاءةٌ
من النزقِ المُنْبَثِّ في مَوْجَـةِ الشَّجْب!
وَفي شَمْسِ أبـوابِ الخليـج ثُمالـةٌ:
من الترفِ الغافِـي على رَفَّـةِ الحَلْبِ!
وَبَيْنَ مَدارِ الرَّافِديْنِ مِظَلَّةٌ
من الغَسَقِ الدَّامي، إلى باحَةِ النُّصْبِ!
وَمَاذا بأَرْسـانِ الجنـوبِ من اللَّغَـا
تَنَحْنَـحُ بالإيهـامِ في ضَيِّـقِ الثَّقْبِ؟
تَشَاكَلَتِ الأهـواءُ في كُـلِّ مَوْقِـفٍ
وأَسْفـرَ مَصْفُودُ الجِراحِ على الشَّعْبِ!
تَناثَر في لَيلِِ المَباذِلِ والهَوى،
وَشَحَّ رَفيفُ الخُبْزِ عَـنْ لَفْتَةِ الوَهْبِ!
وَأَضْنَتْ بأوطـارِ الطواويـس فِتْيَـةٌ
تلبَّسَهـا في السَّرْحِ وَسْمٌ من الحَوْبِ!
أنَبكي بِأَطْرافِ الحُدودِ كَتِيبَةً
تَغُضُّ علـى نَحْبٍ، وتأنفُ من نَحْبِ؟
أَنَاخَتْ بِبابِ الصَّوْلَجانِ، وأَطرقَتْ
بأذيالِ أذنابِ الكُماةِ على العَيْبِ!
من المُبْهَلينَ العاصِبينَ عُيونَهُمْ،
على شَظَفٍ. ما حَظُّ عَيْنٍ من العَصْبِ؟
وَمَا جاشَ بالنَّبْـر المُراهِـنِ صـادقٌ
على صَوْلةِ التيَّـارِ في مَوْجهِ العَضْبِ!
تَرامَـى بأطـواقِ الشبيبَةِ في اللظـى
وأغـرى بأشباهِ الهَـوامِ على اللَّغْبِ!
* * *
وصالَتْ على بابِ (الكِنانَـةِ) جَوْقَـةٌ
تَرى الفِكرةَ الحمراءَ من بَاذِخٍ صُلْبِ!
تَصُوغُ بمـا عَفَّـى الزمـانُ لَجَاجَـةً
مُوَثَّنَةَ الأمْشـاجِ من مَكْمَـنِ الخِبِّ!
أحَقاً يُمَنُّونَ النفوسَ بحَتْفِها
وَفي الساحةِ الحمراءِ وَارَتْ رُؤى الدُّبِّ؟!
نَسيجٌ من الطَّـرْحِ العَقيـمِ تُذيعُـه
تَعاويـذُ أَصـداءٍ تَلـوبُ بما يُصْبي!!
تَناءَى حُضـورُ الفارِهـينَ؛ فغَمْغَمَتْ
لَدَى (النِّيلِ) أبواقٌ تَصُولُ على نَهْبِ!
تصولُ بإيماءِ البَطاريقِ، تَنْتَضي
مَنابِرَها طَـوْعَ السَّوائـمِ في اللَّوْبِ!
مُقنَّعَةُ الأوراقِ، مَوْطوءَةُ الحِجَى
تَفيءُ بِظلِّ الكادِحـينَ علـى السَّيْبِ!
وما نَقَمُوا مِنَّا سِوى الدِّينِ، والعُـرى،
تَشُدُّ العُرى.. ما أرْخَصَ الفِكْرِ بالنَّعْبِ!
وَكانَ -هُنا- نُورانِ: وَحْـيٌ مُسَـطَّرٌ
وَرُوحُ رَهيـفٌ؛ لا يَلُـوذُ بما يُخْبي!
أَلَيْسَ بَديعاً أنْ يُـرى الدِّيـنُ باعِثـاً
على قِيمَةِ الإنسانِ، في مَسْرَحِ الرُّهْبِ؟
وَلا قُدْسَ يَسْتَصْفي الهُداةَ سِوى الذي
تَجَسَّدَ في النُّـورِ المُشِـعِّ من الرَّبِّ!
هُوَ القَبَسُ العُلْـوِيُّ يَضْفِـرُ صُبْحَـه
على سِدْرَةِ الوِجدانِ، لاَ مِنْ هَوَى الحِزْبِ!
* * *
حَبيبي، مَضَى الصَّوْتُ المُهَيْمِنُ بالسَّنـا
وأغْرَبَ قِنْديـلُ المَنـارَةِ في العَقْبِ!
أَأَلْطَفْتَ عَيْنـاً في الفـراغِ، وأُطفِئَتْ
مَواقيتُ أَنْسـامِ السَّـلامِ، بِلا أَوْبِ؟
تَـرى ما تَـرى، إلا البشِارَة غِبْطـةً
وألمـاحُ بَهْوِ المَجْدِ تَنْثـالُ في النَّدْبِ!
أَتُبْصِـرُ في البَـوْنِ المُحجَّبِ مَلْمَحـاً
من الزمنِ السَّامِي، إلى المَطْمَح الخِصْبِ؟
أُقَلِّبُ أيَّامي؛ فَكُلُّ لَهيفَةٍ
مِن الوَرَقاتِ البيـضِ تُومـئُ بالدَّأْبِ!
أَرَاهَا، فَتَنْسابُ الحَقيقَةُ غَضَّةً
وتُسْبِلُ أَعْباءَ الشُّجـونِ على الصَّبِّ!
وأَرْنُو إلى السَّمْـتِ البَعيـدِ، يَشدُّني
إلى قَبَسِ الرُّؤيـا شَغـافٌ من القُرْبِ!
أَرَى زَمَناً في لُؤلُؤِ الأفْقِ بازِغاً
فأهْتِفُ: يا اللهُ، هـذا المَـدَى قَلْبي!!
* * *
مكة المكرمة – الخميس: 10/7/1414هـ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :434  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 13 من 67
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.