| إلى أَيْنَ؟ مَا زِلْنا نَخِـفُّ مَـع السِّرْبِ |
| كِـلانا يُحـاذي شاطِئَيْـهِ إلى قطبِ! |
| نَقولُ: علـى رِسْلِ الفَضـاءِ، فإنـه |
| من الأملِ المضْفورِ في بـازغِ الحُجْبِ! |
| مُهَفْهَفُ رَيْحـانِ القُلـوبِ، يَفُضُّـه |
| صباحُ النَّـدى والتَّمْتَماتِ على اللُّبِّ! |
| يَرُودُ بِنا خَضْـرَ الضِّفـافِ هُنَيْهَـةً |
| لِوَقْعِ خُطـى الأيَّامِ في نُهْـزَةِ الحُقْبِ! |
| يَجيشُ بـه بَـوْح العَناقيـدِ مَوْعِـداً |
| تَواءَمَ فيـه البـدءُ يَهْفُـو إلى الغِبِّ! |
| أحَقّـاً تَوَالَيْنا على الـرَّأيِ، لم نُجِـلْ |
| إلى التُّرْبِ إيمـاءً، ونَحنُ بَنـو التُّرْبِ؟ |
| تُرانا، تَقَارَأْنَا المَواقِيتَ: جَدْوَلاً |
| يَمُوجُ، وقَطْـراً يَكْتَسي دِيمَةَ السُّحْبِ؟ |
| وَعَيْتَ؛ فَنَاهَزْتَ الفُصـولَ؛ فمَسْرَبٌ |
| رَخيصٌ، ودَرْبٌ يَسْتَريـحُ إلى صَوْبِ! |
| وَنَادَيْتَ في المِضْمارِ: إنَّ دُروبَنا |
| كِبارٌ، وجَالَدْتَ الضنى.. لم تَقُلْ: حَسْبي! |
| مَضَيْنا مَعاً.. لم نَبْتَـدِرْ غَيْـرَ مَـوْردٍ |
| نُجاري سَنـا غادِيهِ؛ جَنْبـاً إلى جَنْبِ! |
| وَأنتَ مُـدِلٌّ؛ مـا تَبـوحُ، ولا تَني |
| تُجاذِبُنـا في جَمْـرةِ العِبْءِ بالقَلْبِ! |
| تَجاسَرْتَ! هَلْ شَارَفْتَ في الوَرْدِ هاجِساً |
| تُديمُ به نَبْـعَ اليَقـينِ بِـلا شَوْبِ؟ |
| وَطَوَّفْتَ تَسْتَدني الرَّحيبَ، وتَصْطَفـي |
| مَنـارَكَ مِن أقصى مَطالعِكَ الشُّهْبِ! |
| أَتَذكُرُ؟ أَمْ مَـا زلتَ تَنْتَهِـزُ المَـدَى |
| على وَتَـرِ الأيَّامِ، في شَغَـفِ الغَيْبِ؟ |
| وَتِلكَ هُنيْهاتُ الزمانِ يَبُثُّها |
| حَفِـيٌّ؛ لِذِكْرانا مـن الزَّمَنِ العَذْبِ! |
| * * * |
| بَلَوْتَ بَني الإنسانِ، آلَفْتَ وَجْدَهُمْ |
| وعُدْت بما يُغني الكريمَ عن العُجْبِ! |
| وَأَلْفَيْتَ ما ألفيْتَ! إنَّ رِفاقَنا |
| -على الشَّطْءِ- يَسْتَهْدُونَ بالعاطِلِ الصَّعْبِ! |
| وَكُلُّ له إرْبٌ، سِوانا؛ تُضِيئُنا |
| إلى "الله" أقْبَـاسٌ تَجِـلُّ عَلى الإرْبِ! |
| وَكُلٌّ لـه عـن سَوْسَنِ المـاءِ عَطْفَةٌ |
| إلى سَوْسَـنِ الرُّكْـنِ المُوشَّحِ بالرَّيْبِ! |
| فَيا مَاءُ، طَـرِّزْ باخْضِرارِكَ صَخْرَنـا |
| ورَقْـرِقْ على مِرآتِه نَضْـرَةَ العُشْبِ! |
| تَناثَـرْ بأَصفـى قَطـرةٍ تُفْعِمُ الثـرى |
| وهَفهِفْ علينا في سَنا غُصْنِكَ الرَّطْبِ! |
| ومَوِّجْ لنـا يَنبـوعَ زَهْـرِكَ؛ فالصِّبا |
| يُخالِسُنـا الأوقاتَ في لَذْعَـةِ الذَّنْبِ! |
| ونَمْنِمْ رُؤى الطِّفْـلِ الغَريبِ بلَمْسَـةٍ |
| تُؤرِّجُ في أعْطَافِه لَهْفَةَ الوَثْبِ! |
| لَعَلَّ يَداً تَحْبُو البلادَ قلادةً |
| تُظَللُ أبْراجَ الطُّفولةِ بالهُدْبِ! |
| وَقُـلْ أيُّها الطفـلُ الجديـدُ، تجاوبتْ |
| لميقاتِكَ الآفـاقُ، فَابْدَأُ خُطَى الرَّأْبِ! |
| وَخُضْ، في تَلافيفِ الحِيـاةِ: جَديدَهـا |
| لرُؤْيا غَـدٍ لَدْنٍ من الطالِـعِ الخَضْبِ! |
| وَنَحْنُ اكْتَهَلنـا، في مَشارِبِ خطْوِنا، |
| على مَدْرَجِ الأيامِ، عن سانحِ الجَذْبِ! |
| وَلكنَّنا في غَيْبَةِ الرَّأيِ نَفْثَةٌ |
| تَشِفُّ بمِـرآةِ النَّصاعَـةِ في الصَّحْبِ! |
| نَظَلُّ على الميثاقِ في المَوْكِبِ |
| الذي تَدانَتْ لَدَيهِ الصَّافِناتُ على سَهْبِ! |
| * * * |
| لَقَدْ جَاذَبَتْنات نَجْمَةُ الدَّرْبِ، والرُّؤى |
| خَيَالاتُ أقـواسٍ تخُبُّ علـى الدَّرْبِ! |
| عَطَفْتُ! تُرى، ماذا أرى من مَطالعي؟ |
| أتِلكَ خُطايَ الخُضْرُ، يَنْدَى بِها رَكْبي؟ |
| وَقَلبي؟! لقَدْ مَـدَّ الحَنـانُ خُيوطَـهُ |
| عَليهِ.. وأَقْصَتْهُ الشواطـئُ في الحُبِّ! |
| يَشِـفُّ ليَ الكونَ البَهيـجَ؛ فأقتفـي |
| مَرافئَ أصباحِ الرُّؤى في الغَدِ الرَّحْبِ! |
| أمُرْتَحِلٌ؟ مَا الماءُ؟ مَا الأفْقُ؟ مَا المُنى؟ |
| ومَا لَـذَّةُ العِـبءِ المُكَـلل بالحَدْبِ؟ |
| ومَا الشِّعْرُ؟ مَا الفَنُّ المُرَصَّعُ بالصَّدى؟ |
| وما الصِّدْقُ، إنْ أوْحَتْ به نَأْمَةُ الكَسْبِ؟ |
| وما الـرَّأْيُ، في حَالَيْهِ: إنْ لَجَّ مُغْرِبٌ |
| أو انْسَلَّ مَوهُـومٌ بما صَاغَ من ثَلْبِ؟ |
| هَيا قَلْبُ، هَلْ تُجْدِي الحَقيقَةُ بَعْدَمَـا |
| نُطارِحُهـا الوَهْـمَ المُسَـوَّمَ بالجَدْبِ؟ |
| كِلانَا علـى بَـابِ الزمـانِ مُعَلَّـقٌ |
| يَنُـوءُ بأوْطَارِ الشَّقائِـقِ في الخَطْبِ! |
| يَجُوسُ على مَرْمـى المَدائِنِ، مَا يَـرى |
| ظِلالاً، سِـوى الغُلِّ المجَـلَّلِ بالحَرْبِ! |
| دِماءٌ على نَصْـلِ المَسـارِحِ، لا يَـدٌ |
| تَواسـي، ولا رُؤيا تُضـيءُ بما تُنْبي!! |
| وأَزْمِنَةٌ مَنْسُوجَـةُ السِّـتْرِ بالأسَـى |
| يُدِلُّ بِهَا تِـرْبٌ يُغِـيرُ علـى تِرْبِ! |
| بَكى الطِّفْلُ في حِضْنِ الأمُومَةِ شَمْسَـه |
| وَأَوْطَأهُ المَجْـذوبُ نـاراً على النَّقْبِ! |
| مَضَتْ رَأْفَةُ الإنسانِ في نـارِ يَأْسِهَـا |
| فَلا قَلبَ! أينَ القلبُ بَينَ دَمِ السَّلْبِ؟ |
| ونَسْأَلُ: ما بـالُ المَيامـينِ أجْفَلـوا |
| عن الجُثثِ المُلْقـاةِ في مَوْطئ الرُّعْبِ؟! |
| عَلى كُلِّ رُكْـنٍ في المَجـالِ مُعفَّـرٌ |
| بِجَمْـرِ أَخِيهِ الخِبِّ في عَدْوَةِ الكَرْبِ؟ |
| وَذَلَّتْ لأَعْـراسِ الصليبِ حَمائـمٌ، |
| وَهَانَتْ وُجُوهُ المُؤمنِينَ لَـدَى الصِّرْبِ! |
| ومُنكفئٌ هـذا المَـدارُ على صَـدىً |
| يَجيءُ بأطـواقِ الرِّهـانِ من الغَرْبِ! |
| جَوائبُ أَنْضاءِ الشِعـاراتِ، تنطَـوي |
| علـى رَهَجٍ كابي القَرارةِ في الشَّغْبِ! |
| يُطيحُ بِها الواهُونَ أَطْنـافَ صَرْحِهِـمْ |
| من المَجْـدِ مَوْسُومـاً بآصِرَةِ الهَيْبِ! |
| أَلِلرُّومِ بينَ اليَعْرُبيّينَ حُفْنَةٌ |
| تَخُطُّ مَطَايَاهَا الخِفافَ لَـدَى الرُّحْبِ؟ |
| * * * |
| لَقَدْ كانَ للعُـرْبِ الوِضـاءِ لِواؤُهُـمْ |
| فمَا بالُنـا نَرثيكَ يـا كوكب العُرْبِ؟ |
| بِلادٌ مُوَشَّاةٌ بِلَيْلِ تُخُومِهَا |
| ونَاسُوتُها من نَغْمَـةِ الغَالِـبِ المُسْبي! |
| أصَمَّ بِنَـا الناعـي؛ فمَا ثَـمَّ مُنْصِتٌ |
| وَقَدْ أَوْغَلَ التأريخُ بينَ القَصْفِ والنُّخْبِ! |
| وَيَخلُبُنا الصَّمْتُ المُزَجَّـجُ بالشـذا، |
| وتَجْـأرُ أصواتٌ بما جـالَ في الجُبِّ!! |
| عَلى خَيْطِ أشـواطِ المحيـط مَبـاءةٌ |
| من النزقِ المُنْبَثِّ في مَوْجَـةِ الشَّجْب! |
| وَفي شَمْسِ أبـوابِ الخليـج ثُمالـةٌ: |
| من الترفِ الغافِـي على رَفَّـةِ الحَلْبِ! |
| وَبَيْنَ مَدارِ الرَّافِديْنِ مِظَلَّةٌ |
| من الغَسَقِ الدَّامي، إلى باحَةِ النُّصْبِ! |
| وَمَاذا بأَرْسـانِ الجنـوبِ من اللَّغَـا |
| تَنَحْنَـحُ بالإيهـامِ في ضَيِّـقِ الثَّقْبِ؟ |
| تَشَاكَلَتِ الأهـواءُ في كُـلِّ مَوْقِـفٍ |
| وأَسْفـرَ مَصْفُودُ الجِراحِ على الشَّعْبِ! |
| تَناثَر في لَيلِِ المَباذِلِ والهَوى، |
| وَشَحَّ رَفيفُ الخُبْزِ عَـنْ لَفْتَةِ الوَهْبِ! |
| وَأَضْنَتْ بأوطـارِ الطواويـس فِتْيَـةٌ |
| تلبَّسَهـا في السَّرْحِ وَسْمٌ من الحَوْبِ! |
| أنَبكي بِأَطْرافِ الحُدودِ كَتِيبَةً |
| تَغُضُّ علـى نَحْبٍ، وتأنفُ من نَحْبِ؟ |
| أَنَاخَتْ بِبابِ الصَّوْلَجانِ، وأَطرقَتْ |
| بأذيالِ أذنابِ الكُماةِ على العَيْبِ! |
| من المُبْهَلينَ العاصِبينَ عُيونَهُمْ، |
| على شَظَفٍ. ما حَظُّ عَيْنٍ من العَصْبِ؟ |
| وَمَا جاشَ بالنَّبْـر المُراهِـنِ صـادقٌ |
| على صَوْلةِ التيَّـارِ في مَوْجهِ العَضْبِ! |
| تَرامَـى بأطـواقِ الشبيبَةِ في اللظـى |
| وأغـرى بأشباهِ الهَـوامِ على اللَّغْبِ! |
| * * * |
| وصالَتْ على بابِ (الكِنانَـةِ) جَوْقَـةٌ |
| تَرى الفِكرةَ الحمراءَ من بَاذِخٍ صُلْبِ! |
| تَصُوغُ بمـا عَفَّـى الزمـانُ لَجَاجَـةً |
| مُوَثَّنَةَ الأمْشـاجِ من مَكْمَـنِ الخِبِّ! |
| أحَقاً يُمَنُّونَ النفوسَ بحَتْفِها |
| وَفي الساحةِ الحمراءِ وَارَتْ رُؤى الدُّبِّ؟! |
| نَسيجٌ من الطَّـرْحِ العَقيـمِ تُذيعُـه |
| تَعاويـذُ أَصـداءٍ تَلـوبُ بما يُصْبي!! |
| تَناءَى حُضـورُ الفارِهـينَ؛ فغَمْغَمَتْ |
| لَدَى (النِّيلِ) أبواقٌ تَصُولُ على نَهْبِ! |
| تصولُ بإيماءِ البَطاريقِ، تَنْتَضي |
| مَنابِرَها طَـوْعَ السَّوائـمِ في اللَّوْبِ! |
| مُقنَّعَةُ الأوراقِ، مَوْطوءَةُ الحِجَى |
| تَفيءُ بِظلِّ الكادِحـينَ علـى السَّيْبِ! |
| وما نَقَمُوا مِنَّا سِوى الدِّينِ، والعُـرى، |
| تَشُدُّ العُرى.. ما أرْخَصَ الفِكْرِ بالنَّعْبِ! |
| وَكانَ -هُنا- نُورانِ: وَحْـيٌ مُسَـطَّرٌ |
| وَرُوحُ رَهيـفٌ؛ لا يَلُـوذُ بما يُخْبي! |
| أَلَيْسَ بَديعاً أنْ يُـرى الدِّيـنُ باعِثـاً |
| على قِيمَةِ الإنسانِ، في مَسْرَحِ الرُّهْبِ؟ |
| وَلا قُدْسَ يَسْتَصْفي الهُداةَ سِوى الذي |
| تَجَسَّدَ في النُّـورِ المُشِـعِّ من الرَّبِّ! |
| هُوَ القَبَسُ العُلْـوِيُّ يَضْفِـرُ صُبْحَـه |
| على سِدْرَةِ الوِجدانِ، لاَ مِنْ هَوَى الحِزْبِ! |
| * * * |
| حَبيبي، مَضَى الصَّوْتُ المُهَيْمِنُ بالسَّنـا |
| وأغْرَبَ قِنْديـلُ المَنـارَةِ في العَقْبِ! |
| أَأَلْطَفْتَ عَيْنـاً في الفـراغِ، وأُطفِئَتْ |
| مَواقيتُ أَنْسـامِ السَّـلامِ، بِلا أَوْبِ؟ |
| تَـرى ما تَـرى، إلا البشِارَة غِبْطـةً |
| وألمـاحُ بَهْوِ المَجْدِ تَنْثـالُ في النَّدْبِ! |
| أَتُبْصِـرُ في البَـوْنِ المُحجَّبِ مَلْمَحـاً |
| من الزمنِ السَّامِي، إلى المَطْمَح الخِصْبِ؟ |
| أُقَلِّبُ أيَّامي؛ فَكُلُّ لَهيفَةٍ |
| مِن الوَرَقاتِ البيـضِ تُومـئُ بالدَّأْبِ! |
| أَرَاهَا، فَتَنْسابُ الحَقيقَةُ غَضَّةً |
| وتُسْبِلُ أَعْباءَ الشُّجـونِ على الصَّبِّ! |
| وأَرْنُو إلى السَّمْـتِ البَعيـدِ، يَشدُّني |
| إلى قَبَسِ الرُّؤيـا شَغـافٌ من القُرْبِ! |
| أَرَى زَمَناً في لُؤلُؤِ الأفْقِ بازِغاً |
| فأهْتِفُ: يا اللهُ، هـذا المَـدَى قَلْبي!! |
| * * * |