أفق للطفولة |
الطفولةُ فاتحةُ الأفقِ |
وجهٌ يضيءُ البلادَ |
فتطلقُ أطيارها السانحَةْ! |
والطفولةُ رؤيا، إذا صاغها الفاتحونْ |
ترفُّ الغصونُ، |
ويَبْتّدِرُ الطفلُ لمستَه الصادحَةْ! |
هو الطفلُ مرآةُ هذا اليقينْ |
هو البَوْنُ.. |
والفاتحَةْ! |
|
|
* * * |
|
أفق للطفولة |
|
|
"إلى: الأطفال الذين تتملَّى عيناي زهرات وجوههم.. كل صباح!!" |
|
|
[1] |
يا صديقي الصَّغيرَ، |
تطلَّعْ.. تَرَ الأرضَ أَحْنى عليكَ.. |
وخُذْ قُلَّةً مِنْ مياهِ الينابيعِ |
وارْو بها الأرضَ تُطْلِعْ لعينيكَ |
نَبْتَاً صغيراً؛ |
فسُنْبلةً، |
فبَهاءً لعينيكَ.. حيثُ يُضيءُ الفَضاءْ! |
* * * |
يا صديقي الصغيرَ، |
ستنمو مع الطيرِ، |
تنمو مع الزهرِ.. |
فَاعْرِفْ بلادكَ. |
إنَّ الذي لا بلاد لعينيهِ |
لا أرضَ يَحْرثُها ويُضمِّخُها بالنَّدى والمطرْ |
ما حِلٌ كالحجرْ! |
- هَلْ تَرى لكَ أرضاً تُعاطِرُها بالنَّدى؟.. |
فالذي لا بلادَ لعينيهِ |
لا أرضَ يَدْفَعُ عنها الأذَى |
قاحِلٌ.. كالعَراءْ! |
|
* * * |
[2] |
* سؤال: |
يا حبيبي المُطِلَّ على: الماءِ والظِّلِّ.. |
والشمسُ سانحةٌ.. مُشْرِقَةْ. |
بيدِيْكَ |
أرَى -الآنَ- |
زنبقةً من بَياضٍ وعطرٍ ونُورْ! |
فَلِمَنْ تهبُ الزنبقةْ؟ |
* * * |
|
|
مكة المكرمة – الاثنين: 21/9/1410هـ |
|
|
[3] |
طفلٌ يحملُ قِنديلاً.. ويَراعَةْ |
يترنمُ حينَ يرى يَنْبُوعاً ودروباً |
ويرى اليَنْبوعَ يُرقرِقُ وجهَ أبيهِ.. فيعدو |
ينشدُ ظلاًّ.. وشجاعَةْ |
طفلٌ يخرجُ من ظلِّ أبيهِ ويمضي |
في الأفقِ المترامي |
يستشرِفُ: وقتاً.. ونَصاعَةْ! |
* * * |
|
[4] |
طفلٌ يرسُم بُعداً بينَ يَديهِ |
وبُعداً في نِبراسِ حديقَةْ |
يتنامى |
يعبثُ بالشجر المتناثِر.. |
يمحو.. ويخَطُّ مُروجاً مُرسَلةً |
ومواقيتَ لأغصانِ الشجرِ الأخضرْ |
شجرٌ يبسُطُ ظلاًّ |
وجداوِلُ تنسابُ على أمَدِ الأبوابِ طليقَةْ! |
* * * |
|
[5] |
طفلٌ يتنحَّى عن أطواقِ نَظائرِه |
يقرأُ.. |
يتأمَّلُ.. |
يتفرَّسُ |
يستطلعُ نهراً.. وعصافيرَ تجوبُ الماءْ |
يستولي الأمَدُ على عينيهِ |
ويستولي القيدُ |
ويقفو أعباءَ خُطاهُ على أرسانِ الدَّهْماءْ! |
* * * |
|
[6] |
طفلٌ يولدُ في النورِ |
وطفلٌ يولدُ في العتَمَةْ! |
وفتىً يُسدِلُ فوقَ الأولِ ليلاً |
وفتىً يُسبلُ حَولْ الثاني فجراً |
فيضيءُ دَمَهْ! |
* * * |
|
[7] |
طفلٌ يتطلَّعُ في كلِّ وجوهِ الأقرانِ |
فينفِرُ ممن لا يتحلَّى برؤاهْ. |
ينَفِرُ من تِرْبٍ يتقلَّبُ في ظلٍّ سِواهُ |
وتِرْبٍ يتوشَّحُ إيقاعَ سِواهْ! |
* * * |
|
[8] |
طفلٌ ينظرُ في مرآةِ أبيهِ |
فيلمحُ خلف غشاءِ وقارِ الكهلِ: |
نِساءً.. ورياءً |
وشفيفَ قناعٍ برَّاقْ |
يتلاشى القمرُ المتناسقُ في عينيهِ |
وتمتدُّ الأطواقْ! |
* * * |
|
|
مكة المكرمة – الخميس: 28/1/1412هـ |
|
|
[9] |
طفلٌ |
يتملَّى قيماً باكرةً محتشِدَةْ |
يتملاها في الطرسِ |
وفي أبواقِ الساسةِ، والسادةِ، والشعراءِ |
فيحفظها: حرفاً.. حرفَا |
يخرجُ في دُرَّةِ آفاقِ النور، |
يلوبُ على الأشجارِ اللهفى! |
عبثاً! |
تتداعى بينَ يديهِ الأشجارُ المنجردَةْ! |
* * * |
|
[10] |
طفلٌ |
يقفُ ببابِ الميزانِ، |
يحدِّقُ؛ |
من ينتصفُ: الحقُّ أم الأقوى؟ |
يهتزُّ الميزانُ، |
يميلُ مع الأقوى! |
* * * |
|
[11] |
طفلٌ |
يتحرَّى قمراً في شاطئِه |
يتحرَّى! |
يمتدُّ الشاطئُ، والأفقُ اللاحِبُ، والمسرى. |
يتجلَّى القمرُ النائي في ناحيةٍ أخرى! |
* * * |
|
[12] |
طفلٌ |
يزرعُ كوكَبه في خارطةِ الأيَّام الملتفَّةْ |
لا يشهدُ إلا أحراشاً، ورِياشاً، وأناساً |
تأتي أو تمضي، |
وأناساً لا تعرفُ رأفَةُ! |
* * * |
|
[13] |
طفلٌ |
يطلعُ في ساعاتِ النارِ: |
فيستمرئُ أحزانَ الأيَّامِ المُنتظَرَةْ! |
* * * |
|
[14] |
طفلٌ يتقَّرى زُخْرُفَه في صفحاتِ جريدَهْ |
تَنْدى عيناهُ.. وتقذَى |
بالكلماتِ الممهورَهْ! |
لم يفهمْ شيئاً |
لم يتعرَّفْ غيرَ الألفاظِ المبتورَهْ! |
يكبرُ مطلولاً بالعِهْنِ |
ولمْ يبلغْ مَنشُودَهْ! |
* * * |
|
[15] |
طفلٌ مُرْهَفْ |
وأبٌ مُترَفْ |
وبلادٌ مُشرِقَةُ الشَّمْسِ |
وأعباءُ فُصولِ النخلِ؛ |
تضيقُ وتتسعُ لمنْ خَفَّ وشَفَّ، |
ومنْ ضيَّقَ أو أسرَفْ! |
يا ربَّاهُ، |
تُرى ما يصنَعُ طفلٌ مُرْهَفْ؟! |
* * * |
|
[16] |
طفلٌ |
يتلمَّسُ تحتَ قوافي الشعراءِ |
مداراً مِنْ نورٍ بينَ قِناعِ الوَجْهِ الظَّاهِرِ |
والقلبِ المخفيِّ؛ |
فيحني جبهته البيضاءْ! |
- أو هذي سِيماءُ الشُّعراءْ؟ |
* * * |
|
[17] |
طِفلٌ |
يتطلَّعُ في نُورِ امرأةٍ بزغتْ |
في بهوِ الزهرِ، وشفَّتْ في عِطرِ الأفياءْ |
فيرى أقلاماً تتبذَّلْ بالنَّجلاءِ، وبالدَّعجاءِ، |
وبالوَطفاءِ، وبالهَدْبَاءْ! |
ويَرى صُحفاً تتمرغُ بالغَانيةِ الجَيْداءِ، |
وبالفاتنةِ اللمياءِ، وبالحالمة العَفْراءْ! |
- أو لا نُبصِرُ مَنْ هذا النورِ العطريِّ |
سوى الأبعادِ الجوفاءْ؟ |
* * * |
|
[18] |
طفلٌ |
يبزغُ في المرآةِ، وفي المرناةِ، |
وفي أفياءِ اللهْ! |
يطلعُ في السَّمْتِ الأبْهَى مَوْسُومَ الوَجهِ |
ببهجتِه.. |
وبَريئاً مِنْ أقنعةِ الدَّهَّاقينَ |
وأبواقِ النماقينَ |
وأقبيةِ الذمَّامينَ المُرْتَزِقَةْ |
يتملَّى مِضمارَ جِيادِ السبقِ؛ |
فيبكي بَهْجَتَه، |
يبكي مَطْلَعَه، |
يبكي أَلَقَهْ! |
* * * |
|
[19] |
طفلٌ |
يعشقُ دوحَتَه.. |
ويفيءُ إليها كلَّ صباح، ومساءٍ |
ثم يؤوبُ إلى البحرِ المتماوجِ، |
في ريحِ هجيرِ الأغصانِ المنتثرَةْ! |
أو هذا ما يتبقَّى مِنْ ظِلِّ الشجرَةْ؟ |
* * * |
|
[20] |
طفلٌ |
ينمو.. يكبُر معتلاَّ.. |
يتسنَّمُ طلعتَه بينَ رِفاقِ الوقتِ |
ويُمضي ساعاتِ الريح؛ |
يقلِّبُ صفحتَه.. ثم يموتْ! |
* * * |
|
|