شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أفق للطفولة
الطفولةُ فاتحةُ الأفقِ
وجهٌ يضيءُ البلادَ
فتطلقُ أطيارها السانحَةْ!
والطفولةُ رؤيا، إذا صاغها الفاتحونْ
ترفُّ الغصونُ،
ويَبْتّدِرُ الطفلُ لمستَه الصادحَةْ!
هو الطفلُ مرآةُ هذا اليقينْ
هو البَوْنُ..
والفاتحَةْ!
(ف.ب)
* * *
 
أفق للطفولة
"إلى: الأطفال الذين تتملَّى عيناي زهرات وجوههم.. كل صباح!!"
[1]
يا صديقي الصَّغيرَ،
تطلَّعْ.. تَرَ الأرضَ أَحْنى عليكَ..
وخُذْ قُلَّةً مِنْ مياهِ الينابيعِ
وارْو بها الأرضَ تُطْلِعْ لعينيكَ
نَبْتَاً صغيراً؛
فسُنْبلةً،
فبَهاءً لعينيكَ.. حيثُ يُضيءُ الفَضاءْ!
* * *
يا صديقي الصغيرَ،
ستنمو مع الطيرِ،
تنمو مع الزهرِ..
فَاعْرِفْ بلادكَ.
إنَّ الذي لا بلاد لعينيهِ
لا أرضَ يَحْرثُها ويُضمِّخُها بالنَّدى والمطرْ
ما حِلٌ كالحجرْ!
- هَلْ تَرى لكَ أرضاً تُعاطِرُها بالنَّدى؟..
فالذي لا بلادَ لعينيهِ
لا أرضَ يَدْفَعُ عنها الأذَى
قاحِلٌ.. كالعَراءْ!
* * *
[2]
* سؤال:
يا حبيبي المُطِلَّ على: الماءِ والظِّلِّ..
والشمسُ سانحةٌ.. مُشْرِقَةْ.
بيدِيْكَ
أرَى -الآنَ-
زنبقةً من بَياضٍ وعطرٍ ونُورْ!
فَلِمَنْ تهبُ الزنبقةْ؟
* * *
مكة المكرمة – الاثنين: 21/9/1410هـ
16-4-1990م
[3]
طفلٌ يحملُ قِنديلاً.. ويَراعَةْ
يترنمُ حينَ يرى يَنْبُوعاً ودروباً
ويرى اليَنْبوعَ يُرقرِقُ وجهَ أبيهِ.. فيعدو
ينشدُ ظلاًّ.. وشجاعَةْ
طفلٌ يخرجُ من ظلِّ أبيهِ ويمضي
في الأفقِ المترامي
يستشرِفُ: وقتاً.. ونَصاعَةْ!
* * *
[4]
طفلٌ يرسُم بُعداً بينَ يَديهِ
وبُعداً في نِبراسِ حديقَةْ
يتنامى
يعبثُ بالشجر المتناثِر..
يمحو.. ويخَطُّ مُروجاً مُرسَلةً
ومواقيتَ لأغصانِ الشجرِ الأخضرْ
شجرٌ يبسُطُ ظلاًّ
وجداوِلُ تنسابُ على أمَدِ الأبوابِ طليقَةْ!
* * *
[5]
طفلٌ يتنحَّى عن أطواقِ نَظائرِه
يقرأُ..
يتأمَّلُ..
يتفرَّسُ
يستطلعُ نهراً.. وعصافيرَ تجوبُ الماءْ
يستولي الأمَدُ على عينيهِ
ويستولي القيدُ
ويقفو أعباءَ خُطاهُ على أرسانِ الدَّهْماءْ!
* * *
[6]
طفلٌ يولدُ في النورِ
وطفلٌ يولدُ في العتَمَةْ!
وفتىً يُسدِلُ فوقَ الأولِ ليلاً
وفتىً يُسبلُ حَولْ الثاني فجراً
فيضيءُ دَمَهْ!
* * *
[7]
طفلٌ يتطلَّعُ في كلِّ وجوهِ الأقرانِ
فينفِرُ ممن لا يتحلَّى برؤاهْ.
ينَفِرُ من تِرْبٍ يتقلَّبُ في ظلٍّ سِواهُ
وتِرْبٍ يتوشَّحُ إيقاعَ سِواهْ!
* * *
[8]
طفلٌ ينظرُ في مرآةِ أبيهِ
فيلمحُ خلف غشاءِ وقارِ الكهلِ:
نِساءً.. ورياءً
وشفيفَ قناعٍ برَّاقْ
يتلاشى القمرُ المتناسقُ في عينيهِ
وتمتدُّ الأطواقْ!
* * *
مكة المكرمة – الخميس: 28/1/1412هـ
7/8/1991م
[9]
طفلٌ
يتملَّى قيماً باكرةً محتشِدَةْ
يتملاها في الطرسِ
وفي أبواقِ الساسةِ، والسادةِ، والشعراءِ
فيحفظها: حرفاً.. حرفَا
يخرجُ في دُرَّةِ آفاقِ النور،
يلوبُ على الأشجارِ اللهفى!
عبثاً!
تتداعى بينَ يديهِ الأشجارُ المنجردَةْ!
* * *
[10]
طفلٌ
يقفُ ببابِ الميزانِ،
يحدِّقُ؛
من ينتصفُ: الحقُّ أم الأقوى؟
يهتزُّ الميزانُ،
يميلُ مع الأقوى!
* * *
[11]
طفلٌ
يتحرَّى قمراً في شاطئِه
يتحرَّى!
يمتدُّ الشاطئُ، والأفقُ اللاحِبُ، والمسرى.
يتجلَّى القمرُ النائي في ناحيةٍ أخرى!
* * *
[12]
طفلٌ
يزرعُ كوكَبه في خارطةِ الأيَّام الملتفَّةْ
لا يشهدُ إلا أحراشاً، ورِياشاً، وأناساً
تأتي أو تمضي،
وأناساً لا تعرفُ رأفَةُ!
* * *
[13]
طفلٌ
يطلعُ في ساعاتِ النارِ:
فيستمرئُ أحزانَ الأيَّامِ المُنتظَرَةْ!
* * *
[14]
طفلٌ يتقَّرى زُخْرُفَه في صفحاتِ جريدَهْ
تَنْدى عيناهُ.. وتقذَى
بالكلماتِ الممهورَهْ!
لم يفهمْ شيئاً
لم يتعرَّفْ غيرَ الألفاظِ المبتورَهْ!
يكبرُ مطلولاً بالعِهْنِ
ولمْ يبلغْ مَنشُودَهْ!
* * *
[15]
طفلٌ مُرْهَفْ
وأبٌ مُترَفْ
وبلادٌ مُشرِقَةُ الشَّمْسِ
وأعباءُ فُصولِ النخلِ؛
تضيقُ وتتسعُ لمنْ خَفَّ وشَفَّ،
ومنْ ضيَّقَ أو أسرَفْ!
يا ربَّاهُ،
تُرى ما يصنَعُ طفلٌ مُرْهَفْ؟!
* * *
[16]
طفلٌ
يتلمَّسُ تحتَ قوافي الشعراءِ
مداراً مِنْ نورٍ بينَ قِناعِ الوَجْهِ الظَّاهِرِ
والقلبِ المخفيِّ؛
فيحني جبهته البيضاءْ!
- أو هذي سِيماءُ الشُّعراءْ؟
* * *
[17]
طِفلٌ
يتطلَّعُ في نُورِ امرأةٍ بزغتْ
في بهوِ الزهرِ، وشفَّتْ في عِطرِ الأفياءْ
فيرى أقلاماً تتبذَّلْ بالنَّجلاءِ، وبالدَّعجاءِ،
وبالوَطفاءِ، وبالهَدْبَاءْ!
ويَرى صُحفاً تتمرغُ بالغَانيةِ الجَيْداءِ،
وبالفاتنةِ اللمياءِ، وبالحالمة العَفْراءْ!
- أو لا نُبصِرُ مَنْ هذا النورِ العطريِّ
سوى الأبعادِ الجوفاءْ؟
* * *
[18]
طفلٌ
يبزغُ في المرآةِ، وفي المرناةِ،
وفي أفياءِ اللهْ!
يطلعُ في السَّمْتِ الأبْهَى مَوْسُومَ الوَجهِ
ببهجتِه..
وبَريئاً مِنْ أقنعةِ الدَّهَّاقينَ
وأبواقِ النماقينَ
وأقبيةِ الذمَّامينَ المُرْتَزِقَةْ
يتملَّى مِضمارَ جِيادِ السبقِ؛
فيبكي بَهْجَتَه،
يبكي مَطْلَعَه،
يبكي أَلَقَهْ!
* * *
[19]
طفلٌ
يعشقُ دوحَتَه..
ويفيءُ إليها كلَّ صباح، ومساءٍ
ثم يؤوبُ إلى البحرِ المتماوجِ،
في ريحِ هجيرِ الأغصانِ المنتثرَةْ!
أو هذا ما يتبقَّى مِنْ ظِلِّ الشجرَةْ؟
* * *
[20]
طفلٌ
ينمو.. يكبُر معتلاَّ..
يتسنَّمُ طلعتَه بينَ رِفاقِ الوقتِ
ويُمضي ساعاتِ الريح؛
يقلِّبُ صفحتَه.. ثم يموتْ!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :452  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 11 من 67
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.