شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمَة النَّـاشِر
عرفت الأستاذ فاروق بنجر شاعراً فحلاً عبر ما ينشره بين الفينة والأخرى في الصحف المحلية في المملكة العربية السعودية، ورغم أنه شاعر مُقِل إلا أن قوة شعره -خاصة حولياته الشهيرة- قد غطت على هذا النقص، وأحسب أن شواغله في سلك العمل التربوي قد صرفته عن كثير من أغراض الشعر التي لا شك أنها ستكون أكثر إبداعاً متى ما سنحت له فرصٌ أكثر اتساعاً.
إن شاعرنا يمتاز بطلاوة الأسلوب والحرص على انتقاء الكلمات، ويكفي أن بعض قصائده يظل مكان تمحيص ونقد ذاتي وتقييم قاسٍ حتى تجد طريقها إلى النور بعد عام أو ما يقرب من العام لشدة حرصه وعلمه الكامل بمكانة الكلمة، وأنها عندما تخرج من عند صاحبها تصبح ملكاً للمتلقي الذي يحق له تفسيرها وتأويلها وفق مرئياته التي ينبغي ألا تخرج في كل الأحوال عما يريده الشاعر أو المبدع، ولذلك تجده يزنُ كلماته بميزان أدق من ميزان الذهب، ويجعل لكل كلمة معايير خاصة لا تخرج عنها ولا تحيد طريقها المرسوم إلى وجدان وعقل القارئ الذي يتفاعل معها من منطلق استيعابه للنص في شمولية لا تقبل التجزئة.. خاصة في خواطره الفلسفية التي يزين بها بعض صفحات هذا الديوان.
وللأستاذ فاروق بنجر ديوانان، وهذا يؤكد على أنه مُقل (1) كما أسلفت رغم تمكنه من أدواته، فديوانه الأول الذي لم يُطبع حتى الآن يضم قصائده التي أبدعها خلال الفترة 1405هـ إلى 1410هـ بعنوان "إيقاع الماء والأفق" أما ديوانه الثاني الذي بين يدي القارئ الكريم فيشمل القصائد التي كتبها خلال الفترة 1410هـ إلى 1415هـ.. ويمثل نقلـة نوعيـة في المسيرة الإبداعية لشاعرنا الكبير. والحقيقة أن صدور الديوان الثاني في البداية لا يعني تجاوزاً لما كتبه الشاعر في السنوات الأولى، ولكن جاءت بحكم الضرورة في إنجاز أي العملين أولاً.. وكما ترون فإن اللون السائد في عطاء الشاعر أحق بالنشر من وجهة نظري الشخصية، كما أنه يمثل في النهاية الحلقة الأخيرة التي توصل إليها في مشواره الإبداعي.. والامتداد الطبيعي لما سيأتي بمشية الله، وليس بالضرورة أن تكون هذه الحلقة أكثر أهمية أو أقوى شعراً مما سلف، ولكن التطور في النسق وبروز حنجرة الشاعر الخاصة على الساحة أملت هذه الأسبقية في التناول والنشر.
ولعل المتتبع لشعر الأستاذ بنجر يجد أنه قد اختزل الكثير من إمكاناته اللغوية تحت مظلة الطفولة التي منحها جُل وقته، فهو بطبيعة تكوينه كواحد من رجال التربية والتعليم في بلادنا، تأثر إلى حد كبير بالمناخ والوسط الذي عاش وعمل فيه، وارتبطت مفردات شعره بعالم الطفولة النَّدِي الباسم.. فصار الشاعر يركض خلف فراشات الكلمات ينمنمها.. ويموسقها.. ويرسم بها لوحات محددة الألوان والمعالم لأن عالم الطفولة الذي اغترف منه مفرداته لا يعترف بالتستر بين الأسطر أو خلف الطباق والجناس والاستعارة.
شمس كلمات شاعرنا الأستاذ بنجر دائمة السطوع في أجواء ربيعية لا تبتعد كثيراً عن مراتع الصبا التي واصلت مسيرتها رغم السنين لتفرش ببساطها السندسي إشراقات عطائه، فرؤيته الواضحة حتمت عليه حمل تراكمات الطفولة لتنسجم مع واقعه العملي في مسار لا يفترق كثيراً عما يبلوره شعراً.. كما أنه وَسَم بخياله الواسع أجمل الصور والرؤى التي طرزت قصائده بنماذج غير مسبوقة، وأفكار تستحق التأمل والسباحة في تيارها الهادئ أحياناً، العنيف أطواراً، المؤدي في كل الأحوال إلى جمال إبداعي لا يمكن تجاوزه بأي شكل من الأشكال، ويفرض وجود الشاعر كواحد من الشعراء الشباب الذين يستحقون أن نفرد لهم مساحة ملائمة في وجداننا الذي اصطبغ بألوان الفضائيات وذبذباتها اللامتناهية.
عَبْد المقصُود محمّد سَعيد خوجَه
جدة في 7 صفر 1418هـ،
الموافق 12/ يونيه 1997م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1128  التعليقات :0
 

صفحة 1 من 67
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج