شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عَن أرضِ الوعُــود
نادي نَجِيَّكِ أَوْهى جِسْمَهُ السَّفَـرُ .
واسْتَوْقفيهِ فَفـي أَوْراقِـهِ خَبَـرُ
عَنْ راحِلينَ وما أَبْقـى تَرَحُّلُهـمْ
زاداً يُقيتُ ولا غُصْنـاً بـهِ ثَمَـرُ
الرِّيحُ تَصْفـرُ في آثارهـم عَبَثـاً .
وأَعْظُمٌ أَنْهَكاها: السَّيْـرُ وَالْغِـيَـرُ
ناديهِ قد توقِفُ النَّجْـوى تَرَحُّلَـهُ
ويورِقُ الْغُصْنُ أَوْ يُسْتَلْهَمُ الْوَتَـرُ
ناديهِ.. ناديهِ. فَالأَسْفـارُ غانِيَـةٌ .
تَمْتَصُّ عُشَّاقَها والْمَقْتَـلُ الْخَـدَرُ
وفُسْحَةٌ مِنْ رَبيعِ الـدَّرْبِ تَبْلَعُـهُ
إيماؤُها فِتْنَةٌ ِ إِغُراؤُها صُوَرُ ِ
ولَوْحَةٌ أُطِّرَتْ بالسِّحْـرِ راكِضَـةٌ .
أَمامَ عَيْنَيْهِ لكنْ أُعْجِمَ الْوَطَرُ
ولاحَ للْقَدَمِ الظَّمْـآى مَواقِعُهـا
في عالَمٍ ضَلَّ عن طُغْيانِـهِ الْقَـدَرُ
يَذْوي بهِ الطِّفْلُ والإِنسانُ مَسْبَحَةٌ
يُديرُ حَبّاتِهـا الْكُهَّـانُ والنُّـذُرُ
مِصْباحُهُمْ مُطْفأٌ في غُرْبَـةٍ أَكَلَـتْ
ذَواتهم فاسْتُبيحَ الْمَأْكَـلُ النُّكُـرُ
وعادَ.. بل جَدَّدَ التِّرْحـالَ ثانِيَـةً .
وانْشَدَّ لِلْحُلْـمِ في أَعْماقِـهِ وَتَـرُ .
* * *
نادي نَجِيَّكِ ِ قولي: هَدَّكَ السَّفَرُ
فقد يَقيهِ نِداءٌ مِنْكِ أَوْ حَذَرُ
وسائِليهِ إذا أَرْسى سَفينَتَهُ
يَوْماً على ساحِلِ التَّاريخِ: ما الْخَطَرُ؟
وتابع الدَّرْبَ نَحْوَ الصُّبْحِ مُكْتَشِفاً
عَذْراءَ أَرْضٍ قَلاها الْبَدْوُ والْحضَرُ
عُروقُهُ، بَعْضُ ما يَنْمـو بتُرْبَتِهـا .
وفي حَناياهُ من قرآنها سُوَرُ
هل راعَهُ جَدْبُها؟ فالأرضُ تُخْبِرُهُ
عن ظاعِنينَ لهـم في ذاتِـهِ أَثَـرُ
أم راعَهُ أَنْ رأى مرآتَهُ عَكَسَـتْ .
ذُلَّ الدَّراويشِ لما سُمِّـرَ النَّظَـرُ؟ .
وَرَنَّ في سَمْعِهِ الْمَسْفوحِ مِنْ شَبَحَ
أَنَّى تَوَجَّهَ: حـاذِرْ.. أَنْتَ مُهْتَصَرُ؟
وذابَ مجذافُهُ أَوْ ضـاعَ قاربُـهُ؟ .
وَالْمَوْجُ باقٍ وباقٍ وجهُهُ الْعَكِـرُ .
وخَلَّفَتْ قَفَزاتُ الْعَصـرِ صورتَـهُ
شَوْهاءَ ينتابُهَا الإِمْلالُ والضَّجَـرُ
كأَنَّها مِنْ بَقايا أَعْصُـرٍ سُحِقَـتْ .
وتحت ليلِ رَمادِ الْيَـأْسِ تَسْتَتـِرُ .
* * *
رُدِّي إليْكِ شَريداً هَـدَّهُ السَّفَـرُ
طالَتْ عليهِ بإِغْواءاتِها الأُزُرُ
عرائِسُ الْعَصْرِ تَسْتَهْويـهِ فِتْنَتُهـا
وشاهَ تَحْتَ غِواءِ الرِّيشِ مُسْتَتَـرُ .
غاصَتْ خيالاتُهُ في لَيْـل رِحْلَتـهِ
كما يَغوصُ بظامي التُّرْبَةِ الْمَطَـرُ
شَدَّتْـهُ أَوْهامُـهُ شَـدَّا لِغُرْبَتِـهِ
كما يَشُدُّ سَقيماً حُلْمُـهُ النَّضِـرُ .
كَالظامِئينَ تَراءى بالسَّراب لَهُـمْ
مِثْلُ الْينابيـعِ بالآفـاقِ تَنْهَمِـرُ
حتى إذا اقْتَرَبَوا أَوْهَتْ حَشاشَتُهثمْ
ومِئزرُ الشمسِ حولَ الآلِ مُسْتَعِرُ
فهل أَفادَ سـوى تَشْتيتِ رُؤْيتـهِ؟
في لُجَّةِ الْوَهمِ حتى أُزْهِقَ الْعُمُـرُ؟
وضُمَّةٌ مِنْ عُقودِ الْعُمْـرِ ضائِعَـةٌ .
بينَ الشِّعابِ التي تاهَتْ بها الْفِكَـرُ
* * *
نادي نَجِيَّكِ ِ قولي: هَدَّكَ السَّفَرُ
فقد يَقيهِ نِداءٌ مِنْكِ أَوْ حَذَرُ
إذا رآكِ كوجْهِ الطفـلِ مُشْرِقَـةً .
ومبسمُ الصبحِ في عينيكِ ينتظِـرُ
والْقيْ عليهِ قَميصاً فيـه رائِحَـةٌ
منَ التُّرابِ، يَعُدْ لِلْمُغْمضِ البَصَرُ
ويورقُ الوعـدُ في عينيـهِ ثانيـةً
وتَمَّحي الغربةُ الْعَميـاءُ والْخَطَـرُ .
هَيّا اصْرُخي للشَّريدِ النِّضوِ حانِيَةً:
أَرْضُ الْوعودِ تُنادي الأهْلَ هَلْ حَضَروا؟
1973
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :335  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 44 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.