قيلَ: تَأْتينا مَعَ الصُّبْحِ رَسولا |
تَحرقُ الْخَوْفَ الذي لازَمَنا دهراً طَويلا |
الشَّحيحونَ يَقولونَ عَنِ الْخَوفِ |
كياناً لَنْ يَزولا |
قالتِ الْعَرَّافَةُ الْواسِعَةُ الْعَيْنَيْنِ: |
يأتيكُمْ صَديقاً بدويّاً |
حامِلاً مِنْ خُضرةِ الآتي فُصولا |
وانْتَظَرْناكَ طَويلا |
ومشَتْ قافِلَةُ الأَصْباحِ |
في البحرِ وفي الصحراءِ عَجْلى |
وطوتْ أَوْجاعَنا جيلاً فَجيلا |
ثم لم تأتِ.. وظَلَّ الْحُلْمُ في الصَّحْراءِ |
مُخْضَرّاً وعُصْفوراً جَميلا |
قالتِ الْعَرَّافَةُ الواسِعَةُ الْعَيْنَيْنِ: |
تَأتي رائداً |
فَتُقيل اللَّيْلَ مِنْ مَنْصبهِ |
وتُوافينا بأَحْمالٍ منَ الأَفْراحِ وَالْوَرْدِ |
قَبيلاً.. فَقبيلا |
وانْتَظَرْناكَ طَويلا |
* * * |
مَرَّتِ الأَحْقابُ |
والْجُرحُ الذي أَنْهكَنا ازْدادَ اتِّساعا |
ناصباً خَيْمَتَهُ في جِسْمنا الْمَحْنِيِّ |
لم يَبْرَأْ ولم يَنْوِ الرَّحيلا |
وطُغاةُ العصرِ يَغْتالونَ حتى الْحُزن مِنّا |
لم نَعُدْ نَعْرِفُ مَنْ أَلْقى إلى الموتِ مَراسيهِ |
ومَنْ عاشَ قَتيلا |
التَّضاريسُ اخْتَفَتْ، والحزنُ ماتْ |
والطُّغاةُ افْتَرَسوا أَكْبادَنا صُبْحاً |
وأَحيوها أَصيلا |
حرثَتْ أَحْداقُنا الآفاقَ في الطولِ |
وفي الْعرضِ |
وفي الْعُمقِ |
ولم نُبصِرْ دَليلا |
وانْتَظَرْناكَ طَويلا |
كادَ هذا الحُلمُ الْعصفورُ |
أنْ يغرقَ في رملِ السِّنينْ |
ومَآقينا تُواريهِ ذُهولا |
كُلَّما مَرَّ نَهارٌ |
زادتِ الأكباد حزنا |
وانُحنَتْ حاديَةُ الْحُلْمِ نُحولا |
جئتَ في تشرينَ ساعاتٍ وتابَعْتَ الرَّحيلا |
قالتِ الأَعرابُ: خائِفْ |
والشَّحيحونَ يَقولونَ: |
لقد هادَنْتَ حُكَّامَ الطَّوائِفْ |
والْمُرابونَ بِمَنْفانا أَرادوا أَنْ تَظَلَّ الْمُسْتَقيلا |
وانْتَظَرناكَ طَويلا |
لم نَقَلْ: إنَّكَ خائِفْ |
لم نَقُلْ: هادَنْتَ حُكَّامَ الطَّوائِفْ |
فَتَداركْنا عَجولا |
لا تَكُنْ يا أيها الْغائِبُ عَنّا |
أَملاً حُلْواً.. وحُلْماً مُسْتَحيلا |