شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بغْـــــــدَاد
كتبت هذه القصيدة عام 1978 في الوقت الذي كان يصاغ فيه ميثاق بغداد للوحدة بين سورية والعراق. وألقيتها أول مرة في قاعة الخلد ببغداد خلال احتفال أقيم لتكريم الشاعر الفلسطيني الراحل أبي سلمى. ثم ألقيتها في تلفزيون بغداد. ثم في أمسية شعرية في مدينتي: يبرود. ثم ألقيتها في طرابلس - ليبيا - عام 1979 خلال نشاط الأسبوع الثقافي السوري بليبيا والذي نظمه اتحاد الكتاب العرب. ونشرت القصيدة في مجلة: آفاق عربية.
وبعد حرب الخليج - المؤامرة - التي استهدفت الأمة العربية أضفت إليها الأبيات الستة الأخيرة عام 1992. وأشرت إليها بعنوان: تذييل
أَمْضَيْتُ عَصْرَ الضَّنى هَمّاً ومُرْتَقَبا
وكانَ وجهُكِ أَمْسِ الْكَأْسَ والْحَبَبا .
لا السِّرُّ كاتِمَةُ الأَسـرارِ تَكتُمـهُ
ولا الْمَلامِحُ تُخفي دونَكِ النَّسَبـا
هل يَهْدَأُ القلبُ عن حُبِّ التي عَلِقَتْ
وُجودَهُ؟ مِهْرَجاناً مُشْرِقاً صَخِبا؟
في النَّومِ قائِمَةً ِ في الصَّحْوِ صاخِبَةً
واسْتَغْرَقَتْنِيَ حتى احْتَلَّتِ الْعَصَبا
ما مَسَّ طيفُكِ صَحْوي دونَما سَكَرٍ .
ولا ذكرتُكِ إلا مُبْدِعاً أَدَبا
سقيتُ عطرَكِ شِعْري وهيَ شاهِدَةٌ
لِيَ الْمَحافِلُ حتى أَصْبَحَتْ كُتُبا
* * *
ما سِرُّ هذا الْهَوى بَغْدادُ؟ يَسْأَلُني
مَنْ لم يُكَحِّلُ بِمَرْآى وَجْهِكِ الْهُدُبا .
فقلتُ: تَعْلَمُ، لو قابَلْتَ ناشِرَةً
على الزَّمان صِباً ما اعْتُلَّ أَوْ نَضَبا
كأسُ الخُلودِ على مَخْضوبِ راحَتِها
لتَمْنَحَ الدهرَ في فَصْلِ الْهُبوطِ صِبا .
ما ازْدانَ عُرْسٌ لِمَجْدٍ بَعْدَ جَلْوَتِها
على الْعُصورِِ سواءً لانَ أَوْ صعُبا
ولا تَفَتَّقَ إبْداعٌ بِمَعْزِلِها
إنْ أشرقَ الفكرُ في الدنيا وإنْ غَرُبا .
ولا اسـتراحَ مُغـيرٌ في مَضارِبهـا
إلاَّ لِتَبْسُطَ في أَضْلاعِـهِ الْقُضُبـا
مَلْمومَةَ السِّـرَِ إلاَّ الثَّـأْرَ مُطْلِقَـةً
عنانَهُ من قُيـودِ السِّرِّ مُخْتَضَبـا .
مَغْسولَةَ الصَّوْت إنْ تُنْمى مُعَرَّبَةً ِ
مَرآىً، ومعتقداً صِرْفاً، وَمُحْتَلَبا ِ
* * *
مِلْءَ الْبَصائِرِ اِسْمٌ إنْ هُوَ اقْتَربا
مِلْءَ الْحَنايا وشُغْلَ الْحُلْمِ إنْ عَزُبا .
بَغْدادُ.. اسمُكِ أَمْ مِعْراجُ مَلْحَمَةٍ
تنْداحُ في الكَوْنِ حتى تَحْضُنَ الشُّهُبا؟
أَذاكَ اسمُكِ؟ أمْ تاريخُ قافِلَةٍ
حُداؤها الثأرُ حتى تَبْعَثَ الْعَرَبا؟
طَرَّقْتِ للصُّبْحِ في أَعْقابِ جائِحَـةٍ
كالْمُسْتَتحيلِ وفي راحاتِكِ انْسَكَبا
لِتُشْرِقَ الشمسُ مِنْ مَسْرى بَراءَتِها
ويورِقَ الْحُلُمُ الْحُلْوُ الذي احْتَجَبا .
واسْتَعْجَلَ النَّبْعُ دَفْقاً في عذوبَتِـه مِنْ حيثُ قالَ حُضورُ الشُّحِّ: قــد نَضَبــا
سَحابَةٌ مِنْ عَقيـم الْغَيْـم عابِـرَةٌ .
مَرَّتْ لِتُرْضِعَ رُؤْيا الظَّامِئِ السُّحُبا .
* * *
جاءَتْكِ جِلِّقُ تُحْيي عَهْدَ مَنْ كَتَبـا
وتَسْتعيدُ ريـاداتِ الْعُـلا سَبَبـا
وعُدْتُما لاحْتِقابِ الْمَجْـدِ أُغْنِيَـةً
مِلْءَ الْحَناجِرِ إنْ حُزْناً وإنْ طَرَبـا .
يَوْمٌ تُطَأْطِئُ هامـاتُ الزَّمـانِ لَـهُ
كِبْراً على كِبَرِ التاريـخِ مُنْسَحِبـا
وقُلْتُما للدُّنى: إنَّ السَّنى قَدَرٌ
يَحُطُّ بالراحتينِ الْمَنْحَ الْغَلَبا
وأَسْكَرَتْ خَمْرَةُ اللُّقْيا تَوازُنَهَا ِ
عَذْراءَ يَعْرُبَ حتى شَقَّتِ النُّقُبا ِ
وزغردَتْ دونَ أَنْ تَدْري هل اعْتَنَقَتْ أُمَّ الرَّبيعينِ وَالأَنْبارَ؟ أَمْ حَلَبا
كَالْمُؤْمنينَ إذا صَلُّـوا بكَعْبَتِهِـمْ
أَيُّ اتِّجـاهٍ بها قُرْآنُـهُ احْتُسِبـا
أيسأَلُ العاشِقُ الْمَعشوقَةَ انْتَهَبَتْ .
أَمامَهُ الأُفْقَ: أَيُّ الْجانبـينِ رَبـا؟.
دمشقُ أَوَّلُ مَنْ صلـى موحِّـدّةً
أَحْياءَ يَعْرُبَ مَـنْ أَبْدى ومَنْ جُلِبا
وأنتِ بغدادُ ثانـي الدُّوْحَتيْنِ لهـا
بحضنكِ اخْتَمَر الفكرُ الذي اسْتُلِبا .
تباركَ الحاديانِ الشاديـانِ علـى
أَيْكِ الْعُروبَةِ مُرْتـاداً ومُصْطَحَبـا
راياتُ يَعْرُبَ في نَوْلَيْهِما نُسِجَـتْ
وعَهْدُ يَعْرُبَ مِنْ كَأْسَيْهِما شَرِبـا .
تَبارَك الفتحُ قـد عادتْ جَحافِلُـهُ
تُجَدِّدُ الزحفَ لا غَوْلاً ولا سَلَبـا
لكنهُ الضـوءُ في أَزْهـى توقُّـدِهِ .
وأيُّ ضوءٍ شكـا في سَيْرِه النَّصَبا؟ .
* * *
ما فاجَأَتْكِ اللَّيالي إنْ طَغى شَرَهٌ
بِعُمْقِ طاغِيَةٍ يِسْتَمْطِرُ النُّوَبا
يَحوم حَوْلَكِ مَمْسوسـاً بلَوْثَتِـهِ
يُحَرِّقُ الْفِكْرَ أَوْ يَسْتَحْلِبُ الْعَطَبـا .
وبَعْدَ كُلِّ حَريقٍ تَنْهضينَ إلى
بِناءِ عَصْرينِ: ما يَأتي، وما ذَهَبا
كَمِثْلِ أُسْطورَةِ الرُّؤْيا أَتَيْتِ علـى
جَناحِ عَنْقـاءَ. أُمّـاً حُـرَّةً وَأَبـا
ما مَرَّ عصرٌ بلا هَدْيٍ مُخَضِّبَةً
كَفَّيْهِ كَفَّاكِ خَضْبَ النَّسْمَةِ اللَّهَبا
* * *
يا أَيُّها الْقَلْبُ.. ما أَشْقى الذي رَكِبا .
سَفينَةَ الْحُبِّ ساعَ الأطْلَسُ اضْطَرَبا
سِنينَ عنهـا بعيـدٌ مَـنْ تُعَلِّمُـهُ
قِيادَةَ الْحَرْفِ لُصْقَ الثَّأرِ ما شَحُبا
والْيَوْمُ في لُغَـةِ العُشَّـاقِ شَرْنَقَـةٌ .
مِنَ السِّنينَ تُثيرُ الْحُـزْنَ والْعَتَبـا
وجئْتُ أَسْعى على أَطْرافِ قافِيَـةٍ
خَضْراءَ تَلْثُمُ مِنْ يَنْبوعِها. الْعَرِبـا
أَتَيْتُ أسألُ غاباتِ النَّخيلِ بها
في غيرِ موسِمِها هلْ تَمْنَحُ الرُّطبَا؟
وهل يغَيِّرُ وَجْهُ الأَرْضِ سيرَتَهُ في موسِمِ الْعِشْقِ؟ِ بل هل يوقِظُ الْحِقَبا؟
أنا رأيتُ أنا شاهدتُ في فَرْحي .
أَنَّ السماءَ تَصُبُّ الرُّؤْيَةَ الْعَجَبـا
كَلَيْلَةِ الْقَدرِ كانَ المشهدُ اتَّسَقَتْ
بهِ التصاويرُ، ما اسْتَخْفى وما انْسَرَبـا
رأيتُ دجلةَ مغروراً بضَحْوَتِهِ
يُخاصِرُ الشَّامَ مَزْهُوّاً بما اصْطَحَبا
فَقُلْتُ: دَجْلَةُ هَلْ أرضٌ بكَ انزَلَقَتْ؟
حتى اتَّخَذْتَ طَريقاً ثانياً سَرَبا؟
فَرَشَّ وَجْـهَ دِمَشْـقٍ في مُداعَبَـةٍ
وقالَ: يعرفُ عُشَّاقُ الْعُلا السَّبَبـا .
* * *
تذييل:
ماذا دَهاكِ إذَنْ؟ حتى إذا التَأَمَتْ جِراحُكِ الأَلْفُ خانَ الدهرُ أَوْ كَذَبا؟
وغَلَّ خِنْجَرَهُ في صُبْـحِ خاصِـرَةٍ .
مِنْ راحَتَيْ واهِبٍ للْقَتلِ ما وَهَبـا؟ .
قُتِلْتِ صَبْراً ِ وَصُنّاعُ الْخَنى نَجَحوا
في خَنْقِ تاريخِكِ الْمُخْضَرِّ فاحْتُطِبا
وأَسْلَمَتْكِ أَكُـفُّ الْمُجْرمـينَ إلى .
نَهَّاشَـةٍ تَتَصَـبَّى كُـلَّ ما سُلِبـا
مَعْزولَةً عن رَبيع الْكَوْنِ كاسِفَـةً
عُرْياً، وجوعاً، وتَشْريداً، ومُغْتَرَبـا
فَهَلْ سُلالَةُ هولاكـو لَهـا أَثَـرٌ
ومِنْ عَطاياهُ يا بَغْدادُ ما ارْتُكِبـا؟ .
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :394  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.