| سألتُ قَطا يثربٍ وَحُبارى عَسيرْ |
| -: أَريحُ الصَّبا |
| واكَبَتْ مَوْسِمَ الْعامِ أَمْ صَبَواتُ الدَّبورْ؟ |
| فَغُصَّ الْقَطا |
| وتَنَهَّدَ سِرْبُ الْحُبارى |
| ولَسْتُ الْمُتَرْجِمَ صَمْتَ الطُّيورْ |
| * * * |
| وماذا خَبِرْتُمْ عَنِ الصُّفْرِ والزُّرْقِ حتى تَرَكْتُمْ |
| هِرَقْلَ يُبايعُهُمْ لاقْتِسامْ الشَّآمْ؟ |
| وأَبْناءُ أُمَّاتِكم بشَرْقِيِّ بَتْرا |
| تُكدِّسُهُمْ صَرْصَرٌ في سَوادِ الْخِيامْ |
| تُنادونَ للمَشْيَةِ الْهَيْدَبى، كِبَراً |
| والْقَصيدِ الْمُرَفَّلِ تيهاً |
| وحيتانُ بحرِ الظَّلامْ |
| تُحاصِرُكم بَيْنَ صَيْدا وهُرْمُزَ لا تَتَّقي بأسَكُمْ |
| فأنتم كِبارٌ.. كِبارٌ بثاراتِكُمْ |
| وصِغارٌ.. صِغارٌ إذا هَدَّمَ الرُّومُ أَسْوارَكُمْ |
| * * * |
| فأيُّ إِلهٍ لكم قَدْ أَشارْ |
| وفَتَّحَ في تَغْلِبٍ مُقْلَةً |
| وأغْمَضَ أُخْرى بِبَكْرٍ |
| فَسُقْتُمْ عَزيزَ الْمَطايا لهذا الدَّمارْ؟ |
| لِمَنْ توقِدونَ الأَضاحي بغَيْرِ مَواسِمِها |
| والْمُضَحّى لَهُ ناقَةٌ |
| والْبَسوسُ على ضِفَّتَيِّ احْتِضارْ |
| تَشِحُّ زيُوتُ مَصابيحِكُمْ |
| والدُّجى يَتَغَلَّسُ فيكُمْ |
| وأَغْلى مَراكِبكُمْ حوصِرَتْ في غَريبِ الْبِحارْ |
| * * * |
| ضَلَلْتُمْ.. ضَلَلْتُمْ |
| وأنتم تَصُبُّونَ في لَهَبِ الْقَتلِ أَمْواهَ أَطْفالِكُمْ |
| فهل رأَتِ اللاَّتُ ماءَ الْخَليجِ |
| وهَل يَفْتَدي هُبَلٌ على الطُّورِ أَبْناءَهُ؟ |
| وأَيُّ الْغَرانيقِ أَفْتى لِقَيْسٍ بِقَتْلِ نِزارْ؟ |
| وخَلْفَ الْمضائِقِ فاغِرَةٌ شِدْقَها آفَةٌ |
| تَتَرَبَّصُ غَفْوتَكُمْ |
| لِتَزُفَّ إلى الْجِنِّ |
| أَنْباءَ هذا الْفِرارْ |
| وزَرْقاءُ تَفركُ رَمْلَ الْخَليجِ |
| تَسْبُرُ سِتَّ جِهاتٍ |
| وتكتُبُ: إنَّ الْمَواسِمَ مَسْكونَةٌ بالْبُوارْ |
| * * * |
| سألتُ الْخُزامى بنَجْدٍ |
| وَوَشْوَشْتُ فَوْجَ الْعَرارْ |
| -: بأَيِّ السَّحائِبِ تَنْدى شِفاهُ الزُّهورِ |
| وأَيُّ الْكَواكبِ تَرْتادُها كَيْ تُثارْ؟ |
| فأَطْرقَ سَيْلُ الْخُزامى |
| وطَأْطَأْ جيدُ الْعَرارْ |
| وكانتْ عُيونُ الْمَها حَوْلَ نَجْدٍ |
| تلوذُ بصَمْتِ الْفِرارْ |
| وفَتَّشْتُ عن كاهِنٍ |
| ينقُلُ الشِّعْرَ مِنْ زَهْرَةٍ وَمَهاةْ |
| والْمَدى واسِعٌ بين عُجْمَةِ نُطْقي |
| وبينَ بَيانِ الْخُزامى |
| وكنتُ وحيداً بتلكَ الدِّيارْ |
| * * * |
| تُنادي الْقَبائِلْ: |
| لا حَرْبَ خَلْفَ صُوى عَسْقَلانْ |
| ولا هُنْدُوانْ |
| إلا إلى غَزَّةٍ وجْهُهُ في الصَّلاةْ |
| ولا تَصْهَلُ الْخَيْلُ إلاَّ بصدِّ سُيولِ الْغُزاةْ |
| يَقولون: |
| نحنُ حُماةُ الصُّوى والْهَوى |
| والنَّدى وَالْفِدى واللِّسانْ |
| يقولونَ: |
| لا طيبَ، لا خَمْرَ، لا غانِياتْ |
| لِنُرْجِعَ أَبْناءَ أَعْمامِنا مِنْ لُجوءِ الشَّتاتْ |
| نُزَيِّنُ حَيْفا لهُمْ |
| ونَغْسِلُ عَكَّا بِدَمْعِ الْفُراتْ |
| لكم خَضَّبوا بالطُّيوبِ الأَكُفَّ |
| بِظِلِّ رِئامٍ وعُزّى وَلاتْ |
| * * * |
| ويَرْغي بَعيرٌ لمازِنَ صُبْحاً |
| وتَنْفُقُ عِنْدَ حُدودِ الْعَشِيَّةِ شاةْ |
| فَيَنْسَوْنَ أَغْلَظَ أَيْمانِهِمْ |
| وتَفْتي كَواهِنُهُمْ سَنَداً لِلْقِتالِ الْمُذِلِّ |
| ويَبْدَأُ عَصْرُ انْحِطاطْ |
| وما زالتِ القدسُ جُرْحَيْنِ |
| جُرْحَ الْقبائلِ في ظَهْرِها |
| وفي الصَّدْرِ جُرْحُ الطُّغاةْ |
| * * * |
| سَأَلْتُ قَطا مَكَّةٍ وحَمامَ عَدَنْ |
| -: أَريحُ ثَمودٍ تَعودُ إلى الْكَوْنِ؟ |
| أَمْ لَعْنَةٌ نَسَجَتْها الْفِتَنْ؟ |
| فَغُصَّ الْقَطا |
| وتَنَهَّدَ سِرْبُ الْحَمامْ |
| ولاحَتْ يَدٌ خَلْفَ صَمْتِ الْقَبائِلِ |
| تَرْسُمُ شَكْلَ الْكَفَنْ |
| * * * |
| تباركُ آلِهَةُ التَّمْرِ صُنَّاعَها في الصَّباحِ |
| ويَأْكُلُها جُنْدُ قَيْصَرَ قَبْلَ حُلولِ الْمَساءْ |
| وبَكْرٌ تُطاعِنُ تَغْلِبَ في الْعُدْوتَيْنْ |
| تُبارِكُ حارِسَةُ النَّخْلِ أَثْقالَهُ في الْخَريفِ |
| ويقطفُها مُخْبِرٌ لِهِرَقْلَ، خَبيرٌ بعشْقِ النَّخيلْ |
| وتَغْلِبُ تَطْعَنُ بَكْراً على الضِّفَّتَينْ |
| والشَّهِدانِ جُفونُ الْعَذارى |
| ودمعُ الشَّهيدْ |
| وبكر وتغلب لحم تفرق حيا توحد ميتا |
| وزار بطون السبـاع علـى الجبهتين |
| * * * |
| أَتَغْفوا كَواعِبُ عُذْرَةَ بعد الْوَقيعةِ؟ |
| كيفَ وكُلُّ الْخُدورْ |
| تَغَشَّى دَمٌ طُهْرَها، ثم شَرَّدَ أَحْلامَها |
| وما نَعِسَتْ كاعِبٌ دونَ حُلْمٍ تُقَبِّلُ أَهْدابَهُ |
| بين جفْنِ الْغُروبِ، وثَغْرِ النُّشورْ؟ |
| * * * |
| وتُعلنُ تغلبُ أَنَّ انتصاراتها |
| غَسَّلَتْ حَدَقاتِ الْخليجْ |
| وتُعْلِنُ بَكْرٌ، بأَنَّ بُطولاتها |
| حَرَّرَتْ طُرُقاتِ الْحَجيجْ |
| ويَعْوي غُرابُ يَهوذا على الْقُدسِ يَعْوي |
| ويَلْعَنُ بَكْراً وتَغْلِبَ كِلْتاهُما |
| بَيْدَ أَنَّ الضَّجيجْ |
| يُخَبِّئُ صَوْتَ الْغُرابِ الدَّخيلِ |
| ويُبْقي لأَظْفارِهِ سَطْوَةً |
| لِتَخْمُشَ لاتاً وعُزّى |
| وتَفْقَأَ عَيْنَ الْقَتيلْ |
| وتُبْقي لِمِنْقارِهِ لَذَّةٌ لِيَسمُلَ عَيْنَيْ هُبَلْ |
| وبَعْدَ عَمى هُبَلٍ واسْتِلابِ الْقَبيلِ دِماءَ الْقَبيلْ |
| أَيَضْرَعُ ثانِيَةً سادِنٌ لِقُرَيْشٍ وعَرّافةٌ في الدَّخولْ؟ |
| بأَيِّ اتِّجاهٍ تُرى ستكونُ الضَّراعَةُ: |
| "اُعْلُ هُبَلْ"؟ |
| * * * |
| لَثَمْتُ حَصاةً يُدَحْرِجُها الشِّعْرُ |
| مِنْ سَبَأِ الغابرينَ إلى إِرَمَ الْحاضِرينْ |
| بَكَتْ ونَمَتْ. فَطَوَّقْتها. والظَّلامُ كَئِيبٌ |
| ودَمْعَتُها الْمُشْرِقَهْ |
| تُسائِلُني مَوْعِدَ الصُّبْحِ باللُّغَةِ الْمُحْرِقَهْ |
| ولكنَّني لم أَقُلْ أَيَّ شَيءٍ لأَني |
| كَتِلْكَ الْحَصاةِ غَريبْ |
| * * * |