-: بِكُلِّ أَسْفارِ الْهُنودِ |
ما وَجَدْنا "بَيْدَبا" |
لا شاعِراً، لا ساحِراً، لا راهِبا |
لا فَيْلسوفاً ينثرُ الدُّرَّ على أَسْماعهِمْ |
مَجالِساً وَكُتُبا |
ولا حَكيماً يحرقُ الْعرشَ على حاكِمهِ |
سِياسَةً وَأَدَبا |
* * * |
-: بكُلِّ أَحْقابِ الْهُنودِ |
ما وَجَدْنا "دَبْشَليمْ" |
قائِداً أَوْ مَلِكا |
يَسْمَعُ قَوْلَ ناسِكٍ أَوْ شاعرٍ تَصَعْلَكا |
وليس في تاريخهم |
قائِدٌ يُرَتِّلُ الذِّكْرَ ويَقْضي النُّسُكا |
ويَضْحَكُ مِثْلَ الطِّفْلِ مِنْ أُلْعوبَةٍ |
وإنْ صاحَ عَدُوٌّ مِنْ وَرائِهِ بَكى |
* * * |
- وليسَ في بلادِ الْهِنْدِ قائِدٌ مَجْنونْ |
يَحْشُرُ أَقْدارَ الْعِبادِ في نَزْوَتِه غَنيمَةً |
ويأْخُذُ الْحُجَّابُ والْوُلاةُ والزُّناةُ |
حَوْلَ عرشِهِ ما تَرَكا |
تُحَمْحِمُ الْخُيولُ حَوْلَ عَرْشِهِ عَشِيَّةً |
ويُنْشِدُ الْمُهَرِّجونَ شِعْرَ الْحَـرْبِ |
حولَ عرشِهِ عَشِيَّةً |
ويرسمُ القادَةُ كيف تَرْجِعُ السُّيولُ |
عن حُقُولِهِ عَشِيَّةً |
وعندَما يَنْبَلِجُ الصَّباحْ |
يَهْدَأُ حَوْلَ عَرْشِه النُّباحْ |
ويَخْفُتُ الصِّياحْ |
ويَقْطُفُ السَّيَّافُ رَأْسَ مَنْ تَحَرَّكا |
* * * |
-: ما عَرَفَ الْهُنودُ في تاريخهم |
قائِداً مِثْلَ أَميرِ الظافرينَ في بلادِنا |
قاتَلَهُمْ وانْتَصَرا |
وخَسَفَ الشمسَ على رؤوسِهمْ |
سَيِّداً مُظَفَّرا |
وعندما تُقْلِقُهُ الْوِحْدَةُ |
أَوْ يَنْتابُهُ الْمَلَلْ |
يقتلُ مَنْ يشاءُ كيفما يَشاءْ |
بالسَّيفِ أَوْ بالنارِ أو بالماءْ |
ويُسْمِعُ التاريخَ في نَشوتِهِ |
مِنْ صَرْخَةِ الرجالِ أَوْ زَغْردَةِ النِّساءْ |
:طوبى لِمَنْ قُتِلْ |
* * * |
-: لم يَعْرفِ الْهُنودُ حاكِماً مِنْ خيرةِ الرِّجالْ |
كَسَيِّدِ الْقادَةِ في بلادِنا |
وبَطَلِ الأَبْطالْ |
يُغْرقُ الْغِلالْ |
ويَحْرِقُ الظِّلالْ |
ويَذْبَحُ الأَطْفالْ |
ويسرقُ الأَحْلامَ مِن جُفونِ الشَّعْبِ |
حَتَّى يَمْنَعَ الْفِكْرَةَ والْخَيالْ |
مُكَلَّلاً بصمتهم مُؤَزَّرا |
وإنْ تَراءى قاهِرٌ لِشَعْبهِ |
أو غاصِبٌ لأَرْضهِ |
أوْ هاتِكٌ لِعِرْضهِ |
تَسَلَّلَ السَّيْفُ إلى الظَّلامْ |
وأَعْلَنَ الْمُظَفَّرُ السَّلامْ |
وأَذَّنَ الحاجِبُ للصِّيامْ |
حَتى عَنِ الْحُلْمِ وعَنْ تَذكُّرِ الْكَلامْ |
* * * |
-: بكُلِّ غاباتِ الْهُنودِ |
لم نَجِدْ فيلاً بَكى |
أوْ ثَعْلَبا شَكا |
أَوْ أَسَداً تَهَتَّكا |
أَوْ هُدْهُداً حاكَ لذئبٍ شَرَكا |
ولم يَرَ الْهُنودُ خِنْزيراً يُؤاخي السَّمَكا |
أَوْ طائِفاً مِنْ جِنَّةٍ |
يَتْبَعُ قائِدَ الأَبْطالِ أَنَّى سَلَكا |
* * * |
-: بكُلِّ بَيْعاتِ الْهُنودِ لم نَجِدْ |
قِسّاً يَزورُ حاكِماً مُغْتَصِبا |
أَوْ راهِبا |
يَقْتَحِمُ الْعَرْشَ على سَيِّدِهِ مُؤَدِّبا |
أَوْ مَنْ أصابَهُ الْمَسُّ يَرودُ لِلْهُنودِ مَسْلَكا |
* * * |
-: فإنْ تكُنْ – حَسْبَ تَقاريرِ الْقُضاةِ – بَيْدَبا |
يَكُنْ أَميرُ الظَّافرينَ دَبْشَليمْ |
وكُلُّ ما نَمَّقْتَهُ عَنِ الطُّيورِ والوحوشْ |
يَكونُ آنذاكَ كَذِبا |
* * * |
-: صَوَّرْتَ قادَةَ الأُمَّةِ مِنْ حَوْلِ أَميرِ الظّافرينْ |
عُصْبَةَ مُخْبِرينْ |
وشُلَّةً مِنْ دَرَكِ الْمُغامرينْ |
وقُلْتَ عَنْ قادتِهِ: سَماسِرَهْ |
وطُغْمَةً تَبيعُ رايَةَ الْجِهادْ |
وتَفْتَحُ الْبِلادْ |
لِلأَرْجُلِ الْمُهاجِرَهْ |
صَوَّرْتَ سُلْطانَ الزمانْ |
حاطِباً آراءَهُ |
مُنْتَشياً بِخَمْرةِ الْجُنونِ حَوْلَ الذَّاكِرَهْ |
وكُلُّ ما يَدورُ حَوْلَ عَرْشِهِ مُؤامَرَهْ |
أَرَدْتَ أَنْ تَقولَ عَنْ كُتَّابهِ.. حُجَّابهِ |
شِرْذِمَةً مُغامِرَهْ |
تَقودُها تِجارَةُ الْفَيْءِ إلى الْحَضيضْ |
مِنْ صَفْقَةٍ مَعْتوهَةٍ لِصَفَقاتٍ خاسِرَهْ |
* * * |
-: عَقْلُ أَمير الظَّافِرينَ هل تحمله |
جُمْجُمَةِ الْخِنْزيرْ؟ |
وحِكمَةُ الْوزيرْ |
كيفَ حُبِسَتْ في قامَةِ الْعُصفورْ |
وكيفَ أَسْلَسَتْ قِيادَها لِلقِردِ ثَرْوَةُ الْبَلَدْ؟ |
وكيف يَطْمَئِنُّ قائِدُ الْجُنْدِ لِنُصْحِ سُلْحُفاةْ |
تَهيمُ بَيْنَ الْمَوْجِ والزَّبَدْ؟ |
* * * |
-: رسَمْتَ صورَةَ النَّديمْ |
وفِطْنَةَ الْحَكيمْ |
بين يَدَيْ سَيِّدِنا السُّلْطانْ |
وقاهِرِ الزَّمانِ والْمَكانْ |
بهَيْئَةِ ابْنِ آوى |
وكيفَ يستطيعُ ابْنُ آوى |
أَنْ يَحْشُدَ الْعِتادَ والْجُيوشَ والْعَدَدْ |
ويرسُمَ الْمَصيرَ في مَعْرَكَةٍ |
تَصْغُرُ حتى تَنْتَهي هَزيلَةً |
تَدورُ بَيْنَ الْجَحْشِ والْخِنْزيرِ |
في مُسْتَنْقَعٍ رَكَدْ؟ |
* * * |
-: كيفَ تَسيلُ حِكْمَةُ الْعالِمِ مِنْ فَمِ الْغُرابْ؟ |
وتَحْمِلُ الْقِطَّهْ |
أَفْكارَ قائِدِ الشُّرْطَهْ |
مُنْذُ مَتى السِّنْجابْ |
يُعَلِّمُ الرُّبَّانْ |
والنِّمْرُ كيف صارَ قاضِيا |
والْكَلْبُ كيفَ صارَ والِيا |
والْحَيَّةُ فَوْقَ مِنْبَرٍ أُعِدَّ لِلْعَدْلِ وَلِلْخِطابَهْ |
* * * |
1- مُعْتَقَلٌ أنتَ بِتُهْمَةِ التَّزْويرِ والْمُخاتَلَهْ |
2- معْتَقَلٌ أنتَ بِتُهْمَةِ تَلْفيقِ الْحَكايا الباطِلَهْ |
3- مُعْتَقَلٌ أَنتَ بِتُهْمَةِ التَّنْديدِ |
بالسُّلْطانِ وَالأَعْيانِ والْفُرسانِ والْمُقاتِلَهْ |
4- مَعي الْقُيودُ والأَصْفادْ |
وصاحِبُ الأَمْرِ يُصَلِّي الصُّبْحَ |
في بَغْدادْ |
تَأَهُّباً لِلَّحَظاتِ الْفاصِلَهْ |
* * * |