شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
البُــــركَــــانْ
تفجرت هذه القصيدة في لحظات الإشراق بعد يأس طال. وعندما شاهدنا العذارى في جنوبي لبنان يفجرن أنفسهن في السيارات المفخخة أمام القوات الصهيونية. وكأنهن يثأرن بشكل طوعي لشعب طالت معاناته. بين الاقتتال الطائفي من جهة، وبين بطولات حروب الطواحين الدونكيشوتية من جهة أخرى.
1983
نوارُ، عفوَكِ إنْ أَحجمتُ عن غَزَلي .
وإنْ تخطَّيْتُ خَضْبَ الشِّعـرِ بالْقُبلِ
وإنْ نأيتُ بميثـاقِ الهـوى زمنـاً
نَأْيَ الْمُهَجَّـرِ، لا حُبّاً بمُرْتَحَلـي
لي عُذْرُ مُغْتربٍ -إنْ كنتِ عاذِلَةً-
يلوكُ لَحْـمَ الْمُنى في فُسْحَةِ الْعَذَلِ .
لا تُصْدري الْحُكْمَ يا نُوّارُ عاجِلَةً
فأصعبُ الحكم ما خَطَّتْ يَدُ الْعَجَلِ
فَتَجْرَحي باتِّهاماتٍ صَبوحَ هَوىً
وَرُبَّ مُتَّهَمٍ إنْ خُضَّ لَمْ يُنَلِ
لكنَّ دربَ الْهَوى ما عاد تَزْجِيَةً
بينَ الْحَبيبينِ أَوْ غاراً لِمُعْتَزِلِ
جَنوبُ لُبنانَ صاغَ الْحُبَّ ثانيَةً
صَوْغَ الْقَرابةِ بينَ النَّصْرِ والْبَطَلِ
أما سمعتِ زَغاريدَ الْحُداةِ أتتْ
مِنْ كُلِّ صَوْبٍ كمثلِ الْعارِضِ الْهَطِلِ؟
تَزُفُّ مَنْ تاقَ للُّقْيا، وأَرَّقَهُ
بُعْدُ الأَحِبَّةِ في دَوَّامةِ السُّبُلِ؟
زُفَّتْ عَذارى أَمَا شاهَدْتِ هَوْدَجَها
بينَ الملائِكِ مَحْمولاً على الْمُقَلِ؟
وغَسَّلَتْ بالدَّمِ الْعُذْريِّ ما اقْتَرَفَتْ
أَيْدي الطُّغاةِ بما طالَتْ ولم تَطُلِ؟
تَناثَرَتْ في ضِياءِ الشُّهْبِ ما احْتَرَقَتْ
لكنها أَشْرَقَتْ دَفْعاً عَنِ الزَّلَلِ
* * *
نُوارُ، قالوا: طريقُ الْقُدْسِ مُغْلَقَـةٌ .
ومَنْ يَخُنْ شَعْبَهُ، أو يَنْزَلِقْ يَصِـلِ
ودَرْبُ عَكَّا طويلٌ لا انْتِهـاءَ لَـهُ
كأنَّهُ الْبُعْدُ بينَ النَّصْـرِ والْفَشَـلِ
أَمَّا الْعَذارى فَجُزْنَ الدربَ مُخْتَصَراً
حتى تَخَطَّيْنَ تاريخاً مِنَ الْفَشَلِ
بقفزةٍ لا يكادُ اللَّمْحُ يُدْرِكُها
تقولُ للأرضِ: يا أَرْجاءَها اشْتَعِلي
وحَرِّقي ما أَشـادَ الْحاكِمونَ على
قَميصِ عُثْمانَ مِنْ حافٍ ومُنْتَعِـلِ .
حَصَّنْتُ عَذْراءَ باسم الله إذ سَحَبَتْ
عَصْرَ الطَّوائفِ مِنْ تَوْقِيتِهِ الثَّمِـلِ
وحَمَّلَتْهُ جُنـوحَ الضالعـينَ بـهِ
كالقِـزْمِ يحملُ وِزْراً غَيْرَ مَحْتَمَـلِ .
فازَّيَّنَـتْ بسـلاح الثَّـأْرِ باذِلَـةً
مَعَ الْبُطولَـةِ قَلْباً غَيْـرَ مُبْتَـذَلِ
مآزِرُ الْقَزِّ ثَكْلى بعدما انْهَمَلَتْ
حِسانُها بالْفِدى عَنْ خَيْرِ مُنْهَمَلِ
يا عارَ مَنْ حَوَّلوا خُبْزَ الْجِياعِ إلى
رباطِ خَيْلٍ فلم تَصْهَلْ ولم تَصُلِ
* * *
نوارُ عَفْوَكِ إنْ أحجمتُ عَنْ غَزَلي .
وإنْ تَتجاوزْتُ غَسْلَ الشِّعْرِ بالْقُبَلِ
فإنَّ حُبَّكِ أَسْمـى ما أَلـوذُ بـهِ
مِنَ الْغَرابـةِ في أَشْـراكِ مُعْتَقَلـي
لكنَّ عَصْرَ الْخَنا أَضْحـى مُغامَرَتي .
وأنت في تيهِـهِ دَوْحٌ مِنَ الأَمَـل
فهل نَكونُ لعصرٍ شاهِدَيْـهِ علـى
ما فَتَّقَ الزُّورُ عَنْ أَبطالِهِ الْعُطُـلِ؟
نَرى الطُّغـاةَ وقد حَلُّوا بساحَتِـهِ .
وسَتَّروا سَقْطَـةَ الإِذْلالِ بالزَّلَـلِ .
فأَتْخَموا مُتْخَماتِ الْغَرْبِ عَنْ سَعَةٍ
وخَلَّفوا الشعبَ بينَ الْقَهْرِ والنُّصُلِ
جَوْعى، عُراةً، ومسلوبينَ تَجْمَعُهُمْ
نَجْوى الْمُسافِرِ بينَ الصَّحْوِ والثَّمَلِ .
ودمعةٌ حاتِمُ الطائِيُّ خَبَّأَها
في صَدْرِ ماوِيَةٍ مِنْ شِدَّةِ الْخَجَـلِ
* * *
ما عدتْ أَقْرأُ التاريخ مَأْثَرَةً
فلا بُطولَةَ عَمْروٍ لا نَقاءَ عَلي
ولا قُرَيْشَ ولا أَبْناءَهـا نَسَجـوا
مِنَ الأَوابدِ ما أَثْرى يَـدَ الْمُثُـلِ
ولا الرَّشيدَ لَـهُ سيـفٌ بمُعْتَـرَكٍ .
يُكَفْكِفُ اللَّيْلَ في سَيْلٍ مِنَ الشُّعَلِ
كأنَّما غابِـرُ التاريـخِ صَخْرَتُنـا
ونحـن نعرفُ منها وطْـأَةَ الثِّقِـلِ
فَكَفْكِفِ الدَّمْعَ يا سيزيفُ نَحْنُ مَعاً
نُصَعِّدُ الصَّخْرَ مِنْ سَهْلٍ إلى جَبَلِ
أَنْتَ ابْتُليتَ بهِمٍّ صُنْعِ آلِهَةٍِ
ونحنُ في صَنْعَةِ الأَصْنامِ لم نَزَلِ
كأنَّ ضَوْءَ كِتابِ اللهِ عارِيَةٌ
منهُ الْقُلوبُ ومِنْ إشْراقَةِ الرُّسُلِ
فإنْ تَعَذَّبْتَ طوبَى للْعَذابِ وقَدْ
أَتاكَ مِنْ أَلَقِ الْجَوْزاءِ أَوْ زُحَلِ
لكنَّ مِحْنَتنَا أَنَّا يُعَذِّبُنا
أَذِلَّةٌ طَأْطَأوا في ذُلِّ مُقْتَتَلِ
فأَنْكروا بغَليظِ الْحَلْفِ ما عَثُـرَتْ
عليهِ أَبصارُهم في وَقْعَـةِ الْجَمَـلِ
لكنَّهُمْ أَدْخَلوا تاريخَ أُمَّتِهمْ
في أَلْفِ حَرْبٍ كما في وقْعَةِ الْجَمَلِ
فهل رأيتَ رعايا ضَـلَّ سَعْيُهُـمُ
مِثْلَ الضَّلالَةِ بَيْنَ اللاتِ أَوْ هُبَـلِ؟
* * *
نُوارُ عَفوكِ إنْ أحجمتُ عن غَزَلي
وإنْ تخطَّيْتُ زَرْعَ الشِّعْـرِ في الْقُبَلِ .
عَصْرُ الْخَنا لم يَدَعْ في الصَّدْرِ خافِقَةً
لِوَجْهِ مُحْصَنَةٍ بالطُّهْـرِ مُغْتَسِـلِ
أنا رأيتُ صلاحَ الديـن خاشِعَـةً
مِنْهُ الأَصابعُ بينَ الْقَهْـرِ وَالْوَجَـلِ .
يُقَلِّبُ الْجُثَثَ الْمَجُهـولَ قاتِلُهـا
ويَتَّقي جُرْحَهُ الْمَفْغورَ لَـمْ يَـزَلِ
وَدَمْعَةَ الثُّكْل في عِشرينَ مَمْلَكَةً .
تَدورُ مِثْلَ الدُّمى في مِرْجَلٍ جَذِلِ
بَكى، وصَلَّى وقالَ: الْقُدْسُ مُهْطِعَةٌ
تَشْكو الضَّجيعَينِ مِنْ ذُلٍّ.. ومِنْ مَلَلِ
فقلتُ: صَبْراً صَلاحَ الدينِ إنَّ لَنا .
في كُلِّ عَصْرٍ دُجىً لكنْ إلى أَجَلِ
* * *
نُوارُ مُلْهِمَتي كُفِّي عَنِ الْعَذَلِ
لم أَنْسَ حُبَّكِ في حِلِّي ومُرْتَحَلي
ما زلتِ ناسِجَةً حُلْمي كما رَغِبَتْ .
عَيْنُ الْهَوى والْهَوى عَهْدي ومُبْتَهَلي
أرى بوَجْهكِ وَجْهَ الصَّبْحِ عَنْ كَثَبٍِ
وفي جُفونِكِ طيبـاً شيبَ بالعَسَلِ
وفي قوامِكِ فِرْدَوْساً هِوايَتُهُ
جَذْبي إليهِ فما أَحْلاهُ مِنْ نُزُلِ
أَسْمَعْتُكِ الْهَمَّ نَجْوى في نِهايَتِها
دَمٌ يَسيلُ ودَمْعٌ كُفَّ لَمْ يَسِلِ
ما دمتِ أنتِ معي والواهِبونَ أَتَوْا
وراءَ ليلٍ وَشى بالْمُقْبِلِ الْخَضِلِ
سَنُبْصِرُ الصُّبْحَ مُخْضَلاًّ بما حَمَلوا
يا حُسْنَ حِمْلَ الْفِدى في ثَوْبِهِ الْخَضِلِ
فـإنْ رأيتِ صَباحـاً في حَرائِقِنـا .
تَذَكَّـري طائِرَ الْعَنْقـاءِ وابْتَهِلي
* * *
فهل رضيتِ؟ لكيْ تَنْسَيْ مُعاتَبَتي
لِنَبْدَأَ الآنَ خَضْبَ الشِّعْرِ بالْقُبَلِ؟
* * *
1983
 
طباعة

تعليق

 القراءات :402  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 20 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج