زرْقاءُ.. رودي غابَـةَ السُّحُـبِ |
وتَلَمَّسي مَعْصوبَةَ الْحُجُبِ |
وسَلي الْقَوابِلَ، إنَّها بَلَعَتْ |
راحاتِهـا عَـنْ مَلْمَـسِ الصَّخَبِ . |
واسْتَفْسِري عَمَّنْ بِحَوْزَتِها |
مِن فاتِحٍ ومُكافِحٍ وَنَبي |
فَالعَصرُ عَيْنٌ أُغْمِضَتْ |
ويَدٌ كُفَّتْ |
وثَغْرٌ غُصَّ بِالأَرَبِ |
رودي الذي لم يَقترِبْ زَمَناً |
واسْتَعْجلي. فالْقَوْمُ في سَغَبِ . |
يَحْنونَ للدَّجَّالِ قامَتَهُمْ |
وكِبارُهُمْ عُجْـبٌ مِـنَ الْعَجَبِ |
الْغَزْوُ حَوْلَ قِبابهم حُمَمٌ |
وقِتالُهمْ في داخِلِ الْقِبَبِ |
زُفِّي إليْنا مَرَّةً خَبراً |
لو كاذِباً. عـن وِحْـدَةِ العَـرَبِِ |
ضاقَتْ بِقامَتِها هواجِسُنا |
فاسْتُنْفِرَتْ في كُلِّ مُحْتَلَبِ |
حتى التَّوَهُّمُ صارَ يُقْنِعُنا |
مِن بَعْـدِ صِـدْقٍ لاذَ بالْكَـذِبِِ |
* * * |
زَرْقاءُ.. الْمَجْهُولُ يُقْلِقُنا |
فَدعيهِ مِنّا.. شِبهَ مُقْتَرِبِ |
قُدِّي سَتائِرَهُ لِنُبْصِرَهُ |
في ضَحْوةِ التَّصْديـقِ عَـنْ كَثَبِِ |
عِشْنا الشَّتـاتَ فَغالَنـا حَكَمـاً |
وقَضى لنا مِنَّا بلا سَبَبِ |
حُرَّاثَ بَحْـرٍ أَوْ سُـراةَ دُجـىً |
وكِلاهُما غُلْبٌ لِمُنْغَلِبِ |
ريحان تَخْتَرِقانِ زَوْرَقَنا |
وتُخَبِّئانِ الرَّأْسَ في الذَّنَبِ |
كَمْ رِحْلَةً خُضْنا فَدافِدَها |
خَوْضَ الْحَجيجِ برِحْلَـةِ التَّعَـبِ |
واسْتَيْقَظَ التاريخُ يَرْقُبُنا |
مُتَوَثِّبَ الْحَدَقاتِ والشِّعَبِ |
حتى إذا مـا الْوِحْـدَةُ اقْتَرَبَـتْ |
مِنْ جِذْعِها الْمَسـرودِ بالْقُضُـبِ |
وسَرى عبيرُ الْفَتْحِ مُنْتَشِراً |
ما بَيْنَ مَنْفِيٍّ وَمُغْتَرِبِ |
دُسَّتْ أَظافيرٌ بِمُهْجَتِها |
لِتَرُدَّنا رَأْساً على عَقِبِ |
فَنُعيدُ نَقْضَ الْغَزْلِ ثانِيَةً |
أَشْتاتَ مُحْتَرِبٍ بِمُحْتَرِبِ |
* * * |
زَرْقاءُ.. ما حُلْمٌ نُحاوِرُهُ |
نَرْعاهُ بَيْنَ الْقَلْبِ وَالْهُدُبِ |
ونُقَطِّرُ الأَعْمارَ نَحْرُسُهُ |
مِنْ كُلِّ فاجِعَةٍ ومُرْتَقَبِ |
إلاَّ تَقَوَّضَ قَبْلَ يَقْظَتِهِ |
عَصْفاً بريـحِ الْهَـوْنِ والسَّلَـبِ |
لِنعودَ نَغْـرسَ في الـرُّؤى حُلُمـاً . |
تَشْتَدُّ قادِمَتاهُ لِلْهَرَبِ |
* * * |
زَرْقاءُ.. لَوْ تَأْتينَ مُبْصِرَةً |
وتُحَدِّدينَ مَواقِعَ النُّجُبِ |
غاضَتْ مِياهُ الْفاتحينَ أَسىً |
واسْتَلْقَتِ الأَمْجـادُ في الْكُتـبِ . |
وقَوافِلُ الْحُكَّامِ خابِطَةٌ |
في الليلِ لم تسْمَعْ ولم تُجِبِ |
كُلٌّ لَهُ حادٍ وكاهِنَةٌ |
ودَليلَةٌ في سَيْرهِ الْخَبَبِ |
يَكْفيهِ ما طالَتْ أَصابعُهُ |
مِنْ خُبْزِنـا الْمَعْجـونِ بالنَّصَـبِ |
* * * |
زَرْقاءُ.. زورينا على عَجَلٍ |
جُسِّي يَـدَ الإِبْصـارِ تَسْتَجِـبِ |
فالْمُسْتَغيثُ يَكادُ يُغْرِقُهُ |
ما لَيْسَ يَعْـرِفُ أَيُّ مُصْطَخَـبِ |
ومَحاجِرُ التاريخِ جامِدَةٌ |
ويَدُ الْفُجـاءَةِ كَـفُّ مُضْطَـرِبِ . |
وخَريطَةُ الشُّهَداءِ راعِفَةٌ ِ |
عَبْرَ الْجِهـاتِ السِّـتِّ كَالْقِرَبِِ |
وتمزَّقَتْ في ساحِ وِحْدتِها |
أَكْبادُ أَلْفِ مُجاهدٍ وَنَبي |
* * * |
زَرْقاءُ.. مـا مَـرَّتْ يَـدٌ مَنَحَتْ |
في لَحْظَةِ الإِخْصـابِ والْخَضَـبِ |
إلاَّ لِتَنْكَفِئَ الرُّؤى مَعَها |
ونَغوصَ في التَّضْليلِ لِلرُّكَبِ . |
فكَأَنَّ ماءَ الضَّادِ جامِدَةٌ |
ونَخيلَها شَوْكٌ بلا رُطَبِ |
وكأَنَّما الأَقْدارُ غافِيَةٌ |
إلاَّ عَنِ الأَعْرابِ والْعَرَبِ |
زَرْقاءُ.. هل تَأْتينَ عاجِلَةً؟ |
وتُمَزِّقينَ قَواتِمَ النُّقُبِ؟ |
* * * |