سبعون يا صحبي وجلَّ مصـاب |
ولدى الشدائد يُعرف الأصحاب |
سبعون يا للهـول أيّـة حقبـة |
طالت، وران على الرحيق الصاب |
تتراكم الأعوام فـوق رؤوسنـا |
حتى تئنَّ مـن الركـام رقـاب |
لا تعجبوا أن ندَّ خاطـرُ متعـب |
بعد السّرى وشكى إليـه رِكاب |
* * * |
سبعون في درب الطفولة شوكـة |
أما الشباب فليـس ثـمَّ شباب |
الجـد أغرانـي برغـم جفافـه |
فظمئـت حتى لو أتيح شـراب |
سبعـون ظنّ أحبتي أنَّـي بـها |
أعلـى القباب وما هناك قبـاب |
أنا ما خدعتهمُ ولكـن غرّهـم |
حظي لديهم والحظوظ عجـاب |
أنا من بنيت على الخيال قواعدي |
فتصدّعـت وانهارت الأطنـاب |
حقاً رفعت على السراب دعائمي |
لا عُجْـب إن ذابت وظل سراب |
سبعون كم فيها تجمَّـع رفقتـي |
وجداول الـود الحميـم عذاب |
حتى إذا وشي الربيـعُ رياضهـم |
ودنا القطاف وطابت الأعنـاب |
ساق الزمان السَّرب نحو شتاتـه |
فـتفرقوا وكـأنـهم أغـراب |
وخلت من الأنس الليالي بعدهـم |
ومضـى فحطـم عوده زرياب |
* * * |
سبعون تغتـال الليالي صفحتـي |
فينـمّ عـن آثـارهـن إهـاب |
إن كنتُ كابرت السنـين فإنهـا |
أقـوى وأعنف إذ يحين غـلاب |
وزعمـت أني لم أفـارق جدتـي |
فأشار يسخر باللسـان حسـاب |
تعبت من الألم السنون وأغلقـت |
بيني وبيـن أطايبـي الأبـواب |
* * * |
سبعون قد وفد الشتاء يزورنـي |
والنـار قد خمدت وليس ثقـاب |
حنت إلى عبَق التراب جوانحـي |
لا غرو يشتـاق التـراب تراب |
في يقظتي أغفو، وقد يجفو الكرى |
جفني، فيحلـم بالمنـام طـلاب |
* * * |
إني – لدى التعريف، ربع مثقـف |
صحب الكتاب، فلم يخنه كتـاب |
هو في دمي عشق الطفولة والصبا |
فهو الهوى، واللحن، والأحبـاب |
تتكسر الأحـلام فـي شطآنـه |
فيفيض بالعذب النمير سحـاب |
فإذا انتسبت فإن لي فـي حرفـه |
نسبـاً يشوّقنـي إليـه غيـاب |
* * * |
يا لائمي في العمر كيف أضعتـه |
لا الجد ساد، ولا الهوى غـلاَّب |
ما بين بين، فما صعدت إلى الذُّرا |
أو كان لـي في القانعيـن مآب |
ركنتْ إلى السفح القريب مطامعي |
والسفح لا يهفـو إليه عُقـاب |
لك أن تلوم فما جحدتُ مسيرتي |
قامت على الدرب الطويل صعاب |
إني أخذت من الليالـي صفوهـا |
نزراً وقلت: النـزر منك رضاب |
وحمدت مَن أسْدَى الرِّضاب فطالما |
لـم تحْظَ منه بقطـرة أكـواب |
طوبى لمن جعـل المحبـة جـدولا |
وسقى أحبتـه فطـاب وطابـوا |
* * * |
سبعون عشتم مثلها بل ضعفهـا |
والحاديـان: سلامـة وصـواب |