شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هـ- أخوانيات لم تدرج في الديوان
هناك عدد كبير من القصائد الإخوانية التي تبودلت بين الرفاعي وأصدقائه من الشعراء، كما أن هناك أيضاً مقطوعات متبادلة بينه وبعض عاشقي الحرف والكلمة، وهذه القصائد والمقطوعات لم يضممها الديوان بين دفتيه، ونظراً لكثرتها فسأختار منها قصيدتين وبعض المقطوعات ومن القصيدتين سأختار عدة أبيات، ولن أعلق عليها بشيء، وإنما سأترك للقارئ فرصة التمتع بالقراءة، ولذة الاستمتاع بما تشتمل عليه تلك القصائد والمقطوعات.
أما القصيدتان اللتان تم اختيارهما، فهما قصيدة بعث بها الدكتور بدوي أحمد طبانة إلى ريحانة العصر "كما يقول الدكتور طبانة" الأستاذ الشيخ عبد العزيز الرفاعي وعنوانها "تحية الشعر" وهي من بحر البسيط، أمَّا قصيدة الرفاعي الجوابية فهي من بحر الخفيف.
تحية الشعر لريحانة العصر
نحِّ المدامَ، ونحِّ الكـاس والطاسـا
واستمطر اللهَ غيثـاً يُحْـي أنفاسـاً
أين الطّهورُ الذي تُحييـك رَشْفَتـُه
من العُقار تَغُول القلـب والراسـا
وما عشِقـتُ حميّاهـا.. ونَشوتَهـا
ولا لثمـتُ لها ثغـراً ولا كاسـا
وذاتِ دَلٍّ كأن الشمـس طلعتهـا
مادتْ بقدٍّ كغُْصـن البـانِ ميّاسـا
ترنو بطرْف مهـاة البيـد ساحـرةً
وَسْنَى، ومـا رمداً تشكو ولا باسـا
فحاسبتْني ذات الـدَّلِّ إذ خطـرت
وأسمعتْ من صليلِ الحلْي وَسْواسـا
ليلايَ في مصرَ حاشا أن أخونَ لهـا
عهدَ الوفاءِ إذا ما صاحـبٌ خاسـا
سليلةُ البيتِ والطُّهـر التي كرُمـت
وأبرمتْ من حبال العهـد أمراسـا
صحبتُها العمرَ في حبٍّ وفي ثقـة..
رعـتْ بَنِيَّ وآمـالي فمـا آسَـى
صاروا رجالاً، يصـونُ الله قدرهـمُ
وأسلفتْ من جميل الرفق ما واسَـى
مالي وللشِّعر! قالـوا: إنـه نكِـدٌ
يقوَى مع الشرِّ كالشيطان خنّاسـا؟
قالوا: وأعذبُ هذا الشعـرِ أكذبُـه
فـنُّ الغِوايـة فيـه يفتـنُ الناسـا
وما تقولُ سِـوى صـدقٍ تصعِّـده
مـرآةُ قلبـكَ أنغامـاً وأنفاسـا!
مالي وللشعـرِ! تَسْبيـني عرائسـه
وما أقمـتْ لهـا حفْلاً وأعراسـا؟
خلّ القريضَ لأهل الشعـر يُنْشِـدُه
ذوُو اللبانـةِ أشـكـالاً وأجناسـا
فما مدحَت رئيساً هانَ ما ملكـتْ
كفّـَاه إنْ فاضتــا دُرّاً وألماسـا
الفـنُّ للفـنِّ لا للجيْـب يملـؤُه..
فيضُ الدنانـير أكياسـاً وأكداسـا
والعلمُ للعلم يحيـا فـي ذُرا أنـفٍ
وإن شكا حاملوه الدهـرَ إفلاسـا
فلستُ من معشرٍ باعـوا مواهبَهـمْ
أبيتُ أضـرب أخماسـاً وأسْداسـا
العزُّ في جَنَبات النفسِ، ما شهـدتْ
نفسِي سـواهُ، وما أبقـاه مقياسـا
قالوا "الرياض" ريـاضٌ في نضارتهـا
يلقَى بها الوردَ والنّسريـن والآسـا
مـا روضةٌ غيرُ هذا الروض يعرفـهُ
أهلُ المـروءات أشكـالاً وأجناسـا
ما روضةٌ غيرُ هذي الـدار يَعْمرُهـا
من يَقْدر العلمَ عرفانـاً وإحساسـا
عبدُ العزيز الرفاعي شيـخُ ندْوَتَهـم
أكْرِمْ به كيِّسـاً قـد بـزّ أكياسـا
تسعى إليه وفودُ الفضل ما برحـتْ
في دارة الفضـل زُوّاراً وجُلاّسا
دنوتُ منهم فمدُّوا كـفَّ حبِّهـمُ..
توزِّعُ الحبَّ بين الصحْب قسطاسـا
وفي "الرياض" ترى داراً يحـجّ لهـا
ركـبُ الفضائل رُعيانـاً وسُوّاسـا
يلقُونْ فيهـا نجيبـاً ضـمَّ شملَهـمُ
وألمعيَّـا وفَـى بــرًّا وإيناسَـا..
عبدَ العزيز، وهذا الـروضُ يجمعنـا
فـي دارةِ مُلِئَتْ شُهْبـاً وأشماسـا
أعدْتَ مجدَ كِرام العرْبِ قد سلفـوا
أفنتْ مآثرهـمْ حـبراً وقرطاسـا
خُذهـا من القلب أبياتاً سينشدهـا
أهـلُ الإبـاءِ نواميسـاً وأقباسـا
ومـا درَوْا أنها من وَحْي فَضْلِكُـمُ
عشتم لركْبِ الحِجا والعلم حرّاسـا
12 من ربيع الثاني 1397هـ من المخلص
بدوي طبانه
* * *
ورد الأستاذ عبد العزيز الرفاعي بقصيدة من بحر الخفيف كتب على جبينها بمداد الحب والتقدير الكلمات التالية:
إلى العلامة الجليل الدكتور: بدوي طبانة.
رد على تحيته الشعرية الماتعة.
أفتنسى العهود أم تتناســى
يوم كنـا – ولا سوانـا – الناسـا
كـم تركنـا الربيـع يشعـر بالخصب، وكـم صعّـد الشَّـذا الأنفاسـا
كم تركنا علـى شفـاه الخزامـى
لهفة الشوق، كلما الغصـن ماسـا
وي كـأنّ الجبـال تـهمـس بالشـعـر فمـن علـم الجـلاد انبجاسـا
من تـرى رقـرق المعانـي فـي الصـم ، ومـن أنعـم الـدُّرا إحساسـا
الهوى والشباب وأسطـورة العمـ
ــر فإن ولَّيَا فقـل: لا مساسـا
وهمـا في الحيـاة يقظـة روحـي
طويـا .. ثـم أبدلانـي انتكاسـا
وهما الشعر يـا صديـق القوافـي
رفعـا فـي حـياتـي النبراسـا
ولَّيـا .. فالحـيـاة دربٌ مـمـلٌ
قد مشى الليلُ فـي ربـاه وجاسـا
عجـبي .. فالدجـى أمـارة يـأسٍ
كيف ليلُ الشباب ينفـي الياسـا؟
والبيـاض المثيـر .. يلتـهـم الآ
مـال .. كلما جلل المشيب الراسا
إنـه خدعـة السـراب فدعنـي
قد كفاني مـن السـراب التباسـا
* * *
كان شعري في ميعـة العمـر لحنـا
يتغنَّى .. فعـاد يشكـو احتباسـا
لا تلمـني .. وأنت في النقـد فـذٌّ
شيَّد النقـد .. أعمـداً وأسـاسـا
إن رأيت القصيـد منـي أصفـى
والمصفـى مـن القصـائد حاسـا
قل:سلامـا .. ومرّ شـأن كريـمٍ
مرّ باللغـو مشفقاّ .. ثـم واسـى
بدويٌ .. يبني الحضـارة حرفــاً
رَاضَ عصيانـه .. فلان اقتباســا
فـي تآليفـه يحـلـق بـالأدب الحـرّ ، ويعطـيـه، حبـكـةٌ ومـراسـا
شعـره كالربيع .. موكب عـرس
لِـم لا نستـزيـده .. أعـراسـا
إن يشب شعرُه، فما شـاب شِعـراً
في المعانـي .. لا تطلبـنّ الحباسـا
بـل إذا أبـرق البـيـانُ بفــو
دَيْهِ .. فقد أبـدع البيـان قياسـا
ومن المقطوعات الإخوانية المتبادلة بين عبد العزيز وغيره هاتان المقطوعتان بين الفريق يحيى المعلمي والأستاذ الرفاعي – رحمه الله – حيث زار الفريق يحيى سكن الرفاعي في أحد فنادق القاهرة فلم يجده، فترك له رسالة شعرية هي ثلاثة أبيات من بحر الطويل قال فيها:
أليـس عجيبـاً أن تكـون ببلـدة
لبضعـة أيـام ولا نتـزاور
ولو أنني قـد كنت عنكـم مغيبـا
صبرت وأني في الخطـوب لصابـر
ولكنَّ ما ألقـاه من ألـم الجـوى
بعـادُ حبيب وهـو جـار مجـاور
فلما قرأها الرفاعي رد عليها بستة أبيات ملتزماً بآداب الإسلام في التحية قال تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردُّوها ولذا كان رد الرفاعي بالأحسن. يقول الرفاعي في رده على نفس الروي والبحر:
صدقتَ ولكـنَّ العجائـبَ كثـرةٌ
وأعجبها أن قلَّ فينا التزاورُ
وقد زعموا أنـا بعصـرٍ تكاثـرتْ
وسائلُهُ بـل قـد أضَـرَّ التكاثـر
تفرَّقُنـا هـذي الوسائـلُ بعدمـا
تباعدت الجـيرانُ وانفـضَّ سامـر
وفيتَ وأدَّيْتَ الزيـارةَ رغـم مـا
يقاسيهِ من بعـدِ المسافـاتِ زائـرُ
جزاك الذي حـلاَّك بالنبـل حليـة
معـززة بالعلـم والجمـع نــادِرٌ
وإني الذي قَصَّرْت نحـوك مكرهـاً
فعفوُك مأمـولٌ فهـلْ أنت عـاذرُ
وقصة هاتين المقطوعتين نشرت بالأربعاء الأسبوعي تاريخ 4 ذي الحجة 1415هـ. وهاتان مقطوعتان شعريتان إخوانيتان أخريان إحداهما للشاعر محمد عبد القادر فقيه، والثانية للأستاذ عبد العزيز الرفاعي.
فقد بعث الشاعر الفقيه بمقطوعة من أربعة أبيات موسومة بـ "إن نَسِي قلبي" بدأها بقوله: إلى الصديق الصادق المحبة والوفاء، الأستاذ الكبير والشاعر الرقيق / عبد العزيز الرفاعي، والمقطوعة من مجزوء الرمل. يقول فيها:
يـوم كـان الجـرح في قلـبي عميقـاً وغزيـر
كنتَ لـي كالواحـة الخضراءِ مـا بـين الهجـير
ورياضاً يـمرحُ الزهرُ عليهـا والعبيـر
إن نَسَى قلبي فمـا يَنْسَـى لك الفضـل الكبـير
وقد أجابه الرفاعي بمقطوعة شعرية أيضاً تزيد أبياتها على أبيات مقطوعة الفقيه، وهذا هو دأب الرفاعي أنه يطلب الإحسان دوماً، والمقطوعتان متساويتان من حيث "الروي" لكنهما مختلفتان من حيث البحر، فمقطوعة الفقيه من مجزوء بحر الرمل، بينما مقطوعة الرفاعي من مجزوء بحر الكامل المرفل. وعنوان مقطوعة الرفاعي هو: "أهدي الزهور" ونصها:
أهدي الزهـورَ علـى الزهـور
وإلى النَّضَارةِ والعبيرِ
وإلـى صـديــق ودُّهُ
مثل السلافـة والنميرِ
الصاحـب الراعـي الوداد المخلـص العـفُّ الضمـيرِ
من كان لي زمن الصِّبـا
كلَّ الأحبَّـةِ والسميـر
أيـام يعصـف بـي الأسـى
ويحيط بي لفـح الهجيـرِ
مثـل الخميـل وقـد نعمـت بظلِّـه الجـمِّ الوفـيرِ
ونلمس في هذه الأبيات الثلاثة الأخيرة، شدة المعاناة التي كان يقاسيها في فترة الصبا والشباب، وأنها لم تغرب عن باله، ولم تغادر ذكرياته، فما زالت مراراتها بأحاسيسه ووجدانه.
ولقد اخترت هاتين المقطوعتين من المجموعة الشعرية الكاملة للشاعر محمد عبد القادر فقيه التي أهدانيها جزاه الله خيراً، صفحة 479،480..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :516  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 78 من 94
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الخامس - حياتي مع الجوع والحب والحرب: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج