شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ب- عبد العزيز الرفاعي والتحقيق
موقف الآخرين من أدب عبد العزيز الرفاعي في المجالات النثرية القصة، الخطابة، المقالة الصحفية، التحقيق، النقد وغيرها، لا أستطيع أن أحدد معالمه لأني لا أحمل من الأدوات والوسائل العلمية ما أتمكن بها أن أصدر حكماً على عمل أدبيٍّ، أو نص أدبيٍّ لذلك سأرجع إلى كتابات بعض الكتاب والأدباء الذين كتبوا عن الأدب والأدباء لندرك مدى تقدير هؤلاء لأدبه، وأن يضعه هؤلاء بين صفوف غيره من أبناء جيله، ووصفائه ولداته.
فقد كتب الدكتور محمد مريسي الحارثي عن الرفاعي محققاً في كتابه الموسوم بـ "عبد العزيز الرفاعي أديباً" والذي تولى النادي الأدبي بجدة إصداره في 1/3/1414هـ. العبارة التالية بالصفحة 47:
"ولعلنا لا نبعد كثيراً إذا ما اعتبرنا إسهام الرفاعي في التعليق على هذا الكتاب – أي كتاب إعلام العلماء – مرحلة تجريبية لم يتجاوزها إلى غيرها من مهام التحقيق، غير أنها تؤكد من جهة أخرى شغفه بالبحث في طيات التاريخ".
وهذه العبارة تعني أن عبد العزيز الرفاعي، لم يشتغل بالتحقيق، فلم يعرف عنه أنه قام بتحقيق كتاب ما، أو شارك في تحقيقه، ومع ذلك ذكر الدكتور الحارثي ضمن مراجعة كتاب "إعلام العلماء الأعلام" وأورد بعد ذلك عبارة تحقيق أحمد محمد جمال، عبد العزيز الرفاعي ولم يرد ذلك في الأصل.
نعم هناك كتب قرأها، وعلق على بعض ما جاء فيها، وقد نشر بعض التعليقات في مقالات أدبية في مختلف الصحف والمجالات السعودية والعربية.
لكن هناك عبارة استوقفتني قالها الأستاذ الدكتور ناصر الرشيد ونشرت في الملف الصحفي الذي أصدرته شركة تهامة عقب وفاة عبد العزيز تحت عنوان "عبد العزيز الرفاعي – وداعاً" بالصفحة 117 نصها: "الأستاذ عبد العزيز الرفاعي رجل لا يملك الإنسان سوى أن يحترمه فهو أديب رائد، وهو باحث متميز، ومما يعجبك في هذا الرجل استمراريته، وعدم انقطاعه، وتحريه الوصول إلى الحقيقة فيما يكتب، ولهذا فإني أعده أدبياً رائداً وباحثاً محققاً".
والأستاذ الجليل الدكتور ناصر الرشيد جزاه الله خيراً من محبي عبد العزيز الرفاعي – رحمه الله – لذلك منحه صفة "محقق" اتباعاً لمن سبقه، وتطبيقاً لقول الشاعر:
وعين الرضا عن كـل عيب كليلـة
كما أن عين السخط تبدي المساويـا
أما إذا كان مقصد الدكتور من كلمة "محقق" هو قيام الرفاعي – رحمه الله – بالتحقـق من صحـة النصوص التي يوردها في كتيباته مثل حديث "أم معبد في وصف النبي صلى الله عليه وسلم" والأخبار والأشعار المروية عن كثير من الصحابة والتابعين والعلماء وفرسان الإسلام المغاوير وتوثيقها فيمكن قبول تلك الكلمة مجازاً، لأن للتحقيق قواعد وضعها الأساتذة الكبار المختصون بهذه المهمة، والتي يعلمها الأدباء الذين يمارسون هذه المهنة.
وليس في ذلك طعن في مقدرة عبد العزيز الادبية إن لم يكن محققاً، فهو لا يدعي ما ليس له بحق، ولا يرضى أن ينسب إليه ما هو بريء منه، وهو قمة بين القمم الشوامخ التي تعجز أن تمس ذراها ذرات التراب المتناثر الذي تهيجه الأعاصير الهوجاء لتحجب أنوارها عن أعين المتطلعين إليها.
وكتاب الدكتور محمد مرسي الحارثي يعد الكتاب الأول الذي تناول أدب عبد العزيز الرفاعي نثراً وشعراً. على أن هناك كتباً أدبية تناولت ادب الرفاعي واختيار نماذج من أدبه النثري والشعري، ولكنها جميعاً لم ترو صدى المتعطش، بل المتلهف للتعرف على أدب هذا الأديب العملاق في ذاته، المتواضع لله. ومن تلك الكتب كتاب "الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية تأليف الدكتور بكري شيخ أمين، وكتاب الأدب الحجازي بين التقليد والتجديد تأليف الدكتور إبراهيم الفوزان، وكتاب الدكتور عمر الطيب الساسي الموسوم بـ "الموجز في تاريخ الأدب العربي السعودي" والذي ورد في الصفحة 226 منه هذه العبارة" وأنه "أي الرفاعي" قام بخدمة التراث من خلال النشر والدراسة والتحقيق".
وعن تحقيق التراث أيضاً واشتغال عبد العزيز الرفاعي به كتب السيد محسن باروم مقالاً في الأربعاء الأسبوعي بتاريخ 29/3/1414هـ عنوانه "50 عاماً من الإبداع والتألق" جاء فيه:
"وهكذا فإن حب الأستاذ الرفاعي لمدينته الحبيبة مكة المكرمة قد دفعه مع رفيق عمره الأستاذ أحمد محمد جمال – رحمه الله وأسكنهما فسيح جنانه – إلى تأليف لجنة للتأليف والترجمة والنشر على غرار رصيفتها المصرية، منبثقة من مكتبة الثقافة التي قام بإنشائها الأستاذ صالح محمد جمال ورفاقه الكرام في مكة المكرمة عام 1363هـ وتبنت تلك اللجنة تحقيق كتاب "إعلام العلماء الأعلام ببناء المسجد الحرام" للسيد عبد الكريم القطبي إسهاماً منها في تحقيق ونشر مصادر تاريخ مكة، فكانت تلك التجربة قاسية في آثارها، وباهظة التكاليف المادية، فكان أن عجزت اللجنة عن الاستمرار في رسالتها الثقافية، مما أدى إلى توقفها نهائياً عن أعمالها في مجال تحقيق التراث التاريخي لمكة المكرمة. لكن الأستاذ الرفاعي صاحب دار النشر الحاملة لاسمه عاوده الحنين إلى فكرة إحياء تراث اللجنة فبادر بإصدار الطبعة الثانية لذلك الكتاب محققة ومعدلة مع اشتراك الباحث العراقي المعروف الدكتور عبد الله الجبوري".
وفي مقال للأستاذ أسامه أحمد السباعي نشر في الأربعاء الأسبوعي بتاريخ 29/3/1414هـ عنوانه "الرفاعي أدب الأخلاق وأخلاق الأدب" ورد هذا النص:
حفلت حياته ـ رحمه اللّه ـ "والضمير هنا يعود على الرفاعي" بالإنجازات الأدبية، فترك آثاراً فكرية متعددة... شعراً، ونثراً، ونقداً، ودراسة، وتأليفاً، ونشراً، وتحقيقاً لمخطوطات ما جعله يبقى في ذاكرتنا حياً وميتاً".
وذكر الدكتور محمد مريسي الحارثي من بين مراجعه العلمية التي استقى منها بعض المعلومات التي وردت في كتابه "عبد العزيز الرفاعي أديباً" كتاب "إعلام العلماء الأعلام ببناء المسجد الحرام" ثم ذيل العنوان بقوله تحقيق أحمد محمد جمال، وعبد العزيز الرفاعي والدكتور عبد اللّه الجبوري (السعودية 1407هـ ـ 1987م) ويقصد بذلك الطبعة الثانية.
والدكتور مصطفى إبراهيم حسنين خصص من كتابه "أدباء سعوديون" اثنتي عشرة صفحة لترجمة الأستاذ عبد العزيز الرفاعي من صفحة "245 إلى 256" وقد جاء في الصفحة "252" قوله "سمة أخرى في منهج الرفاعي: وهي "التحقيق العلمي" لما يعرض له من مسائل التاريخ. ولا نعني - فقط - تحقيق النصوص التي ينشرها. وتلك السمة وسابقتها - أي سمة التبسيط - تحملان دلائل الرصانة والعمق في أبحاث الرفاعي على صغرها، وضآلة حجمها".
ومن كل العبارات التي اقتطفتها من مقالات عدة لعدد من الأدباء الدكاترة وغيرهم يتبادر إلى الذهن سؤال: هل كان عبد العزيز الرفاعي حقاً محققاً للتراث والمخطوطات؟ وهل يعتبر اشتراكه مع الأستاذ أحمد جمال - رحمهما اللّه - في مراجعة كتاب "إعلام العلماء الأعلام" والتعليق عليه تحقيقاً؟ إن ما جاء في مقال السيد محسن باروم بصدد ذلك، وما جاء في كتاب الدكتور محمد مريسي الحارثي وهو ما أشرت إليه في الفقرة السابقة لهذه يعتبر كل منهما إجابة إيجابية على السؤال. وهنا يصرخ سؤال آخر ينطلق من بين كل السطور التي تحاول أن تخفي الحقيقة هذا السؤال يقول: كيف يصح أن ننسب عملية تحقيق هذا الكتاب إلى الأستاذ أحمد محمد جمال والأستاذ عبد العزيز الرفاعي وهما لم يثبتا تحقيقه إليهما في طبعته الثانية التي اعتمد عليها السيد محسن وإنما أثبتا على الغلاف كلمتي "علّق عليه"، وبين التعليق والتحقيق بون شاسع.
هناك مستند قوي يعترف فيه عبد العزيز الرفاعي بعدم اشتراكه في تحقيق كتاب "إعلام العلماء الأعلام" وأنه لم يكن مؤهلاً للقيام بهذه المهمة قديماً وحديثاً. لقد عثرت على هذا المستند مندسًّا بين سطور كلمة الناشر وهو عبد العزيز الرفاعي التي تصدرت الكتاب في طبعته الثانية حيث ورد في الصفحة السادسة منه بدءاً من السطر العاشر حتى بداية السطر الرابع عشر ما يلي:
"ورأت اللجنة أن يضطلع بالتحقيق والتصحيح شخصان من أعضائها هما الأستاذ أحمد محمد جمال، وهو جدير بأن يضطلع بمثل هذه المهمة، أما الشخص الآخر فهو كاتب هذه السطور الذي لم يكن ليعلم من أمر تحقيق التراث شيئاً، ولا يزال".
ولا ننسى أن الأستاذين جمال، والرفاعي كلفا بهذا العمل عام 1366هـ الموافق 1945م أيْ بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها مباشرة، ولم تجف بعد دماء الملايين من البشر الذين سقطوا ضحايا الأطماع الدنيوية، ولم يتجاوز في تلك الفترة عمر كل منهما الخامسة والعشرين أي أنهما لم يدلفا إلى مرحلة النضج التأليفي بعد، فضلاً عن مرحلة النضج التحقيقي، وقد أدركا هذه النتيجة، ولمسا عاقبتها بعد صدور الكتاب، فقد عزف الكثير عن قراءته، لأنه لم يخدم تحقيقاً، ولم يُخرج إخراجاً يليق به، وقد يكون للعجز المالي دور في ذلك، إلى جانب عدم دراية الأستاذين في ذلك بأصول التحقيق، وعدم تيسر الوسائل الكفيلة بالقيام بتحقيق الكتاب على الوجه المرضي، ولذلك استبدلا كلمة التحقيق بكلمة التعليق انطلاقاً من اعترافهما بالحق، لا سيما وهما صنوان يشتركان في كثير من الصفات الحميدة، ويختطان نهجاً هما لحمته وسداته لا تدري أيهما اللحمة وأيهما السداة ولعل في عبارة الأستاذ عبد العزيز الرفاعي التي أوردتها سابقاً يغني عن الإسهاب في القول حول قيام عبد العزيز الرفاعي بمهمة تحقيق المخطوطات.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :809  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 46 من 94
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج