لو كنتُ أعلـمُ أنَّ موعـدَكَ الغـدُ |
لأقمتُ عنـدك ساهـراً لا أرقُـدُ |
أتلو لك الذّكـرَ الحكيـمَ مُبّشـراً |
وأرتّل الشِّعر البديعَ وأُنشدُ |
وإذا الدموعُ خَنَقْنَ صوتـي بالبُكـا |
ووهى، وخانَ – لدى الوداع – تجلُّدُ |
فالعذُر حُبٌ قـد تمكّـن في الحشـا |
وفؤادُ صبٍّ نارُهُ لا تخمُدُ |
عمَرٌ
(1)
مضى بالأمسِ.. جُرحٌ راعِفٌ |
في الصَّدر، حزّاز الجـوى، لا يـبردُ |
واليومَ أنت َعلى الطريـق مسافـرٌ |
يا لهف نفسـي، ما يخبّئُـهُ الغـدُ ؟ |
* * * |
عَبْدَ العزيز، أيـا عوالمُ من شـذىَ |
المكرماتُ عطاؤها المتجدِّدُ |
ها قد مضيتَ مُخَلّفاَ غُصصَ النّـوى |
تُكوى بها مُهَـجٌ، وتُلـذَعُ أَكْبُـدُ |
قد كنتُ آتي – والجوى بي عاصِفٌ – |
داراً، فيلقاني النّدى والسُّؤدُدُ |
الشعّر، والفكرُ المنيرُ ونُخْبةٌ |
يسمو بها الأدبُ الرفيـعُ وَيَمْجُـدُ |
ويضمّني قلبٌ رحيبٌ عَطفُه |
فيزيلُ وحشةَ غُربتي وويُبَدِّدُ |
ويضيءُ آمالي لديهِ تبسُّمٌ |
وتحبّبٌ، وتلّطفٌ، وتوَدُّدُ |
أنسى بدنياكَ الجراحَ هُنيهةً |
والقلبُ يسلو، والمواجُ ترقُدُ |
فعلامَ تنكأ مِن جراحـي ما غفـا؟ |
والعهدُ أتّـك للجـراح تُضمِّـدُ!! |
* * * |
عبدَ العزيزِ، وأيُ عِـيٍّ
(2)
نابـني؟! |
عَصَتِ القـوافي، والبيـانُ مُقَيَّـدُ |
قد كنتُ أدعوها، فتبـذلُ نفسَهـا |
وتجودُ بالمعنى الفريدِ، وترفِدُ |
كم قد سهرت الليل أجلو بكرها |
فيُضيء منهـا في الدياجـي فَرْقَّـدُ |
أرجو لها يومَ الخميس
(3)
لتُجتلـى
(4)
|
في الندوة الغرّاء لمّا تعقَدُ |
وتنالَ منك رضـاً، فترفَـعَ رأسَهـا |
مزهُوّةٌ برضا العميد تأَوَّدُ |
ما بالها وجمتْ، وصـوَّح روضُهـا |
وكسا محاسِنَهـا وشـاحٌ أسـودُ؟! |
هي في الحدادِ على الفقيد فرجْعُهـا |
عند المعيبة آهةٌ وتنهُّدُ |
عبدَ العزيز، أيا حبيبـاً قـد نـأى |
خلفَ الغيوب،ِ لقد جفانـي المرقَـدُ |
خَلَّفتني، ونجـوتَ من عَسْفِ الدُّنـا |
ترجو قِـرى مَـنْ عَفْـوُهُ لا يَنْفَـدُ |
وأنا رهـين محابسـي وهواجسـي |
ينتابُني هَمٌّ مٌقسمٌ مُقْعِدُ |
أنّي التفَتُّ وجدتُ آ فاق الأسى ليلـ |
ـى معاناةٌ، وصبحي أَرْبَدُ |
* * * |
مَنْ أسرجـتْ شَهَواتُـه صَهَواتِـه |
لا غَرْوَ يغتـال الصّديـقَ، ويحقِـدُ |
والبوسنةُ الحمراءُ أنهارٌ على |
ثلْجِ الشتاء دماؤها تتجمَّدُ |
شُداؤها زرعـوا البطـاح بطولـةً |
والمجدُ من لألائها يتوقّدُ |
ترجو من الإفرنـج إنصافـاً وهـلْ |
يرجو الأمانَ من الصَّليب مُوحِّـدُ؟! |
* * * |
عبدَ العزيز، شكوتُ بثَي والجـوى |
لا بُـدَّ من شكوى لحُـرَّ يُسْعِـدُ
(5)
|
يا والداً مِن بعـدِ فقـدي والـدي |
وأخاً كبيراً للمكارمِ يُرشِدُ |
أبكي عليـك بِغُربـتي، وبكُرْبـتي |
وبأحزمي وبزفرةِ تتردَّدُ |
في ذمة الربِّ الغفورِ مُوَدَّعٌ |
وبحُرْمـةِ البيت الطَهـورِ مُوَسَّـدُ
(6)
|