شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
اللحَظاتُ السّعيدة ترفرفُ في سَماء وَالديـه
المَـوْلـد
المكان : مدينة أم لُج
نُتحفك بصورتين لمدينة "أم لُجِّ" - انظر ملحق الصور - إحداهما قديمة العهد، والأخرى تمثل العصر الذهبي الزاهر، الذي تعيشه المملكة العربية السعودية في هذه الحقبة من الزمن، وأم لُجِّ عروس من عرائس البحر الأحمر، تبدو وقد لبست أزهى حللها وأغلى حليها، على هامتها إكليلٌ من النور، يحوط بها حزام من البلور، مستلقيةً على الشاطىء تقبل أمواجُ البحر قدميها، وتمر عليها نسمات الصباح والأصيل، تُعطر أثوابها بأزكى العطور، وهي تتطلع إلى السماء تناجي أبناءَها الذين تسلقوا سلّمَ المجد فأصبحوا نجوماً في سمائها، تتلألأ وهي لهم شمس يستمدون نورهم منها.
وأم لج المعاصرة هي الوارث الوحيد لمدينة حوراء (1) التي كانت ميناءً مهمّاً على ساحل البحر الأحمر، يرجع تاريخها إلى ما قبل الإسلام بكثير. أما سبب تسميتها بأم لج، فقد قال بعض أبنائها: إن الكلمة جاءت مشتقة من لجلجة مياه الأمواج بالصخور، لكنني لم أستطع شخصياً قبول مثل هذا التفسير وفي رأسي أن الكلمة أصلاً مركبة من مقطعين "أم، لج" فإما أن يكون نطقها الأول "أم اللُّج" أي أم البحر مثل أم القوين، أم الجود، وأم القمارى؛ وبكثرة الاستعمال التحمت الكلمتان فأصبحتا كلمة واحدة، أو أن يكون المقطعان كلمة واحدة مكونة من أداة التعريف أم باللغة اليمانية، ولُج بمعنى بحر، وتصبح الكلمة حينئذٍ : البحر، وعلى أية حال فالموضوع يحتاج بحثاً دقيقاً من العلماء المختصين في علم الآثار والجغرافيا. ولقد عثرت على نصين قد يكونان مؤكدين ما ذهبت إليه. أحد هذين النصين، ورد في رسالة كتبها والد عبد العزيز الرفاعي - رحمهما الله - موجهة لابنه يصف فيها الاحتفالات التي أقامها بمناسبة ميلاده، حيث ذكر في تلك الرسالة، أن أم لج ميناء ترسو عليه السفن القادمة من السويس والقصير واليمن، فلا يستبعد أن يكون بعض الأخوة اليمنيين، قد أطلقوا على ذلك الموقع الذي حل محل الموقع الأول، وربما جاءت التسمية من مناداة بعضهم بعضاً للذهاب إلى البحر بعبارة هيا بنا إلى "أم لُجْ" أي إلى البحر، وتعودت الالسنة على نطقها حتى أصبحت تطلق على القرية الوارثة، وبقيت حوراء تفقِدُ صلاحيتها كميناء شيئاً فشيئاً حتى أصبحت آثاراً ورسوماتٍ.
أما النص الثاني، فقد عثرت عليه في كتاب الدكتور محمد مريس الحارثي، الذي يحمل عنوان "عبد العزيز الرفاعي أديباً" بالصفحة 14 حيث أثبت كلمة أم لج مجزأة "أم لج" وذكر أنه وجدها مكتوبة بهذه الصفة في بعض المراجع (2) .
التاريخ :
استقبلت "أم لج" حوراء الساحل الشرقي للبحر الأحمر، في بداية العشرة الثانية من شهر رمضان المبارك شهر الانتصارات والبطولات والبركات، الشهر الذي تتفتح فيه أبواب الرحمة، وتقيد به الشياطين، شهر القرآن والصيام والتوبة والغفران، عام 1342هـ الذي أوله رحمة، ووسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، وهو العام الذي أخذت فيه شهرة السلطان عبد العزيز آل سعود سلطان نجد وملحقاتها تصل أسماع الدنيا، وبدأت جحافله تزحف نحو الحجاز، بعد أن أحسَّ بأن السكان في الحجاز وفي العالم الإسلامي قد أخذوا ينفرون من سوء معاملة الشريف حسين وأبنائه وتوقف حلفاؤه الإنجليز عن مساعدته.
في ذلك العام، وفي اليوم الثاني عشر من شهر رمضان، انطلق صوت مولود جديد على أرض أم لج، رقصت لسماعه مهج أسرة السيد أحمد الرفاعي الموظف بجمرك أم لج. لقد كان يوماً مشهوداً في حياة تلك الأسرة، إذ منّ الله عليها بمولود مبارك، في شهر مبارك، في عام طالعه ميمون، كان ميلاده موعداً مع الطمأنينة والفرح والسرور، كان شمعةً أضاءت جوانحَ والديه بالمحبة والألفة، وزادت من تماسكِ عُرَى رابطةِ الحب التي جمعتْ بينهما، واستقبلاه بالبسمات والدموع، شاكرين اللهَ على ما أنعم به عليهما، وقَرّتْ بذلك أعينُهما، وأخذا يتحاوران في تسميته، وكل منهما يطلب من الآخر أن يختار الاسم الذي تميل إليه نفسه، وأخيراً استقر رأيهما، على أن يسمياه (عبد العزيز) وخير الأسماء ما عبِّد. ولقد عثرت على رسالة موجهة من السيد أحمد الرفاعي إلى ابنه عبد العزيز كتبها بعد مرور عام لميلاده، يصف ما قام به في يوم تسميته، ويصف الاحتفال الكبير الذي أحياه سكان أم لج في اليوم السابع لمولده، وهذا هو نص الرسالة
 
بسْمِ اللَّهِ الرَّحمن الرَّحيمِ
ابني عزيز
هذه نُبْذَةٌ من تاريخ حياتك، لقد كنتُ أتولى خلال حكومة الشريف حسين بن علي، وظيفة مدير الجمرك بمنطقة (أم لج) الواقعة على البحر الأحمر بين ينبع البحر والوجه، وهي ميناء ترسو عليها السفن الشراعية القادمة من السويس والقصير واليمن، وكنت أتولى أيضاً وظيفة وكيل المالية ومدير بواخر الحكومة ومنها الطويل، ورشدي، ورضوى، والرقمتان.
وفي الليلة الثالثة عشرة من رمضان عام 1342هـ في تمام الساعة السادسة بالتوقيت الغروبي أي منتصف الليل أطلَّ وجهك المشرق وانطلقت صرخاتك مع صوت المسحراتي، وهو يقرع طبلتَه معلناً حلول موعد السحور، وموقظاً سكان القرية لذلك.
وفي اليوم السابع لمولدكَ، تم الاحتفال بتسميتك عبد العزيز، حسب العادات المتبعة، وقد اشترك في الاحتفالِ المأمورون والجنود، وكثير من أبناء قبائل جهينة، وسهر الناس تلك الليلة، حتى مطلَع الفجرِ. ولما حال الحوْل، أقمنا مثلَ ذلك الاحتفال العظيم، ابتهاجاً بذكرى مولدك، داعين اللَّهَ أن يرعاك بعنايته، وأن يمن بفضله عليك.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1239  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 30
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.