فتـى المجـد، إن عيـون العـلا |
مصـوَّبـة لأعـالـي القِمَـمْ |
تُصيـب بـأسهمهـا ذا الطُّمـو |
ح، ويسلم مـن بـأسهـا مَـن جَثَـمْ |
فليـس ينـال فتـى غـايـةً |
مـن المجـد، أو ذروةً مـن عَلَـمْ
(1)
|
إذا لـم تَنَلـه سهـامُ العـلا |
فيصبَـغَ منـه أَديـمٌ بـدَمْ
(2)
|
أخـو الجُبْـن يَـرْمقهـا نـائيـاً |
ولـم يَهْـوَ شمّـاءَ إلاَّ الأَشَـمّ
(3)
|
وتلـك دُروبُ العـلا مُـرهبـ |
ـات تخيـف سـوى البطـل المقتحِمْ |
فهـنَّ كـواشـف نفـس الفتـى |
يخـوض الشـدائـدَ، أو ينهـزمْ |
كبُـوتَقَـة السَّبْـك فـي جـوفهـا |
أُوَارٌ مـن اللَّهـب المضطـرِمْ |
فيثبـت للنـار فيهـا النُّضـار |
ويحتـرق الخَبَـثُ المـرتكِـمْ |
وكـم سـارع اثنـان فـي غايـة |
فهـذا استمـرَّ، وذاك ارْتَطـمْ
(4)
|
تشـابَـهَ أمـرُهمـا مبـدأً |
ففـرَّق بينهمـا المُخْتَتَـمْ |
* * * |
فتـى المجـد، معـروفُ، لا تبتئـس |
بمـا قد تـرى مـن فسـاد الـذمـمْ |
وكيـدِ حسـودٍ إذا قلبـه |
تَلظَّـى بنيـرانـه واضطـرمْ |
فـذلك بعض سهـام العـلا |
وليسـت تُثَبِّـط أهـلَ الهمـمْ |
ألـم تـر أن دُعـاةَ الصـلاح |
هُـواة الكفـاح، بُنـاةَ الأُمـمْ |
قـرائحهـم كـالسحـاب الهَتُـو |
ن تغيث البـرايـا، وتُحيـي الرّمـمْ
(5)
|
وهـم أكثـر النـاس فيمـا تـرى |
عـدُوّاً، كـأنّ النُّهـى مُجْتَـرَمْ
(6)
|
مَصـانـعُ خيـرٍ تَلَقَّـى الأذى |
علـى نفعهـا، وتُعـانـي الأَلـمْ |
ولا يسـأمـون اصطنـاعَ الجميـل |
ولا يعتـريهـم عليـه النـدمْ |
تكفَّـل صبـرُهمـو بـالنجـاح |
وميَّـزتِ الخـاتمـاتُ القِيَـمْ |
وكـم مـن جهـولٍ نَمَـاه الضـلالُ |
وحـارتْ بـه هـاديـاتُ الحِكَـمْ |
يَعيـب ويُـزْري بـأهـل العقـول |
وآفتُـه الجهـلُ فيمـا يَصِـمْ |
مُهمَّتُـه الكيـد للمصلحيـن، |
وتسفيـهُ رأي الحَصيـف الفَهِـمْ |
وكـم مـن عليـمٍ غـدا علمُـه |
وبـالاً علـى قـومـه مُـذْ عَلِـمْ |
تـذَرَّع بـالعلـم مكـراً، كمـا |
تـذرع بـالنـاب ذئـب قَـرِمْ
(7)
|
فمِـن دائنـا اليـوم هـذا وذلـك: |
علـمٌ خبيـثٌ، وجهـل أَصَـمّ |
وبينهمـا أمـل المخلصيـن |
يكـاد إلـى اليـأس يُلقـي السَّلَـمْ
(8)
|
إلامَ يَـرُوج لـدينـا الخـداعُ |
أَمَـا آن للحـق أن ينتقـمْ؟ |
* * * |
وأفضـل مـا ميَّـز المخلصيـ |
ـن، وخيَّـب عنهـم سهـامَ التُّهَـمْ |
وفـرَّق بيـن الحُمـاة الأُبـاة |
عظـامِ النفـوس، رُمـوزِ الكَـرَمْ |
وبيْـن ثعـالـبَ مـا سـاقهـا |
لِسـاح الميـاديـن غيـرُ النَّهَـمْ |
صُمُـودُهمـو فـي قِـراع الخطـوب |
وعفَّتهـم سـاعـةَ المُغْتَنَمْ |
* * * |
أَمعـروفُ، هـذا قيـاد الشبـا |
ب، وقـد غبتَ عنـه، فهيّـا استَلِـمْ |
وكـن سنَـدَ الحـق للمصلحيـ |
ـن، إذا سنـدٌ بـذويـه انهـدمْ |
كمـا كنـتَ في الغرب بـدر الـرفـا |
ق، تَلُـمُّ الشتـاتَ وتَجلـو الظُّلَـمْ |
ذهبـتَ إليـه لـرشـف العلـوم |
فعـدت إلينـا ببحـرٍ خِضَـمّ
(9)
|
وكنتَ هنـالك ملءَ العيـو |
ن، بكـل الميـاديـن ربَّ العَلَـمْ |
وسُمْـتَ سيـاستَهـم مثلَهـا |
تصـول عليهـم، وطـوراً بهـمْ |
وكنـتَ الأميـن لـذاك الأميـن |
الْحُسينـيِّ فَحْـلِ الجهـاد السَّـدِمْ
(10)
|
أقـام ببـاريـسَ خلـفَ القيـ |
ـود، فحطَّمتَهـا عنـه حتـى قَـدِمْ |
وقـد طـار بـاسمـك طيـرَ النسـ |
ـور إلـى مَلـكٍ جاره لـم يُضَـمْ |
بقيـتَ وأرسلتَـه فـاديـاً |
بنفسـك إيـاه فعـلَ الشَّمَـمْ |
كفعـل عليٍّ لدى هجـرة الـرسـول، |
وقـد بَيَّتَتْـه النِّقَـمْ
(11)
|
غفـا فـي فـراش الرسول الكـريـم، |
ليفـديـه، ففـدى واعتصـمْ |
ختمـتَ بهـا صفحـةً مـن جهـادٍ |
ببـاريـسَ خُطَّـتْ بـأَسمـى قَلـمْ |
* * * |
ألا أيهـا الأَلْمَعـيُّ الـذكـيُّ |
الـوفـيُّ الأَبـيُّ العلـيُّ الشِّيَـمْ
(12)
|
ويـا مـن عُـرفتَ بهـذي الصفـات |
فبـتَّ غنيّـاً عـنِ اسـم العَلَـمْ |
نـأَتْ بـك عنـا دواعـي العلـو |
م، وثارتْ علـى الأرض حربٌ عَمَـمْ
(13)
|
تَلُـفُّ الشعـوبَ بنيـرانهـا |
وتُمطـرهـم قـاذفـاتُ الحُمَـمْ |
فلـم يبـق مـن مـأمن فـي الـذُّرى |
ولا فـي المغـائـر مِـن مُعْتَصَـمْ |
وسُخِّـر ميـراثُ علـم الـورى |
لتدميـر مـا أبـدعـوا مـن قِيَـمْ |
وجُـنَّ علـى الأرض سكـانُهـا |
ولـم يبـق للعقـل مَـأْوًى يُـؤَمّ |
ومـا عنـك مـن خبـر يُـرتجـى |
إلـى أن رجعـتَ رجـوعَ النِّعـمْ |
لِيَهْنِـكَ أن العـلا قسمـةٌ |
وأنـك قـد حُـزْتَ منهـا الأَتَـمّ |
رفعـتَ لنـا صـرح عـزٍ جـديـ |
ـدٍ مَكيـنِ القـواعـد مثـلِ الهَـرَمْ |
وأَثْبَـتَّ للغـرب أن العُـروبـ |
ـة فيهـا شبـابُ عـلاً محتَـرَمْ |
فَكـنْ رجُـلَ السـاعـة المبتَغَـى |
لإخـوانِ صِـدقٍ بَـرَاهـم أَلَـمْ |
يَـرَوْن بـك القـائـدَ المـرتجَـى |
ليـومِ الكُلُـوم، ويـومِ الكَلِـمْ
(14)
|
سيذكـرك الـدهـرُ وهْـو النَّسِـ |
ـيُّ، ويَسْخُـو لـك المجـدُ وهْـو البَـرَمْ
(15)
|