شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كلّ السَّنا لسناك ظلّ
كان الشيخ بدر الدين الحسني المحدث الحافظ علاّمة الشام العظيم المقام الذائع الصيت في دمشق، وجدي الشيخ محمد الزرقاء فقيه الشام في حلب يتمنى كل منهما أن يلتقي بالآخر، ليتعارفا مواجهة، ولم يتيسر لأحدهما أن يزور الآخر لصعوبة الأسفار حينذاك ولا سيما على الشيوخ المسنين.
ثم لما تيسر للشيخ بدر الدين الحسني أن يقوم برحلة إلى حماة وحمص فحلب مع فريق من تلاميذه وحاشيته في ذي القعدة/ 1343 للهجرة كان جدي قد توفي في المحرم من العام نفسه. فكان أول عمل قام به الشيخ بدر الدين الحسني في حلب أن زار بيت جدي رحمه الله، ودخل غرفته الخاصة التي توفي فيها وطفق يبكي.
وفي زيارته هذه لحلب كان لتلاميذه نشاط واسع في جوامعها وعظاً وإرشاداً وتوجيهاً أحدث تأثيراً كبيراً في الناس رجالاً ونساءً وشباباً، وكانت حلب خلال أيام زيارته هذه كأنما هي في عيد أو مهرجان عام. وكان دائم الصيام فسنته كلها رمضان.
وفي حلب زار المدرسة الشرعية (التي افتتحت في أوائل عهد الاحتلال الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى في مدرسة وقفية كبيرة شهيرة تسمى "المدرسة الخسروية" نسبة إلى بانيها خسرو باشا من كبار رجال الدولة العثمانية، وكانت قد عطلت خلال الحرب العالمية الأولى وأصبحت ثكنة للجنود) وكنت أنا حين زيارته لها أحد الطلاب الذين دخلوها للدراسة الشرعية منذ أن افتتحت، ووالدي أستاذ فيها، وذلك بعد سنتين من افتتاحها.
وقد احتفلتْ بزيارته إدارة المدرسة وأساتذتها وطلابها، ونظمت أنا هذه القصيدة ترحيباً به، وألقيتها بين يديه في غرة ذي الحجة/ 1343هـ = 1924م، وكانت سنّي إذ ذاك حوالي التاسعة عشرة من العمر:
كـلّ السَّنـا لسَنـاك ظـلّ
لله وجهُـك إذْ تطِـلُّ
تُـزْهَـى الـديـار وأهلهـا
عُجْبـاً متـى فيهـا تَحُـلُّ
مهـلاً، فديتُـك، في العـلا
هـل بعـد نَيْلـك ذاك نَيْـلُ؟
مجـدٌ وعلـم لا يُـرا
م مـع التقـى، فبهـا تُـدِلُّ
لـك همـة قَعْسـاء، بـل
صمصـامـة ليسـت تُفَـلُّ
تخشـى الأبـالسـةُ الـدهـا
ةُ بـريقَهـا لمّـا تُسـلُّ
قَذَفَـتْ بـك الجـوزاءَ أعـلا
هـا، فأنـت هنـاك حِـلُّ
فبنيتَ ثَمَّةَ من صروح المجد
مالا يضمحلُّ
ولـك المحـامـد فـي المَـلاَ
كـالآي تُتْلـى أو تُمَـلُّ
ويُمَـلّ وجـه البـدر فـي
تِـمٍّ ووجهـك لا يُمـلُّ
هـو بـدر دنيـانـا وبـدر
الـدين أنـت المستقـلُّ
فـالخيـر منـك علـى الـورى
كَثْـرٌ، وخيـر سـواك قُـلُّ
ولفضـل علمـك فـي رُبـو
ع الـديـن رايـاتٌ تُظِـلُّ
تصفـو نفـوس الـرائـد
يـن بهَـدْيـك الأَسْمـى وتعلـو
ولهـا غَـدَا مـن فيـض علمـك دائمـاً نَهْـلٌ وعَـلُّ (1)
وكم اهتـدى مـن هَـدْيـك النبـويّ ضِلّيـلٌ مُضِـلُّ
فيـك انطـوى خيـر العلـو
م، فأنـت للإعظـام أهـلُ
هـام المفـاخـر فـي الـزمـا
لرجلك العلياء نعلُ
* * *
دُمْ فـي سمـاء الفضـل بـد
راً، أنـت أنت النـاسُ كـلُّ
يهـب الإلـه لمـن يشـا
ء، وذا مـن الـرحمـن فضـلُ
حلب، المدرسة الخسروية، في غرة ذي الحجة 1343هـ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :636  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 43 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج