| ذهبتَ يا من تَركتَ الناس طائشةً |
| تبكي عليك وتمشي مِشْيةَ الثَّمِلِ |
| كأن قلب الفتى وقت الوداع غدا |
| في أَخمص الرِّجل جرحاً غير مندملِ |
| يمشي عليه فينبو من تألمه |
| ويشتكي صدره من وطئه المَهِلِ |
| كأنما الناس يمشون الغداةَ إلى |
| قبورهم، فهموا منها على وجلِ |
| قد شيّعوا الأمل المعقود إذْ سبكوا |
| من ذوب أرواحهم دمعاً بلا بَخَلِ |
| ما زال قوم على ظنٍّ لدهشتهم |
| بأن موتك حُلْم غير محتَمَلِ |
| لم نلق أشبه بالحشر الذي وعد اللَّ |
| ه الأنامَ به من يومك الجلَلِ!! |
| في موكب ليس فيه غير ذي كَمَد |
| بالحزن مشتمِلٍ، بالدمع مغتسِلِ |
| واهي الفؤاد، جريح النفس جلَّله |
| صمتٌ، وأسكت من أصواته الأُولِ |
| قد بات كل حكيم حائراً سدراً |
| وآض كل حليم جِدَّ مختَبلِ |
| * * * |
| ألقتْ بأكبادها البلدان حين سرى |
| بالنعي برق لأهل السهل والجبلِ |
| طاروا سراعاً إلى الشهبا كأنهمو |
| تعلقوا بشعاع الفكر من عَجَل!! |
| ودُّوا وددَّتْ جُموع كنتَ قائدها |
| لو يدفنونك، إبراهيم، في المُقَلِ |
| إن ودّعوك إلى الأخرى على مَهَلٍ |
| فقد جريتَ بهم حياً بلا مهلِ |
| نفخت في الشعب روحاً فاستفاق به |
| وكان لولاك لم يسمع ولم يقلِ |
| وقُدْته في سبيل العز مهتدياً |
| وكان لولاك لا يدري هدى السبُلِ |
| ثم ارتحلت وقد أذكيتَ شعلته |
| منادياً: حَيَّ من بعدي على العملِ |
| * * * |
| لله درك، إبراهيم، من أسدٍ |
| لله درك إبراهيم من بطلِ!! |
| تركت في الدهر ذكراً ملءَ أَزْمُنه |
| يَدْوي فيقرع نفس الضارع الوَكِلِ |
| أبيتَ أن تلفظ الأنفاس في بلد |
| يحوطه الأسر في الوديان والقُللِ |
| فاخترت للروح حُرَّ البَرّ متَّدَعاً |
| للروح فيه رفيف العُجْب والجَذَلِ |
| تعلقت بنياط القلب منك هوىً |
| حريّةٌ إذ جفاها قلبُ كل خلي |
| رأَمتَها راعياً في الله ذمّتَها |
| وصُنْتَها من خساس الأنفس السِّفَلِ |
| فاهنأْ بما شِدتَه يا خير معتمِلٍ |
| وانْعَمْ بما جئته يا خير مرتحلِ |
| فسوف يعلو جهاد قُدتَ ثورته، |
| وسوف يثمر ما ربّيت من أملِ |