لتشهدْ عيون الشهب ولْيسمع الدهر |
مآسي للطغيان ناء بها الصبرُ |
وسجّلْ أيا تاريخ وانقل إلى الدُّنا |
من الظلم ما لا يحمل النظم والنثرُ |
رويدكِ فينا يا فرنسا ألم تَري |
ولم تسمعي ما يثمر البغيُ والجَوْرُ؟ |
حملتم طباع الوحش بين ضلوعكم |
ففي كل يوم منكمو بَغْيةٌ بِكرُ! |
ألا إنَّ سِفر الظالمين، وإن طَوى |
صحائفه كتمٌ، سيدركه نشرُ |
ألم تَروهمْ مِنّا، وقد ولغوا بها، |
دماءُ رجالٍ لا رِخاصٌ ولا هَدْرُ |
ألم تَروهم حتى استباح رصاصُهم |
حرائرَ لا يرضى الهوانَ لها حرُّ |
أثارتْ وأورت في النفوس إباءَها |
معاهدةٌ في طيّها الغَبْنُ والمكرُ |
معاهدة رقطاء ما في سطورها |
من العدل والإنصاف، واعجبا، سطرُ!! |
معاهدة ضيزى بفضل بنودها |
خرجنا، فما للشعب دار ولا أجرُ!! |
فمن أجلها عاف الحياة أكارم |
إلى الموت وُرّادٌ، وقد أَمِرَ الأمرُ |
وطاشت عقولٌ إذ بدت كلُّ غادةٍ |
محجَّبةٍ لمّا ألمّ بها الذُّعرُ |
هبَبْن كما ثارت طيور نوافر |
من الوكر ريعت حينما هوجم الوكرُ |
فسِرْنَ وقد سالتْ بهن شوارع |
ينادين: لا طغيان إلاَّ له قبرُ |
يَطُفْن فيُلهبْن القلوبَ نواعيا |
ويَندُبْن أوطاناً يُحاك لها الغدرُ |
فأمطرهُنَّ الجندُ وبلَ رصاصهم |
فتلك دمانا في ثقافتهم حبرُ!! |
وقَرْطَسَ وغدٌ منهم رأسَ حرّةٍ |
بها عزّةٌ من يعربٍ وبها كِبْرُ |
فخرَّتْ صريعَ البغي وهي شهيدة |
فيالرصاصٍ راح يُرمَى به درُّ! |
أنأمل منهم بالنساء ترفقا |
وما كان في الأعلاج رفقٌ ولا برُّ |
ومن أين للأعلاج نُبْلٌ ونخوةٌ |
وما همّهم إلاَّ المفاسق والعهرُ |
وقد زعموا بين الأنام بأنهم |
-ألا كذبوا- رُسْل الثقافة والنُّذْرُ |
وأن لديهم للورى مدنيّةً |
ومن نورهم يسعى إلى البَشَر البِشْرُ |
فلم نر هاتيك الثقافة والهدى |
سوى جَشعٍ يُعْري البلاد متى يَعْرُو |
أباحوا دمانا في سبيل استلابنا |
فهل فاتهم ناب من الوحش أو ظُفر؟! |
* * * |
إذا الشهداء الغُرُّ جاؤوكِ فاندبي |
فما زال يا جَبْريّةٌ بعد الجَبْرُ |
فقد عطّلوا بالعسف مجلس أمة |
وطوّقه الإرهابُ واستحكم القهرُ |
وما ذنبنا إلاَّ طِلابُ حقوقنا |
كأن طِلابَ الحقِّ -ويلهمو- كفر! |
شفيقةُ، إن أرداك علج فإنما |
خلودك في المستَشهدين هو الذُّخرُ |
مشى بك نعش للخلود كأنما |
هو البدر تسري حول هالته الزُّهْرُ |
أظلَّ سَراةَ القوم منه مهابةٌ |
وقد حَبسوا ماءَ العيون فلم يُذْروا |
وثار مكان الدمع تعظيمُ أمةٍ |
وأولى من الدمع المباهاة والفخرُ |
فلم نر نعشاً ودَّ كل مشاهد |
له لو يُسجّيه به ذلك السِّتْرُ! |
ومن خَلْف ذاك النعشِ أكباد أمةٍ |
يُفتِّتُها ثُكْلٌ، ويغلي بها ثأرُ |
حمَدتُ بني قومي الغداة فإنهم |
أهاب بهم من يعد رقدتهم حَشْرُ |
إذا جاهدت منا النساءُ وفَوَّزَتْ
(1)
|
شهيداتِ أوطانٍ فقد طلع الفجرُ |