شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مرثيتان ضائعتان
بقي من المراثي مرثيان ضائعتان قديمتان هما أول، أو من أول ما قلت من الشعر وأنا تلميذ في المدرسة الشرعية (الخسروية). إحداهما في رثاء شيخنا الشيخ محمد الحنيفي (من تلاميذ جدي رحمهما الله) والثانية في رثاء جدي، وقد توفيا على التعاقب. فد توفي شيخي الحنيفي في الحج عام/1342هـ، وتوفي بعده جدي الشيخ محمد الزرقاء في محرم/ 1343هـ وكنت إذ ذاك في التاسعة عشرة من عمري. وقد ضاعت المرثيتان. ولكن أستاذنا الشيخ محمد راغب الطباخ مؤرخ حلب وصاحب كتاب (إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء)، في آخر الجزء السابع الأخير من تاريخه المذكور في ترجمته لهما وتاريخه لوفاتهما، قد سجل في ترجمة الحنيفي مطلع قصيدتي وختامها في رثائه، وسجل في ترجمة جدي البيت الأول منها والمقطع الأخير. وقد بقيت في ذاكرتي الأبيات الثلاثة من مطلع رثاء جدي.
وأنا الآن أنقلها هنا للذكرى والتاريخ ليكونا نموذجاً لبداية نظمي للشعر.
كان شيخي الحنيفي أزهرياً ذهب بعد تلقيه على جدي إلى مصر وتلقى عن الشيخ الإمام محمد عبده مباشرة. وكان الحنيفي آية في حسن البيان في دروسه درسنا عليه البلاغة والتفسير، وكان أحد ثلاثة من أساتذتي هم الذين كان لهم في حياتي العلمية الأثر الأكبر. وثانيهما والدي في الفقه رحمه الله.
1- مطلع رثائي لشيخنا الحنيفي كما سجله أستاذنا المؤرخ الشيخ راغب الطباخ:
مـا للعيـون نـواظـراً لـم تجمـد
مـا للقلـوب نـوابضـا لـم تخمـد
مـا للنفـوس خـوافقـاً لـم تكمـد،
جـزعـاً علـى علـم العلـوم محمد
لله فـادحـة دهتنـا بغتـةً،
دكـت حصـون تصبـري وتجلـدي
قـد كنت أحسـب قبل ذاك جهـالـةً
إن الـزمـان إذا رمـى لـم يُقْصِـد (1)
حتـى أتـى الإسـلام يـومـاً راميـاً
فيهـم بسهـم فـي الصميـم مُسـدَّد
وعَـدَا بـأيـديـه عليهـم مُغْمِـداً
منهـم حسـامـاً لـم يكـن بالمغمَـد
قـد كـان في عنُـق الزمـان مجـرداً
ليُـديـل منـه كـلَّ حـظٍ أَنْكـد (2)
فشكـا الـزمـان إلى المنـون فأقبـلا
يتعـاونـان، ففُـلَّ أيُّ مهنَّـد؟!
كـان الثِّمـال لنـا بكـل مهمـةٍ
وبحـزمـه كنـا نـروح ونغتـدي (3)
يـا قلب مهلاً فـي التملمـل والأسـى
رفقـاً فـإن الرفـق أجمـل مقصـد
ما مـات مـن عاشت لـه مـن بعـده
مشكـاة علـمٍ تستنـار بمعهـد
فاصبـر لرزئـك فـي تفـاقـم أمـره
فالصبـر عنـد الفـادح المتلبّـد
(وإذا ذكـرات محمـداً ومصـابـه
فـاذكـر مصـابـك بالنبـي محمد)
2- مطلع وختام رثائي لجدي الشيخ محمد الزرقاء رحمه الله:
أَفِضْ على مهجتـي ما شئت يـا دَهـر
واصبُبْ صروفك ما شاءت لـك الغِيَـر
لا تَخـشَ منـا حـذاراً بعـد نكبتنـا
فبعـد جمر الغضـا لا يُحـذر الشَّـرر
لمـا مضـى من بني الزرقـا محمـدهـا
هـوْلٌ له بـاتـت الأهـوال تُحتَقَـر
* * *
ختامها:
أيـا إمـام النهى، يـا كعبـة الفضـلا
يا عمدة الدين، يـا فـاروق يـا عُمـر
هلاَّ رحمـت علـومـا غـار منبعهـا
فما لها في سـوى صدغيـك مُـدَّخـر
لقـد علمنـا بـأن النـاس مُثكلَـةٌ
والعلـم مُحتضَـر مـذ أنـت محتضَـر
كم من أخي حسدٍ قـد كنـت مخمـده
ينـاله مـن عـلاك الخـزي والكـدر
يبيـت مرتقبـاً يـومـاً تمـوت بـه
وهل تـودّ بقـاءَ الضَّيْغم الهِـرَر
وقبـلك الأنبياءُ الـرسلُ قد حُسـدوا
ونـالهـم من بنـي أقـوامهـم ضـرر
لئن أفَلْتَ عـن الـدنيـا ومظهـرهـا
فـذاك مجـدك فـي الأيام مستطـر
 
طباعة

تعليق

 القراءات :654  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.