شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قد يَتَّمْتَنِي يا نَوْفَلُ!!
كنت مدعواً أنا وابني الدكتور أنس إلى الجامعة الإسلامية العالمية في كوالالامبور عاصمة ماليزيا، لإلقاء محاضرات على الطلاب، مني في الفقه الإسلامي، ومن ابني أنس في الاقتصاد، خلال شهر آب (أغسطس)1989م.
وكان عندي أيضاً في شهر تموز (يوليو) الماضي ابني الأكبر نوفل المهندس في الكيمياء والبترول الذي يعمل في شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو) في المملكة العربية السعودية، ليقضي عندي بعض إجازته السنوية، ثم يذهب، كعادته، إلى بلد آخر مع عائلته في بقية إجازته. وقد اختار هذا العام أن يذهب إلى ماليزيا حيث سنذهب أنا وأخوه أنس إليها في مهمتنا الجامعية. وفي أواخر تموز (يوليو) الماضي سبقنا نوفل وعائلته إلى كوالالامبور، حتى إذا كان يوم الثلاثاء، أول شهر آب (أغسطس)، ونحن نتهيأ للذهاب إلى المطار لنأخذ الطائرة إلى كوالالامبور، تلقينا هاتفاً من رئيس الجامعة هناك الدكتور عبد الحميد أبي سليمان يبلغنا بأن ابني نوفلاً قد توفي صباح ذلك اليوم بأزمة قلبية مفاجئة (جلطة دموية). فصعقنا لهذا النبأ الوجيع الذي أذهلنا. ثم استقبلنا جثمانه صباح الخميس وصلينا عليه، وأودعناه في مثواه الأخير بعمّان، يرحمه الله، ويكرم لديه مأواه في ظل رحمته ورضاه. وقد كان بي براً وخير معين، إنا لله وإنا إليه راجعون. وهكذا انقلب شهر المحاضرات الجامعية في كوالالامبور إلى شهر تعزية وأحزان في عمان!!
وفي ليلة من الشهر الأول اعتراني أرق شديد بعد منتصف الليل، وتوارد على فكري ما ستجره المصيبة الأليمة المفاجئة من ذيـول ومشكلات، ولا سيما على أولاده الخمسة، وأصغرهم ابن خمس سنوات، فلم أستطع أن أنام فجلست في الفراش، وأفرغت مشاعري وهواجس نفسي في الأبيات التالية، ونشرتها مجلة قافلة الزيت التي تصدرها شركة آرامكو في المملكة العربية السعودية:
أَبُنَـيَّ، مَـا نَبَـأٌ أتـانـا حينَمـا
كنَّـا عَلى وَشَكٍ إليـكَ سَنَـرْحَـلُ؟!
كنّـا مَعـاً فَسَبَقْتَنَـا فـي رِحلـةٍ
لِلشَّـرْقِ قـاصِيَـةٍ، وأنـتَ تَهَـلَّـلُ
وَتُـرَاقِبُ السَّـاعَـاتِ قَبْل مَسيـرنَـا
نَحـوَ المطَـارِ، وَكُـلُّ شـيءٍ مُكْمَـلُ
مُسْتَشـرِفيـن إلـى اللّحـاقِ بلهْفَـةٍ
فـإذا به يـأتـي النَّعـيُّ المُـذْهِـلُ!!
جَمَـدَتْ لـهُ أبصَـارُنـا وعقـولُنـا،
وَعُيـونُنا سَـالـتْ دُمـوعَـاً تَهْمُـلُ
غـادَرْتَنـا بإجـازةٍ مُستبشِـراً
لِتعـودَ جُثمـانـاً إلينـا يُحمَـلُ!!
يَبْنـي كمـا يَهْـوى الفَتـى أحلامَـه
جَهـلاً بِمـا يُخفـي لـهُ المستقبَـلُ
* * *
كـان التَّيَتُّـمُ للصِّغَـار بفقـدِهـم
آبـاءَهُـم فـإذا الأُمـورُ تَبَـدَّلُ!!
فاليـومَ فَقْـدُك يـا بُنَيَّ أضـاعنـي
وَأراكَ قـد يَتَّمْتَنِـي يـا نَـوْفَـلُ
كُنـتَ الأَنيـسَ لِـوحْـدَتـي إنْ زُرتَنـي
وَالبَـرَّ كُـلَّ البَـرِّ فيمـا تعمَـلُ
وَأُحِـسُّ روحـاً قـد سَـرَى فـي أضلُعـي
لمّـا أراك وأنـتَ نحـوي مُقْبِـلُ
ومعـانقـاً إيّـايَ تسألنـي الدُّعـا
إذْ تَبتغـي التـوديـعَ أو تَستَقبِـلُ
تبغـي المَسَـرَّةَ لـي بكُـلّ وَسيلـةٍ
وهـواكَ فيمـا أبتغـي وأُؤَمِّـلُ
يَهْفُـو فـؤادي إذْ أَراك علـى الهُـدى
مُتَـوازِنـاً فـي القَصْـدِ لا تَتَـزَيَّـلُ
أُرْجِـي إليـكَ مَصـاعبـي لِتَحُلَّها
لمّـا تـزورُ، وكُـلَّ أمـرٍ يَثْقُـلُ
فمتـى أَتيـتَ حَصَـدْتَ كـلَّ مَصَـاعِبـي
فـإذا العَصِـيُّ مـن الصِّعـابِ مُذَلَّـلُ!!
ومتـاعبـي تخشـاكَ، إمّـا جئتنـي
مَـا إنْ تُفـارقُنـي وعنـديَ مُشْكِـلُ
* * *
خَلَّفْـتَ خَلْفَـك هُـوَّةً فـي أُسْـرةٍ
حَـارتْ لهـا الألبـابُ فيمـا تفعـلُ
هَـذا الفَـرَاغُ تَـركـتَ فيهـا مـن لـه؟
يـا ربّ أنـت لـه، فأنـت المَـوْئِـلُ
أنتَ الخَلِيـفُ لأهلـهِ وصِغـارِه
مَـنْ ذا سِـواكَ الكـافـلُ المتكفِّـلُ
يـا رَبّ بـاركْـهُ، وزدْ حسناتِـهِ
وأفِـضْ عليـهِ رِضـاك يـا مُتَفَضـلُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :635  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 24 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج