شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رثاء الصديق الأستاذ الشيخ أمين الكيلاني
فقيد الإِسلام والعلم والأدب والأخلاق
رحمه الله تعالى، (1896 – 1941م)
كان أخونا الأستاذ الشيخ أمين الكيلاني الحموي -رحمه الله- أستاذاً للأدب العربي في المدرسة الثانوية الرسمية بمدينة حماة، ثم نقل إلى المدرسة الثانوية في حلب، واستقر فيها أستاذاً مثالياً في مواهبه وعلمه وجدّيته حتى وافاه أجله في ليلة الثالث من عيد الفطر/ 1361هـ = تشرين الثاني (نوفمبر)/ 1941م، فكان نبأ وفاته المفاجئة المبكرة - وهو في عنفوان نضجه وقدرته على العطاء العلمي والفكري والتربوي، وفي ظرف كانت الأمة فيه أشدّ ما تكون حاجة إلى مثله - كان نبأ وفاته كصاعقة نزلت على كل عارفيه في حماة وحلب فأذهلتهم، لما كان يتحلى به رحمه الله من مواهب نادرة وأخلاق كريمة.
فقد جمع بين علوم الشريعة والعربية والأدب، وكان كاتباً بليغاً، وخطيباً مفوّهاً، حسن الحديث، حلو الفكاهة، كما كان مشاركاً في الشؤون العامة وفي القضايا الوطنية، وحركات المقاومة للاستعمار الفرنسي خلال اشتداد وطأته في سورية ولبنان. وكان بصيراً في السياسة وأساليبها وألاعيبها، ذلك إلى سرعة بديهة وذكاء متقد، وحسن تحليل للمواقف السياسية الخاصة والعامة وتوقعاتها، وإلى استعداد تام للتضحية في سبيل الواجب الإسلامي والوطني.
ومنذ انتقاله إلى التدريس في حلب لحظ مخالطوه وكل من اتصل به هذه المزايا فيه، فشاعت عنه، وأصبح له مكانة مرموقة لدى معارفه، وتقدير متميز بين حَمَلة الفكر الإسلامي، ودعاة الإصلاح الديني والاجتماعي، وقادة حركة المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي، وعمل معنا في هذه السبل بصدق وإخلاص.
وقد أقيمت له في ذكرى مرور أربعين يوماً على وفاته حفلتان تأبينيتان، أولاهما في حلب حيث توفي، أقامتها جمعية البر والأخلاق الإسلامية، وثانيتهما في مدينة حماة مسقط رأسه. وكنت أنا مشاركاً في تأبينه بكلمة نوّهت فيها بمآثره، وأثر المصاب الكبير بفقده، وختمتها بالقصيدة التالية، ونشرت في مجلة الجامعة الإسلامية التي تصدر في حلب، في العدد/ 111/ الذي صدر خاصاً عن وقائع حفلة التأبين هذه وما ألقي فيها عن الفقيد رحمه الله:
مضـى فاستعبـر الأدب الغَـريـضُ
وجفـن العلـم منكسـر مـريـضُ
ينـازعنـا الـرثـاء لـه قـريضـا
ودون قـريضنـا حـال الجَـرِيـضُ (1)
بـه آمـالنـا قـد كـنّ أوجـاً
فهـن اليـوم مـن ثكـلٍ حضيـضُ
تَقـوّض شـاهـق، وانهـدّ ركـن
بفقـدك، يـا أميـن، ولا مُعيـضُ
بنفسـي، لـو لنفسـك مـن فـداءٍ،
نُهـىً بِكْـرٌ، وفكـر لا يغيـضُ
وعلـم تُشـرق الآراء فيـه
علـى جَنَبـاتـه عقـل يَفيـضُ
تشـفّ بـه الحقـائـق عـاريـاتٍ
ويُعجـزهـا بسـاحتـه الغمـوضُ
* * *
وجـدنـا فيـك مـا تهوى المعـالـي
ومـا يصبـو لـه الأمـل العـريـضُ
تفجّـر منـك فـي الشهبـاء فضـلٌ
كمـا يـرمـي بـزبـدتـه المَخِيـضُ
بيـانٌ يَفغـم الأسمـاع طِيبـاً
يجـفّ سـواه وهـو نـدٍ مُفيـضُ
وحـذْقٌ فـي السيـاسـة ألمعـيٌّ
علـى منـوالهـا مـرِنٌ مَـروضُ
* * *
هبطـتَ معـاهـد الشهبـاء شهمـاً
فـأدهـش مـن مـزايـاك الومـيضُ
وأصبـح كـل ذي لَسَـنٍ وعُجْـبٍ
لـه بـإزائـك الطَـرْفُ الغضيـضُ
يعـضّ علـى فضـائلـك احتيـاج
وصبـرك لا يليـن لمـا يَهيـضُ (2)
أفَضْـتَ علـى الكفـاف عفاف نفـسٍ
كـأن نقـاءهـا البُـرْد الـرحيضُ (3)
وللحـر الكـريم إبـاءُ نفـس
إلـى سلطـانـه أبـداً يَئيـضُ
لـه فـي نفسـه الشمّـاء كنـز
وعـزٌّ دونـه المُلـك العضـوضُ
* * *
نهضـت أيـا أميـن بعـبء قـومٍ
حُمـاة الـديـن يُعْـوزهـم نهـوضُ
فبـان بـك التفـاوتُ فـي المـزايـا
وغـار بـأهلـه العقـل المـريـضُ
وأَنّـى مـن مـواهبـك العـوالي
عقـول لا تبـضّ ولا تبيـضُ (4)
دَهـى بـرحيلـك الإصـلاحَ داهٍ
ٍوهـدّ رجـالَـه الحـدثُ المَضِيضُ
وأَنْقـضَ رحلَهـم عـبء ثقيـل
فيـا للِـرحْـل زعـزعـه النقيـضُ (5)
* * *
ألا فـي ذمـة الأقـدار منـا
جنـاح مُـوهَـنٌ واهٍ مَهِيـضُ
وطُـلاّب تَفتّـح فـي حجـاهـم،
بمـا ثقّفتهـم، روضٌ أَرِيـضُ
غـذوتَ عقـولهـم نـوراً فضـاءت
ورُضْتَهمـو، ومثلـك مـن يـروضُ
تـركتهمـو، وأنـت لهـم حبيـب،
فبَعـدك أُنْسُهـمْ لهمـو بغيـضُ
ستبكيـك المنـابـر، يـا أميـنٌ،
وآثـار علـى الأيـام بيـضُ
حلب، ذو القعدة 1361هـ = تشرين الثاني (نوفمبر) 1942م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :897  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .