بأي معنى نَعَب الناعبُ |
وأيَّ وَتْرٍ أَدرك الطالبُ |
وأيُّ محبـوبٍ هَـوى عنـدمـا |
أَصْمـاه سهـمٌ للـردى صـائـبُ |
يا مُـزْعـةً من كبِـدي شقَّهـا |
مِخلـبُ ذيّـاك الـردى الخـالـبُ |
وقطعـةً مـن مهجتـي عَـزَّنـي |
وبَزَّنيهـا سـالـبٌ غـالـبُ |
لا يـرحـم الضـارعَ مـن عُنْفـه |
وهْـو على أهـدافـه لائـبُ |
فـلا إذا استـأنيتَـه مُمْهِـل |
ولا إذا استفـديتـَه راغـبُ |
ويا صَـباً أَنْشَـقُ منـها الصِّبـا |
يَحجـب عنـي نفحَهـا حـاجـبُ |
يـومـي وليلـي وَمَـدٌ
(2)
بعـدهـا |
كـأنـه مُصطَهَـرٌ لاهـبُ |
ويـا شبـابـاً مُـورقـاً مُـونِقـا |
ينهبـه مـن جـانبـي نـاهـبُ |
ويـا ضيـاءً ينطفـي، فاستـوى |
في ظُلمتـي الشـاهدُ والغـائـبُ!! |
* * * |
يا أختَ روحي، أيـن منـك انْطـوى |
بالأمـس اُنْـسٌ مَـرِحٌ لاعـبُ؟ |
سبـعُ سنيـنٍ مـن حيـاةٍ لنـا |
تُضْحـي كَـأَنّهـا حُلُـمٌ ذاهـبُ |
تبلعهـا سبعُ ليـالٍ عَـدَتْ |
سيطـرَ فيهـا داؤهـا النـاشـبُ |
سبـعٌ سِمـان أكَلَتْهـا لنـا |
سبـعٌ عِجـاف نـابُهـا قاضـبُ!! |
كأننـي مـن بعـدهـا ضـائـع |
فـي مَهْمَهٍ ليـس بـه صـاحـبُ |
ولا إلـى المـاء بـه مـن هُـدًى |
ولا مـن الإنْـس بـه سـاربُ |
كـأنّ نـومـي بعـدهـا طـائـر |
يُفْزعـه مـن مَضْجَعـي ضـاغـبُ
(3)
|
فكلمـا حـام علـى مقلتـي |
كأنما يَحْصُبه حاصبُ
(4)
!! |
أنَّـى تـوجهـتُ وفـي خلْـوتـي |
خيـالُهـا بـي طـائـف رازبُ |
في صُـوَرٍ مـن ذكـريـاتٍ حلَتْ |
أعقبنـي منهـا الأَسـى الناصـبُ |
بانَتْ كأَنْ لم تك مخطوبةً |
ولا كأني ذلك الخاطبُ |
بلـى، ولكـنّ الـردى جـائـل |
بفـأسـه لنـاره حـاطـبُ |
قد استـوى لديـه مـن غَـرْسنـا |
ناضِـرُه والـذابـل النـاضـبُ |
سـاقَـتْ إليهـا حَتْفَهـا بَثْـرَةٌ |
دون أذاهـا الطـاعـنُ الضـاربُ |
فيهـا الـردى مختبئ كـامن |
لا لادغٌ فيهـا ولا لاسـبُ
(5)
|
* * * |
إن أَنْـسَ لا أَنْسَ لهـا سـاعةً |
يَذُوب تحنـانـاً لهـا الـراقـبُ |
تلفـظ أنفـاساً علـى وجنتـي |
وصَوْبُ دمعـي فـوقهـا سـاكـبُ |
وقـد عـلاهـا منظـرٌ شـاحـب |
يا بِـدَمـي منظـرُهـا الشـاحـبُ! |
تُمْلي وداعـاً بيـن أيـدي الـردى |
بنظـرةٍ قلبـي لهـا الكـاتـبُ |
أَقْـرأُ فيهـا عهـدَ ودٍّ مضـى |
كنُغْبـةٍ غَـصّ بهـا النـاغـبُ |
حِيـالَهـا الآسـي غَـدَا واجمـاً |
كـأنمـا الطـبُّ هـو النـاكـبُ |
قد جَمَـدتْ أطـرافُهـا فـي يـدي |
وقـد وهـى قلـبٌ لهـا واجـبُ |
جَنِينُهـا فـي جـوفهـا خـابـط |
فهل دَرَى أَنْ قـد أتـى السـائـبُ
(6)
؟ |
بـات لـه قـابلـةٌ فـي الثـرى |
مـا حـولَهـا أهلٌ ولا حـادِبُ |
* * * |
وطفاءُ، مـا هـذا الـوداعُ الـذي |
عُجِّل لم يَحسـب لـه الحـاسب؟! |
تركـتِ أطفالاً كـزُغْـب القَطـا |
لـم تدر مـا الـذاهـب والآيِـبُ؟ |
يَسـأل عن (مـامـا) كبيـرٌ لهـم |
وغيـرُه مـن فَقْـده نـاحـبُ |
مـا كـان أَوْفـاكِ وأَصْفـى لنـا |
بـوركَ منـك المحتِدُ الثـاقـبُ
(7)
|
لله منـك الخلُـق المُـرتضـى |
لا منـه لَـوَّامٌ ولا عـاتـبُ |
* * * |
يا بَثْـرةً، أحقـرَ شيءٍ يُـرى، |
أيُّ عظيـمٍ بـأسُـك الـراعـبُ؟! |
من ذا الـذي يـدري، وقـد جئتِهـا، |
أنـك يـومـاً للـردَى قـالَـبُ!! |
صيّـرتِ فيهـا دمَهـا سُمَّهـا |
كـأُمَّـةٍ قـد خـانـها النـائـبُ!! |
جرثـومـةٌ فـي فيـكِ مَنْهُـومـةٌ |
ليسـتْ تُـرى، أم أَسَـدٌ واثـبُ؟! |
مـا حيلتـي إن عَجَـزتْ عنـدنـا |
عنـكِ الأطبـاء، ومـا قـاربـوا |
أهكـذا جُنْـدُ المنـايـا، وإن |
حَقُـرن، لـم ينـجُ لهـا هـاربُ؟ |
لـو ركـب البحـرَ إلـى مَلْجـأٍ |
لكـان مـن أَجنـادهـا القـاربُ!! |
أو نـزل الأرضَ إلـى مَخْبـأٍ |
فكفُّهـا مخبـؤه الخـائـبُ |
أو ألجـأ الظهـرَ إلـى حـارسٍ |
فـذاك جـلاّد لهـا راتـبُ |
كـلٌّ لهـا جُنْـدٌ إذا طـالبـتْ |
فكـم قَضـى مـن مـائه الشـاربُ! |
* * * |
لا هُمَّ، مالي غير محـض الـرضـا |
مـا أنـا صخّـاب ولا غـاضـبُ |
لكـنْ أطـاش الحِلْـمَ رُزْءٌ دَهَـى |
قـد هُـدَّ مـن رُكْنـي لـه جـانـبُ |
إن نَفَثَتْ نفسـي بـآلامهـا |
فـذاك مـا ضـاق بـه الـواعـبُ |
أَودعـتُ وطفـاءَ وآمـالَهـا |
لديـكَ يـا مَـرْجُـوُّ يـا تـائـبُ |
بيـن يـديهـا شـافـع نـافـع |
جنينُهـا، فهْـو لهـا عـاصـبُ |
إن تُنْئِهـا عنـي بشَـرْخ الصبـا |
فـإنمـا آخـذهـا الـواهـبُ |
يـا ليتنـي اسطَعْـتُ فـداءً لهـا |
أو ليـتَ أنـي عَـزَبٌ عـازبُ |