| عَزَفتُ عن الملاهي حين أُذْني |
| وعَتْ صوتاً يقول: ألا أغثني |
| ضعيفَ الجَرْس مهموساً خفياً |
| وكلٌّ عنه مشغول بشأنِ |
| نظرتُ فلم أجد، فإذا نداء |
| يقول: أنا المروءة فاستمعني |
| فإني لا تراني العينُ لكنْ |
| تحسُّ ضمائرُ الأحرار لحني |
| فكنْ ممن ضمائرُهم تراني |
| وناضلْ في مناصرتي وأَمْني |
| فقلت لها: ظفرتِ، إليكِ مني |
| أخَا ثِقَةٍ، وليس إليكِ عنّي |
| * * * |
| إلهي في سبيلك كلُّ همّي |
| أَعِنّي في مقاصده أعنّي |
| أحاطت بي فلم تتركْ مَفَرّاً |
| متاعبُ همُّها يوهي ويُضْني |
| فما قلبي إلى لهوٍ بِرانٍ |
| ولا طرِبٍ إلى مِتَعٍ تُغنّي |
| دروسٌ جلَّ يومي منهكات |
| وليلي بين أطفالي وبيني |
| قيود أوثقت نفسي فوقتي |
| بها لم يتسع إلاَّ لسجني |
| وفي عنقي حقوق للمعالي |
| تلحُّ علي لا ترضى التأني |
| تَقَاضاني المروءةُ واجباتٍ |
| وتفرضها الكفايةُ فرضَ عينِ |
| حقوق بين أوطاني ودِيني |
| أراها طوقت عنقي بدَيْنِ |
| تغافلَ أكفياءُ القوم عنها |
| وقد ناموا على فُرش التمنّي |
| نهضتُ بعبئها دهراً فولَّى |
| حُماةُ الظَّهر في الميدان عني |
| سليمٌ في معاركها حسامي |
| ولكن طاح من كفي مِجَنِّي
(1)
|
| * * * |
| وقعتُ إلى زمان ليس عَوناً |
| على الإصلاح فيه سوى المُعَنِّي |
| وقومٍ قد أضاع الجهل فيهم |
| مقاييسَ الترفُّع والتدنّي |
| نبوغ النابغين إلى اختناقٍ |
| وكلُّ مُبَرِّزٍ هدفٌ لطعنِ |
| يبيت لديغَ بهتانٍ وحقدٍ |
| ويمشي بين حُسّاد وضِغْنِ |
| جزاء المصلحين مزيدُ بُغضٍ |
| وإيذاء بألوان التجنّي |
| يرون العلم والتقوى لديهم |
| جلالَ عمامةٍ، أو عَرْضَ رُدْن
(2)
|
| وليس شيوخهم بأقلَّ سوءاً |
| من الدَّهماء في سفهٍ ومَيْنِ |
| ذئابُ مَطامعٍ، فإذا دعتْهم |
| مصالحُ دينهم فنِعاجُ ضَأْنِ |
| همُو لُكْنٌ وفي الإِفساد لُسْنٌ |
| فبئس القوم من لُكْنٍ ولُسْنِ
(3)
|
| * * * |
| رأيتُ عبادةَ الأوثان لَمَّا |
| تَزَلْ، لكن بدتْ في غير لَونِ |
| فذا صنمٌ من الأشخاص يمشي |
| وذا صنمٌ من الأحجار مَبْني!! |
| لحاها الله من بِيئاتِ سوءٍ |
| وَبيئاتِ المُناخ على المُبنّ
(4)
|
| كأن سفينةً في لُجّ بحرٍ |
| جرَتْ بي في مَتاهاتٍ ودَجْن
(5)
|
| إذا غادرتُها فإلى مياهٍ |
| تسيء بقعر ذاك اليَمّ دفني |
| وإن أَمكُثْ فحيٌّ شبهُ مَيْتٍ |
| وهذا السجن أَقْتلُ لي بحزني |
| * * * |
| أُريقُ عُصَارةَ العلم المصفَّى |
| لمن لم يستحقوا غيرَ تِبْنِ!! |
| ألا يا ضيعةَ الأتعاب مني |
| بأدمغةٍ من التضليل حُجْنِ
(6)
|
| * * * |
| فويحَ الدين والإسلام يغدو |
| صريعَ بَنيه من جهلٍ وأَفْنِ
(7)
|
| أتى بالعلم والأخلاق نوراً |
| ونقَّى العقلَ من شَوْبٍ وشَيْنِ |
| وقاد فتوحَهم بالعزّ قِدْماً |
| وسادَ الأرضَ في سهلٍ وحَزْنٍ
(8)
|
| فمذ حَكَمَتْهُمُ الأهواءُ صاروا |
| غُثَاءً لا يُقام لهم بِوَزْنِ |
| غدَوْا مِزَقاً تَقَاسمها ذئابٌ |
| وباتوا بين إذلالٍ ووَهْنِ |
| * * * |
| عَزائي أَنَّ بَعد الليل صبحاً |
| وأن الله ذو فضلٍ ومَنّ |
| لعلَّ لعلَّ للحق انتصاراً |
| سندرِكُه غداً وتقرُّ عيني |
| إلهي، أنت مَوْئِلُنا، أَغِثْنا |
| فقد ساد الضلال بكل رُكْنِ |
| فغيِّرْ سوءَ واقِعِنا لخيرٍ |
| بمعجزةٍ فليس سواك يُغني |