شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تاج من العسجد الوهّاج قد غرقا!!
في صيف سنة/ 1922م/، وأنا طالب في المدرسة الخُسْرُوية الشرعية بحلب (الثانوية الشرعية الآن)، وكنت في الثامنة عشرة من العمر، خرجت من الامتحانات متعَباً، فأرسلني والدي رحمه الله مع رفيقين آخرين لأستجم مدة شهر في لبنان ومصايف دمشق (الزبداني وبلودان).
فانطلقنا إلى بيروت، ومنها إلى طرابلس الشام بطريق الساحل بين الجبال والبحر، ومكثنا في قرية (إهْدِن) من مصايف الشمال المتميزة مدة أسبوعين، ثم عدنا إلى بيروت، ومنها إلى الزبداني من مصايف دمشق.
وقد خلبتني مناظر الطريق بين بيروت وطرابلس على سيف البحر في الذهاب والإياب: البحر من جانب، والجبال والقرى والمصايف من جانب، وكانت هذه أول مرة أخرج فيها من حلب، أشاهد البحر.
وقد كنت ولوعاً بالشعر منذ نعومة أظفاري، وأحفظ من أصيله طائفة كبيرة.
وفي العودة من طرابلس إلى بيروت نظمت الأبيات التالية في وصف الطريق ومناظره الخلابة بين البحر والجبل، وهي من بواكير نظمي.
حُسن الطبيعة سحّارٌ لمن عشقا
فلا تَلومُنّ مفتوناً به وَمِقا
ما بين بيروت في جنبيْ سواحلها
إلى طرابُلسٍ، إذ تَركب الطرُقا
مناظرٌ تبهر الرائي بروعتها
تصيح معلنةً: جَلَّ الذي خَلقا!!
تَرى الجبال قد ازدانت بخضرتها
واللوز والموز والأُتْرُجّ قد بَسَقا
والبحرَ قد جاش بالأمواج شاطئُه
يُخال ذَوْباً من الفيروز مصطفقا
كأنّ في سطحه والشمس ساطعة
وَدْقاً من اللؤلؤ البَرّاق قد وَدَقا
يَخال مَن كان في الإِمساء راكبه
بأنه في السموات ارتقى طَبَقا!!
ما أجمل الشمسَ فيه، إذْ تُراقبها
لما تَحُلّ قبيل المغرب الأُفُقا
كأنها فيه إذْ تَهوي لمغربها
تاج من العسجد الوهّاج قد غرقا
فلا تخافوا على رُكّابه غرقاً
فمنظر البحر قد شهَّى لي الغرَقا!!
صيف/ 1922م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1187  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.