بقيتُ وغبتِ!! بعدكِ ما البقاءُ؟ |
فديتكِ لو يُتاح لي الفداءُ |
وددتُ لَوَ انَّ يومي قبل يومٍ |
فقدتُك فيه وانقطع الرجاءُ |
شقيقةَ روحيَ استمعي وردّي |
فما عهدي بِشِيمتك الجفاءُ |
رثيتُ سواكِ يا فخر الغوالي
(1)
|
فأما أنتِ فاستعصى الرثاءُ |
ويسألني صديق كيف حالي؟ |
فيخنقني ويغلبني البكاء!! |
كذاكِ الدمع يصبح خيرَ راثٍ |
إذا ما الرُّزْء ضاق به الوعاءُ |
تَلَجلج بي لسانٌ لم يخنّي |
ولم يك قطّ يُعييه الأداءُ |
ولكني بفقدك عدت طفلاً |
أضاع البيتَ إذْ حلَّ المساءُ |
فليس لديه غيرَ الدمع نطقٌ |
ولا صبرٌ لديه ولا اهتداءُ |
وبات الكون في عينيه غُولا |
وليس له سوى (ماما) نداءُ |
فقدتُ الوالدين فكنت ثَبْتاً |
أخا جلَدٍ، وفي عزمي مَضاءُ |
ولكني فقدتك حين عزمي |
تخاذل، واستبدّ بي العَياءُ |
* * * |
حنانُك كان إنعاشاً لروحي |
ومن كُرَب الهموم هو الشفاءُ |
وكنتِ العقل والأخلاق زانت |
لي النُّعمى، وتوّجها الوفاءُ |
ونِعم المستشارُ، وكم هداني |
لخير مسالكي منك الذكاءُ |
وبيتي جَنّة ما كنتِ فيه |
ويلفَحُني إذا غبتِ الشقاءُ |
وفي حُسن التعاطف كان منا |
لنا عن طول غربتنا عزاءُ |
فأنتِ الرُّكن في دنيا حياتي |
وأنت وأنت مائي والغذاءُ |
وَفَرْتِ رغائبي حباً ورشداً |
كأنك قد خُلقتِ كما أشاءُ |
قضينا في الشباب الثَّرّ عُمْراً |
وفي شيخوختي ازداد الولاءُ |
* * * |
أَحَبُّ إليّ بَعدك من ضياءٍ |
ظلامٌ في الليالي وانزواءُ |
ففي الدَّيْجور يمكننا التناجي |
وفيه على الخيال لنا لقاءُ |
فيؤنسني خيالك في الدياجي |
ويوحشني بفرقته الضياءُ |
* * * |
إلهي، قد وعدت، وقد وَثِقْنا، |
بأن الصابرين لهم جزاءُ |
فجُد بالفضل منك، وأنت بَرٌّ |
على أَمَةٍ أطاعت ما تشاءُ |
تَحَكَّم واستبدّ بها عُضالٌ |
من الأَدواء ليس له دواءُ |
تغشّاها السقام بكل لونٍ |
من الآلام ما شاء البلاءُ |
وكان رضاك أعظم ما تَمَنّى |
وتقواك الطريق المُستفاءُ |
فآنِسْها بقربك في جِوارٍ |
كريمٍ فيه من فزَعٍ وِقاءُ |
وعوّضْها بما قاست نعيماً |
به وُعد الخِيارُ الأتقياءُ |
* * * |
طغى السَّرَطانُ واستشرى ونادى: |
أنا الجبّار ما مني نجاءُ |
فلا تَبْغُنّ من بأسي فراراً |
فهارِبُكم وثابتُكم سواءُ |
ومن أَنشبتُ فيه شَباةَ ظُفْري |
فقوموا ودّعوه، ولا رجاءُ |
قهرتُ على العصور الطبَّ حتى |
لَتَرهبُني الملوك الأقوياءُ |
فجالينوسُ والرازيُّ قِدْماً |
ومن في الطبّ قد نبغوا وضاؤوا |
ومن نطحوا السحاب اليوم حتى |
بسحر كُشوفهم غُزي الفضاءُ |
أقرّوا عجزَهم عني وخابوا |
وسِرّي عن مَداركهم خفاءُ |
* * * |
تعالى شأنُ بارئنا، وجلَّتْ |
له نعمٌ، وقلَّ له الثناءُ |
تبارك عادلاً، وسما حكيماً |
له حِكمٌ بما خطّ القضاءُ |
فهذا الحاصد الجبّار فينا |
نذير للأُلَى ظَلَموا وساؤوا |
أذلَّ به جبابرةً عُتاةً |
همو والناس آسادٌ وشاءُ |
يصيح مجلجلاً فيهم أفيقوا |
فإني ههنا، يا أغبياءُ |
فلا تحميكمو مني دروع |
وذلَّت تحت بأسي الكبرياءُ |
* * * |
ولكن في حصيد الداء منا، |
إلهي، صالحون وأبرياءُ |
فيا ربَّ الأنام أغث عباداً |
لهم بعميم رحمتك احتماءُ |
وأَرشِدْ علمَهم، فلعلَّ يوماً |
به للعلم نصرٌ وازدهاءُ |
تذاع به البشائر والتهاني |
بأَنْ: عن سرّه كُشف الغطاءُ |