شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
د- الفرق بين فصاحته (صلى الله عليه وسلم) وفصاحة غيره من الفصحاء:
يقول "الرافعي" عن الفرق بين فصاحة النبي (صلى الله عليه وسلم) وفصاحة غيره من الفصحاء:
"إن محاسن هذا الباب في النبي طبيعية... لأنها عن أسباب طبيعية... وليس إحكام الأداء وروعة الفصاحة، وعذوبة المنطق، وسلاسة النظم إلا صفات كانت فيه (صلى الله عليه وسلم) عند أسبابها الطبيعية.. لم يتكلف لها عملاً ولا ارتاض من أجلها رياضة بل خلق مستكمل الأداة فيها، ونشأ موفر الأسباب عليها، كأنه صورة تامة من الطبيعة العربية، ولا تمنع أن يكون من فصحاء العرب من يشاركه فيها أو في بعضها، فإنها مظاهر للكلام لا غير، وإنما الشأن الذي انفرد به (صلى الله عليه وسلم) أنه منزه عن النقص الذي يعتري الفصحاء من جهتها أحياناً كثيرة وقليلة، لأنها طبيعة فيه، ولأن من ورائها تلك النفس العظيمة الكاملة التي غلبت على كل أثر إنساني يصدر عنها، هذا فرق ما بينه (صلى الله عليه وسلم) وبين الفصحاء من جهة إحكام المنطق وامتلائه، فإن أحدهم يكون مهيئاً لذلك من أصل الخلقة وطبيعة النشأة - بيد أن طباعه لا تتوافى إليه في كل منطق وفي كل عبارة، بل ربما غلبت خصلة على أختها، وربما تخاذلت طبيعة من طباعه، وربما اضطربت نفسه في حالة من الأحوال، أو تراجع طبعه لسبب من الأسباب، فيضطرب كلامه، ويضطرب كذلك منطقه، وربما نطق فأبان واستحكم، حتى إذا مر في الكلام أو استفرغت الإطالة مجهوده ونزحت مادته، ورأيته يتعثر ويتهافت، ورأيت منطقه وقد صرف عن وجهه واختلط وتهالك من الضعف" (1) .
إن "الرافعي" في النص السابق يحدد الفرق بين فصاحة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وفصاحة غيره من الفصحاء، بامتناع الرسول عن النقص الذي يعتري الفصحاء، هذا الامتناع عن النقص ما هو إلا اطراد التوازن التام عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والذي أشرت إليه قبل بأنه من المستوى الخاص وقد عبر عن ذلك الاطراد بأنه طبيعي فيه، ولأن من ورائه تلك النفس العظيمة الكاملة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :519  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 64 من 86
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.