طالَ البَلاءُ وعِيلَ صَبْرُ المُبْتَلي |
أوَ كُلمَا أفْرَغْتُ صَدْريَ يَمْتلي |
حَرْبُ الحِجارِ طَويلةٌ، لكنَّني |
مُتَشَبّتٌ فيها كَيوْمي الأَوّلِ |
ما زِلْتُ أومنُ أنَّها دَرْبي إلى |
حُرّيَتي، ورَجايَ للمُسْتَقْبَلِ |
صارَتْ طَعامي السِّرْمَـديَّ ومَشرَبـي |
مَنْ يَستطيعُ العَيْـشَ إنْ لَـمْ يأْكُـلِ؟ |
زَحْزَحْتُ طَيْفَ النَّوْم عَنْ جَفْـني بهـا |
وقَصَمْتُ ظَهْر العَنْجَهيّ المُبْطِلِ |
يا مَنْ يقولُ له مَقالةَ ناصِحٍ |
فَلْيَخْتَرِ الطُوفانِ أو فَلْيَرْحَلِ |
مَهْما تَدَجَّج بالسِلاحِ فَفَجْرُهُ |
لا لَنْ يَلوحَ، ولَيْلُه لَنْ يَنْجَلي |
وإذا غَلا في دَعْمِهِ أعْوانُه |
فأنا عَلَيْه كالقَضاءِ المُنْزَلِ |
إنْ نامَ كُنْتُ بحُلْمِهِ حَجَراً وإنْ |
يَشْرَبْ أكُنْ صَابـاً يُشـابُ بحَنْظَـلِ |
هذي بلادي لا أُبَدّلُ حَفَنَةً |
مِنْ رَمْلِهـا الغالـي بثَـرْوة "هِرْقِـلِ" |
عاثَ الدَّخيـلُ-ولم يَـزَلْ- بِتُراثِهـا |
وَجَنَى عَلَيْه كأنَّه لَمْ يَفْعَل |
عايَشْتُ كل مُشَرَّدٍ في ظِلِّها |
وفَتَحْتُها بَيْتاً لكُلِّ مُؤمِّل |
لَمْ تَحْنِ إلا للإله جَناحَها |
تَبْنِي النُسورُ وُكورَهـا فـي الكَرْمـلِ |
جَبَلٌ تَقَدَّسَ تُرْبةً وحِجارةً |
وسَما مَقاماً للسِماكِ الأعْزَلِ |
إنْ لَمْ يَكُـنْ أعَلـى الجبـالِ، فإنَّـه |
في مَذْهَبِ الأحرار أعلَى مَوْئِلِ |
لا يستطيلُ عَلَيْهِ طَوْدٌ شامِخٌ |
جُنْحُ الحَمامة غَيْـرُ جُنْـحِ الأجْـدَلِ |
يا واغلينَ علـى بـلادي لَـنْ تَـرَوا |
منَّي سِوى المُتَقَحّمِ المُسْتَقْتَل |
روحي فِدى وَطَني وما مَلَكَـتْ يَـدي |
هو كَعْبـتي عِنْـدَ الصـلاة وهَيْكلـي |
فيه وُلِدْتُ وماتَ فيه والدي |
وعلى خَرائبِكم سأبْني مَنْزِلي |
قُلْنا نُسالِمُكم ونَحْيا أخْوةً |
فوَضَعْتُمونا في الحَضيض الأسْفَلِ |
قَسَّمْتُمُ الدُّنيا: فأنتم زُبْدةٌ |
وبَقيةُ الدنيا قُلامة أنْمُلِ |
شُكْراً لَكُمْ فَقَد اكْتَشَفْنا أنَّنا |
لَنْ نَلْتَقي-لِضَلالكـم- فـي مَحْفَـلِ |
العُنْصُريّة باعَدَت ما بيننا |
يا لَيْتَ (لَمْ نَعْقِلْ ولم نَتَوكَّلِ) |
مَنْ لَمْ يبادِىء بالأذاة قَريبَه |
فهْوَ القَريبُ إلـى الطَريـق الأفْضَـلِ |
أَوْغَرْتُمُ صَدْري، ولولا غَدْرُكُمْ |
لَمْ يَحْتَدِمْ غَضَبيِ ولَمْ أتَمَلْمَلِ |
غَيْرُ الحجارةِ لَيْـسَ لـي مِـنْ عُـدّة |
ألقَى بها زَحْـفَ الخَميـس الجَحْفَـل |
وحَلَفْتُ أنِّي لَنْ أردَّ حِجارتي |
حتى أفُضَّ بها نُيوبَ الهَيْطَلِ |
عَلَّقتُ أمالي على عُقَلائكم |
فوجَدْتُ نَفْسي في مَعِيّةِ جُهَّل |
أنا لا أسُومُكُمُ مكارِمَ حاتَمٍ |
لكنْ أذكّركُم وفاءَ سَمَوألِ |
* * * |
يا إخْوتَي في الجُرْح لا تَتَخاذلوا |
مَنْ ليسَ يَخْـذُلُ نَفْسَـه لَـمْ يُخْـذَلِ |
مَهْما تَجَهَّمَـتِ السَّمـاءُ ففـي غَـدٍ |
لا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ أغرَّ مُحَجّل |
إنْ لَمْ نُعيّدْ نَحْنُ لاستقلالنا |
فالنَصْرُ مَعْقودٌ لجيلٍ مُقْبِلِ |
حَقْلي سأزْرَعُه ليَجْنِي خَيْرَهُ |
مَنْ سَوْفَ يَزْرَعُهُ لِيَجْنِـيَ مَـنْ يَلِـي |