لبس البياض على السواد إزارا |
كالليل في ثوب الصباح توارى |
ومضى يسبح ربه مترنماً |
ويزيل عن مرآته الأكدارا |
ويسنن المغلول من أدوائه |
ويشد من كرسيه ما انهارا |
تخذ القناعة في الحياة شعاره |
أنعم به للمؤمنين شعارا! |
لم يغره زهو الغنى وبريقه |
ساء الغنى إن قيد الأحرارا |
فليزحفن إلى الحطام عبيده |
وليتركوا من حظه ما اختارا |
وليبتنوا لهم القصور منيفةً |
وليضربوا من حولها الأسوارا |
وليفرشوها سندساً وطنافساً |
وليرصفوها فضةً ونضارا |
هيهات يحسدهم! فمـا عرفـوا علـى |
مـا يملكـون هنـاً ولا اسـتقـرارا |
هاموا وراء الترهات فشوهوا |
معنى الحياة وضيعوا الأعمارا |
هيهات يحسدهم! فإن طريقه |
أهدى وأبعد غايةً وقراراً |
يا مـن يمـن علـى الأنـام بأصلـه |
ويجر ذيل الكبرياء فخارا |
طأطىءْ لدى الحلاق رأسـك خاشعـاً |
والجم غرورك هيبةً ووقارا |
هذا الـذي لا حـول يدفـع دونـه |
كيد الزمان وريبه الغدارا |
هذا الذي يعدو وراء رغيفه |
أبداً ويبحث عنه ليل نهارا |
دانت لسطوتـه الشـوارب واللحـى |
فجنى عليها واستبد وجارا |
وحنى له الجبار شامخ أنفه |
فطغى عليه شامخاً جبارا |
يا من تسـاوى النـاس فـي قانونـه |
وتشابهوا في ظله أقدارا |
لا يستبد كبيرهم بصغيرهم |
مهما استطال ولا يبيح جوارا |
قل للذي ساس النفـوس فمـا رعـى |
حق الضعيف ولا أقل عثارا |
خذ عن أخيك – وما أخـوك بخـادعٍ |
عظة الحياة ودرسها المختارا |
العدل قاعـدة القضـاء فـإن وهـى |
وهن البناء دعامةً وجدارا |
فاحذر أساليب الغواية، إنها |
خطرٌ يجر وراءه أخطارا |
واكبح جماح النفـس عـن شهواتهـا |
يكفيك بعض فضائها مضمارا |
واقمع غـرور الأصدقـاء ولا تخـف |
في الحق أعداءً ولا أنصارا |
من سار في ألق النهار ونوره |
أمن الهوى والشوك والأحجارا |
* * * |
يا نـدوة الحـلاق لا حـام الأسـى |
يوماً عليك ولا خبوت منارا! |
فيضي على ليل الحياة طلاقةً |
وندىً على صحرائها مدرارا |
سبحان من ولاك أعناق الورى |
وأجل قدرك للنفوس مزارا! |
يرتادك الشيخ الجليل تكمشت |
قسماته وتجهمت إنذارا |
فيعود منك وقد تنضر وجهه |
وتألقتْ وجناته استبشارا |
ويجيئك الغض الطريـر اخضوضـرت |
أحلامه وتفتحت أزرارا |
فتؤنقين بهاءه ورواءه |
وتضاعفين رجاءه اخضيضارا |
* * * |
يا نََـدْوةَ الحَـلاَّقِ هـا أنـا فاعْبَثـي |
ما شِئْتِ في ذَقْني وروّي الثَارا |
حَطَّمْتُ دونَك كِبْريائي راضياً |
وقَلَمْتُ في مِحْرابِك الأظْفارا |